عمره اربع سنوات ولكنه يحفظ جدول الضرب كاملاً، يحفظ جزءاً كبيراً من القرآن الكريم لا يستطيع طفل في عمره ان يحفظه تبدو لديه قدرة على الربط والاستنتاج والتحليل,, معلمته معجبة بتفكيره كثيراً فهو يستبق ما يجب ان يدلل اليه في الدرس,, لقد كان ملفتا للنظر من الناحية العقلية لديه الا انه اندرج تحت التعليم العادي فدخل المرحلة الابتدائية الا انه اصبح طفلا مشاغبا لا ينتبه للدرس يعبث بكل ما حوله لا يهتم بكلام المعلم، ولا لشرحه ولكن الغريب هنا هو ان ما يكمن خلف هذه السلوكيات السلبية هو عامل ايجابي,, وهو ان هذا الطفل (موهوب),, ومثل هؤلاء الاطفال لا بد من تمييزهم عن العاديين فنحن دائماً نتحدث عن الاطفال غير العاديين من المتخلفين وضعاف العقول ونولي اهتمامنا بهم وهم طبعاً في امس الحاجة الى الاهتمام والحرص ولكن في المقابل هناك فئة اخرى تحتاج الى عناية وتحتاج حقيقة الى ان يلتفت لها المسؤولون في التعليم وهي فئة الموهوبين فلا احد يتخيل اطلاقاً سلبية نتائح هذه المشكلة لاننا دائماً نعتقد ان ترك المتخلف دون عناية امر يدمر حياته ولكن ترك الموهوب امر عادي لانه لن ينتج اي ضرر ونظن انه يمكنه الانسجام داخل التعليم العادي ولكن الواقع غير ذلك فيما يخص الموهوب!! فقد تتحول كل تلك الطاقات الابداعية الى وجهة سلبية ويصبح الابداع والموهبة طريقاً للانحراف بسبب تحول الذكاء الى وجهة غير صحيحة لأن المواد العادية لا تعتبر بالدرجة التي تستثير عقله وتفكيره فهو يشعر تجاهها بالملل لانها امور اقل من ان تجذبه او تثير ذهنه!!.
لذلك على المجتمع ان يتفهم وضع الموهوب فيه وفي المقابل فان على الجهات التعليمية المختصة النظر في اهمية وضع برامج للموهوبين والمتفوقين على ان تقرر هذه البرامج في مدارس العاديين بمعنى ان توضع فصول داخل المدارس العادية او بعض المدارس العادية للتعامل مع هذه الفئات البسيطة وذلك طبعاً بايجاد اخصائيات تفوق وابتكار لاكتشاف هذه الموهبة ودعمها ووضع الانشطة المميزة الخاصة بها ومن ثم تضيف هؤلاء الأفراد الى فصول الموهوبين (غير العاديين) او تحويلهم الى مركز رعاية الموهوبين والمتوفقين اما ترك هذه الفئة تندرج مع الفئة العادية فهذا طبعاً خطأ كبير جداً له سلبياته الواضحة والمباشرة على المجتمع وعلى تطوره ونهضته ورقيه خاصة عندما يفقد المجتمع هؤلاء المحركين الذين يثرون اوطانهم بافكارهم وتطلعاتهم وابتكاراتهم.
والأمر لا يتعلق فقط بالمدرسة بل هو يبدأ وينطلق من المنزل والوالدين هما اللذان يستطيعان ان يميزان الطفل العادي والطفل المتفوق عن طريق تفوقه في بعض الأعمال البسيطة التي لا يستطيع الطفل العادي انجازها فهنا يجب الا يقف الوالدان مكتوفي الايدي وانما لا بد وان يوليا كل اهتمامهما لهذا الموضوع بدعمه وتشجيعه ومحاولة ادخال انشطة حديثة ومتجددة للطفل وذاك لادخال عقله في تحدٍ وهذا التحدي انما يجعله يستثار ويتفاعل الامر الذي ينمي قدراته العقلية ويزيدها.
اذاً فالدور لا يقتصر على جهة واحدة وانما هو دور مشترك بين المدرسة (ان كانت قد وفرت اخصائية تفوق وابتكار) وبين الأسرة التي لا بد ان تنتبه لهذه البذرة المعطاءة وبين المجتمع الذي لا بد وان يشعر هذا الموهوب بمدى حاجة الجماعة بل البشرية جمعاء لافكاره وعقليته.
ولهذا فاننا باذن الله سنكون مجتمعاً يصنع ويبتكر ويجدد ويعالج ولن يتلقى لانه سيصبح بالموهوبين بعد ارادة الله عز وجل محطاً لتظاهر العقول النيّرة التي تشع نوراً ومن منطلق ايمانها ترسخ اسس التكنولوجيا الحديثة,, فلم لا نعمل ليكون مجتمعنا هو الافضل دائماً؟.
نجلاء أحمد السويل