Tuesday 20th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 4 محرم


نوافذ
أمنا الغولة

البيروقراطية هي أنثى (الروتين)، انثاه الأريبة الشرسة ، والتي تغرز مخالبها في البنى التحتية لمؤسسات دول العالم النامي، فتعيقها عن التشكل والتطور بشكل يتواءم مع الصيرورة المتغيرة للحياة ، وبالتالي تتغير القرارات والانظمة التي وجدت في الاساس بغرض سعادة وخدمة الافراد ، لتتحول الى سجون صغيرة مهلكة ومانعة عن الحياة.
انتهيت من قراءة كتاب (حياة في الادارة) ل د, غازي القصيبي، وما برح الرماد الذي ملأ الصفحات الاخيرة يعشو عيني، ذلك الرماد الذي يلي المعارك الكبرى والمهلكة.
والجميل في هذا الكتاب الممتع ان المؤلف الذي كان ينقل تجربته الادارية في دولة نامية ، كان يعي هذه الغولة التي تسمى (البيروقراطية) منذ البداية، وكان يشعر بعينها المترصدة له ولتحركاته، وشباكها التي تنصبها في دربه الواحدة تلو الاخرى.
وهو ان كان قد خاتلها مرة وراوغها مرارا الى انها التقمته في النهاية، ليكتشف أن سيفه الذي كان يمتشقه، شديد الشبه بسيف (دون كيشوت) الذي صارع طواحين الهواء ظانا انها مردة وغيلان.
البعض يشكو من نبرة (الأنا) المرتفعة في صفحات الكتاب، لكنني شديدة الاحترام لكتاب رصد وتتبع تجربة شخصية، هذه التجربة نقلت لنا الكثير من الغامض والمجهول وغير المفسر لمرحلة مهمة وحيوية من تاريخ المنطقة.
وبرأيي ان هذا الكتاب بحد ذاته- هو طلقة اخيرة من بندقية محارب شجاع وقديم، استهدفت كبد البيروقراطية.
فعملية الكشف والتوضيح لكثير من مواضع الفساد والتسيب الاداري ، وكيف ان الامور كانت تسير كما يقال (بالبركة) في معظم الاحيان، واهمية العمل والانضباط لم يكن في جدول اولويات الكثير من الموظفين.
ووهج الكرسي ولوثته التي تجعل مع الوقت من يجلس عليه جنديا انتحاريا ينافح عن موقعه فوق هذا المقعد، مع قلة اكتراث بالمهمة الاولى والتي من اجلها اعتلى هذا المقعد,, كتاب حياة في الادارة هو السهم الناري الاخير الذي انطلق من كنانة ذلك المحارب الشجاع الذي استبسل في تحدي أمنا الغولة.
لكنها هزمته
كتاب جدير بالقراءة
أميمة الخميس

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
القوى العاملة
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved