Tuesday 27th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 11 محرم


مقال
العودة إلى هاجس الحداثة

* موضوع الحداثة من أكثر الموضوعات التي تستأثر باهتمام المثقفين والمتابعين للحركة الأدبية,, بل هو من الموضوعات الأثيرة في الأوساط الأدبية العربية كلها, وهو موضوع جدير بالاهتمام,, ولا بد من مناقشته وتفسيرة,,!
اذ لا بد ان نقرب للأذهان مفهوم الحداثة وأبعادها، فالحداثة هاجس الشباب في كل عصر من العصور,, لذلك من الخطأ أن نعتبر الحداثة مفهوما جديدا,, أو نمطا فكريا حديثا أفرزته الحركة الأدبية الحديثة,, لأن الحداثة أصيلة,, توجد في كل عصر!! وعلى أيدي الشباب دائما.
* * التجديد سمة كل عصر,, والحداثة روح هذا التجديد,, بل هو غايته لكي نبعث الحركة في الجماد,, ونحدث في تجمده وصمته شيئا من الحيوية التي لا نلمسها ولكن نستشعرها, لا بد أن نلجأ للتغيير فالصخرة التي تعاقبنا على توارثها من جيل الى جيل تختلف حركة التغيير فيها من زمن حاضر الى آخر مستقبل, ذلك التغيير الذي يحيل جمود الصخرة الى حركة,, الى ما يمكن ان يعتبر حركة بفعل التجديد او التغيير, وهذا التغيير الحركي هو ما تريده فكرة الحداثة الذين يرفضون التغيير وفكرة الحداثة هم الذين يريدون ان تبقى الصخرة في وضعها ثابتة في مكانها دون ان نُحدث في هيكلها وتكوينها أي تغيير,, تبقى شاهدا كأطلال الماضي التي ورثناها.
* * الظاهرة المهمة في حداثة الحديث أنه يلتمس الجدة, وقد يعتبر بدعة وابتكارا فهو كذلك,, لأن فكرة الحداثة تقوم على الابتداع والإبداع, فن المسرح والرواية المعاصرة فن لم تنقطع صلته بالتراث القديم,, لأن الروائيين والمسرحيين لجأوا الى التغيير او التحديث وفي نواياهم إثبات تفردهم وذاتيتهم المتوحدة في اشكال وألوان الفكر الذي يبدعونه, ان الحداثة مهما كانت اتجاهاتها وتوجهاتها لا بدّ أن تنطلق من عمق التراث,, ولا تنشأ بعيدا عنه او بالتنكر له.
* * أحد معارضي فكرة الحداثة,, يرفض الغموض فيها,, ولغة الأحلام المعاصرة,, التي تقلب موازين الأشياء في قالب غريب غامض,, يفرق في الرمز واللاوعي,, ووجه الاعتراض أن الغموض لا يمكن ان يفسر بالغموض الذي يلجأ اليه أصحاب الحداثة,, وإنما يفسر بأدب مضيء واضح لا التواء فيه ولا غرابة,, لأن الغموض لا يمكن ان يحقق الصدق الفني الذي يسعى اليه كل أديب وان الغموض يمثل أهم سمات الحداثة وان أنماط الأدب الحديث بما في ذلك القصة والشعر يبحث اصحابها عن الغرابة, لان العصر الذي نعيش فيه عصر الحيرة والقلق,, عصر التأزم الذي يجبر المفكر الحديث لكي يتوغل في ذاتيته ويعمق التفكير في العالم الذي من حوله.
* * لكل عصر سماته الثقافية والحضارية,, وأنماط تفكيره المتميزة,, وعملية التغيير عملية حتمية تقتضيها الظروف,, فما نعيشه اليوم من واقع فكري وحضاري, انتقلت اليه حياتنا المعاصرة,, يختلف تماما عن واقع الأمس الذي عاشه من كانوا قبلنا,, وهو مختلف جدا عن الأمس البعيد, لأن القضايا تختلف والأفكار تختلف ايضا, ومن شأن كل جيل ان يستحدث فكرة معاصرة,, ولغة معاصرة واتجاهات فكرية معاصرة تستوعب همومه وتطلعاته! إلا ان ذلك لا بد أن يكون محكوما بالوعي, فلا نندفع نحو الحداثة وننغمس فيها لنذيب فيها شخصيتنا الثقافية فنغرق في العبث واللامعقول.
إبراهيم محمد الجبر
ثرمداء

***
* * العودة الى هاجس الحداثة مجمله خطاب واع يمتلك الأدوات والخلفية الثقافية بعمق يقارب بين النص وملامسة وجدان القارىء بإصرار كبير لايصال ما يود قوله.
(ابراهيم) أنت مشروع كاتب قادم بقوة، متمكن يعوزك الإلمام الجذري بما تطرحه، فكما يبدو من نص الحداثة أردت ان تقول: ان الحداثة مطلب ضروري في حياتنا بانماطها المختلفة، وعدت الى الاشارة الى ان الحداثة لا بد ان تنطلق من عمق التراث، وهنا يمكنني أن أشير الى ملاحظة وهي ان هناك فارقا بين الانطلاق من عمق الشيء كقاعدة وبين تطويعه بما يتناسب مع العصر كموضوع الحداثة.
ايضا حاول ان تتجاوز طرح رأي أو فكرة ومن ثم مناقضتها لأن ذلك يخل بالنص أسلوبا ومضمونا، تعرّف الى الاتجاه الذي تود أن ترجح وبالتالي تناول ما تريد الافصاح عنه بلغة واثقة وتوجه واثق للخلوص الى صيغة مقنعة لما تطرحه, وضع امامك نقطة هامة وهي ان المتلقي القارىء لا يتساءل كيف عبر الكاتب، بل يعنيه في المقام الأول ماذا يريد ان يعبر عنه؟ وما أثره بعد ذلك.
عموما نصك ذكرني بمقولة ل(طه حسين) تقول (نحن نختصم في الجديد والقديم ونسرف في الخصومة) لذلك حاول ان توجه هاجسك عن الحداثة مثلا كمسمى للإبداع التجديدي الى الابداع ذاته كالقصة مثلا بمعنى ان تمسك بالمضمون كغاية وهدف وتدع الأطر والوسائل بعيدا عن اجترارها, فلتبدأ الآن ويقيني ان لديك القدرة على الإبداع بشكل أكثر مغايرة,, فقط أبحث عما تريد بكثير من الوضوح والغائية.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
القوى العاملة
عزيزتي
الرياضية
استطلاع
مدارات شعبية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved