Tuesday 27th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 11 محرم


شمس ونار وثلج
شعر

- 1 -
أذيبيني,.
أيا شمساً
وغوصي في حنايا القلب
وامتشقي,,.
وزيديني,.
فإن الشوق يلهبني
وهذا البحر يغرقني
وضميني,.
الى بدريكِ
وانسحقي,,.
وسيري بين أروقتي
فإن البعد يضنيني
وهذا الفجر يغريني
- 2 -
أذيبيني,.
وذوبي فوق أشرعتي
فليل البرد معتصرٌ
وذا مرجٌ يناغيني
أذيبيني,.
كمثل قصيدة خرساء
تاهت في عناويني.
اذيبيني,.
كأغنية كفل او كنسرين
كهذا الاحمر الوهاج
يسري في أفانيني
اذيبيني,.
على شفتيك وارتحلي
وهاتي الصمت واحتجبي
فإن الثلج مرتحل
وهذا الجمر يكويني
- 3 -
اذيبيني,,.
أيا ناراً,, كمثل الشمع
واسقيني,.
وصوغيني تماثيلاً
واشكالاً مجوفة
من الصلصال والطين
وصوغي من دمي تحفاً
والماساً مرصعة
تدلت بين فجرين
واحجاراً مزمجرة
تقاتل في فلسطين
وانهاراً بكل الحب
تجري في شراييني
- 4 -
أذيبيني,,.
فأنت الشمس ساطعة
وإني في صقيع العمر
في ردهات تشرينِ
واني في انتظار الصيف
في صمت البراكينِ
حسن الصلهبي
جازان

***
** تجربة حسن الصلهبي (شمس ونار وثلج) تبدأ وتنتهي بكلمتها الاولى بذلك النداء اذيبيني ويتبقى جسد القصيدة استعراضاً بفرحة القبول والاذعان لتبديات تلك الاذابة، فمرة تذيبه شمساً لا يخشى وهجها بل يتمناه ومرة تذيبه ناراً لا يخشى ان يصطلي بها حتى وان اعادت صياغته اشكالاً وتعاويذ فالغناء لايعود موتاً وتلاشيا ولكنه بعث جديد يتمناه ويمتلىء به.
لو توقفنا هنا لكان هذا الكلام ظالما للقصيدة على الرغم من ان التجربة فيها تبدو سكونية بدورانها كلها حول محور موقف واحد هو ذلك النداء والدعوة الى اذابته فان في القصيدة حركة دينامية تتشكل على محورين الاول هو تلك الدوائر التي تغلق كل منها نفسها على صورة من صور تلك الاذابة، دائرة اولى شمس تنتهي حركتها في اذابته الى دفع باشراقة فجر جديد,, الدائرة الثانية يراها فيها بقوة اشد من قوة الشمس تذيبه وتذوب معه وتنتهي عند وهاتي الصمت وارتحلي ذلك الصمت الذي يمكن ان يشكل وجودا ابهى من بعثرة العناوين في القصيدة، ودائرة ثالثة هي تبدأ بقوة جوهر النار (النيران) في كل اشتعال التي ان اذابته تولدت منه تلك الاشكال البهية، ليعود في الرابعة الى الدائرة الاولى مرة اخرى مقدماً مبررات اضافية لدعوته.
والمحور الثاني: حركة داخلية تنتقل في ثنايا كل مقطع الى ثنايا او حول تجربة الشاعر وانما كل دائرة على حدة تضج بحركتها الخاصة المؤكدة على معنى الفناء الايجابي المفضي الى ولادة جديدة.
للحظة تبدو القصيدة باحتكامها حول تلك الدعوة الذاتية للشاعر غنائية عذبة وللحظة تالية تبدأ تلك الغنائية في التكشف عن درامية فاعلة في حركة القصيدة يسند هذا كله رصانة الكلمة الشاعرة وعذوبة الموسيقى بوضوحها المجلجل رغم هدوئه.
هذه تجربة جيدة والذي لا شك فيه ان خروج الشاعر من هموم الذات سيعمل على جلاء تجربته كشاعر يمتلك صوتاً خاصاً.
ولنتأمل القصيدة مرة اخرى: هل يمكن ان يكون هناك اعذب من هذه الدعوة دعوة يوجهها انسان الى من يتعلق بها قلبه؟
,, اي حبيبة تلك؟.
لنضع الأرض/ الوطن موضع الحبيبة ونعيد قراءة القصيدة لنكتشف اننا ازاء اغنية بالغة العذوبة الى تلك الارض التي اتخذت في دمه وكل خلاياه موقع الغالية التي يتعلق بها قلب رجل,,
لا شك ان هذه قيمة اضافية في القصيدة في انفتاحها على هذين البعدين.
شكرا لصديق الصفحة حسن الصلهبي ونرجو ان يتواصل معنا بمثل هذه القصيدة الرائعة.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
القوى العاملة
عزيزتي
الرياضية
استطلاع
مدارات شعبية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved