في حوار ملتهب ومثير قارئة تتساءل: لماذا يكون هناك نقد؟! د, البازعي: الكذب الإبداعي ليس من قبل التزييف! الخاطرة تتحول أحياناً الى أدب متميز! |
قبل ان يبدأ الحوار قال لي د, سعد البازعي الناقد والأكاديمي البارز: إن هذه خطوة جريئة لم نر قبلها في الصفحات الثقافية وإن كنا قد رأيناها في الصفحات الفنية والرياضية.
وبعد ان انتهى الحوار أشاد د, البازعي بنوعية الأسئلة التي طرحها القراء ووصف بعضها بالأسئلة المتميزة جدا.
اما ما حدث ما بين البداية والنهاية فهي هذه الأسئلة والمداخلات التي ننشر الجزء الأول منها,, على أن ننشر الجزء الثاني والأخير يوم الجمعة القادم بإذن الله.
* السؤال الأول كان من القارئة صدى الذكريات: ما رأيك في الصفحات الثقافية؟
د, البازعي: الصفحات الثقافية كثيرة ومتفاوتة المستوى ويصعب ان أجمل رأيي في هذا الوقت الضيق.
* أعني صفحات العطاءات الواعدة بالجزيرة ؟
د, البازعي: اعتقد أنها جيدة بشكل عام وخاصة أنها تتيح الفرصة للمواهب الشابة للتعبير عن نفسها، ومن خلال متابعتي البسيطة للصفحة ارى انها تقوم بدور جيد في رعاية المواهب الشابة.
* أسئلة من القارئة البندري الدغيلبي:
بعض الذين يكتبون في صفحات العطاءات الواعدة تنشأ لديهم الرغبة في الكتابة في مرحلة معينة من العمر عندما تكون لديهم العواطف والمشاعرة متقدة ولكن بعد فترة تختفي كتاباتهم لتلاشي العواطف لديهم,, لماذا؟!
د, البازعي: أتفق معك في هذا تماما، لأنه تمر بالإنسان في هذه المرحلة من العمر (المراهقة) حالات يكون فيها راغبا عن التعبير أدبيا عن مشاعره,, ولو استمر لكان كاتبا او شاعرا بمستوى معين، ولكنه يختفي مع تلاشي العواطف التي أدت الى الكتابة في الأساس، وأنا اعتقد أن الكتابة الحقيقية تنشأ من رغبة في المعرفة وما لم تكن هناك روافد ثقافية تدعم مشروع الكتابة فإنه في الغالب يتوقف المشروع، ولذلك فإن الكتابة التي تعتمد على العاطفة سرعان ما تتوقف.
* ولكن التعليقات النقدية التي تنشر حول كتاباتهم تقوض عزائمهم بالاطراء؟!
د, البازعي: يفترض ان الملاحظات النقدية تساعدهم على اكتشاف مكامن قوتهم وضعفهم، وافترض أنهم يتجاوزون ما يقال لهم في هذه المرحلة,.
* التجاوز على ماذا يعتمد؟
د, البازعي: على صقل الموهبة بالقراءة في الكتب.
* الكتب كثيرة ومتنوعة؟
د, البازعي: أعني كتب الثقافة العامة ونصيحتي للكتاب والكاتبات الذين يكتبون في صفحات العطاءات الواعدة ألا يقرأوا في الأدب فقط وأن يعودوا أنفسهم على قراءة الأعمال الأدبية الجادة مثل المقالات التي تجمع بين الأسلوب واللغة والأفكار مثل كتب العقاد وتوفيق الحكيم وهذا كمثال وليس حصرا.
* سؤال من القارئة هلا محمد: ما الفرق بين الخاطرة والمقالة؟!
د, البازعي: الخاطرة تعبير سريع وشعور مؤقت,, أما المقالة فهي عمل متماسك منظم في تعبيره ومتعمق قليلا وأكثر تنظيما.
* هل للخاطرة قيمة أدبية؟
د, البازعي: الخاطرة تتحول في بعض الأحيان الى أدب متميز,, فمثلا خليل جبران كتب خواطر أدبية,, ولدى كتاب العالم نصوص من هذا النوع,, وطبعا يتفاوت مستوى الخاطرة بين كاتب وآخر.
(قراءات نقدية)
* سؤال من القارئة نهلة السعد: ماذا قدم د, سعد البازعي من قراءات نقدية للمبدعين المحليين؟
ولماذا يتردد في الكتابة عن المواهب الشابة؟ وهل يمكن أن تحظى صفحات العطاءات الواعدة بعطائك النقدي,, وهل هذا يسيء لك؟
د, البازعي: أعترف بأن الحركة النقدية في المملكة مقصرة في حق الناشئة وهناك تفاوت بين النقاد والمهتمين في الاقتراب من هذه المواهب، وشخصيا حاولت أن اقترب من المواهب وليس الناشئة وعلى مستوى جيل أصغر مني بمراحل وقد ظهر ذلك في كتابي (إحالات القصيدة) وهو محاولة للاقتراب من الجيل الجديد، وقد رأى آخرون أن هذا مسعى جميل للتواصل.
اما بالنسبة للناشئة فليس من السهل التعامل دراسيا في الأعمال التي ينشرونها ولكن يمكن تناولها مثل ما نفعله اليوم,.
ومن الصعب ان نطلب من ناقد قراءة الصفحة بشكل دوري وإعطاء انطباع معين عنها وذلك لكثرتها وللتفاوت الشديد في جودتها.
* هل ننتظر قراءة نقدية قريبا في صفحة العطاءات الواعدة؟
د, البازعي: إن شاء الله,, ومن حيث المبدأ أنا على استعداد,, وسوف اتفق مع المحرر المسؤول عن كيفية هذه المشاركة.
* سؤال من القارىء حسن الصلهبي: بعض المواهب الشابة عندما يكتبون القصة يتفاعلون مع أبطال قصصهم في الكتابة، ويعتقد القارىء معها أن بطل القصة هو نفس الكاتب,, الى ماذ تعزو هذا الخلط في الفهم؟!
د, البازعي: هذا ناتج عن نوع من أنواع عدم التميز بين النص والكاتب، ففي معظم الأحيان يكون لا علاقة بين الكاتب والنص وهناك اتجاه في النقد يرى انه من الضروري قراءة العمل في سياق الكاتب نفسه مثل كتب السيرة الذاتية,, ولكنك بلا شك لا تقصد ذلك! بل تقصد أن المبدع عندما يكتب القصيدة ويظهر فيها نفسه يعتقد القارىء معها أن القصيدة هي واقع شخصي للشاعر,, وهذه مسألة شائكة لأنه من الصعب رسم الحدود في معظم الأحيان ويصعب التمييز بين النص والكاتب والخطأ يكمن في المزج بين ما هو شخصي وما هو إبداعي,, لأن الكاتب يتقمص دورا معينا او يوظف اللغة الأدبية على نحو يبتعد عمّا هو مباشر وذاتيته,, وعلى الناقد ان ينحدر من سرعة مطابقة شخوص العمل مع المبدع نفسه.
الكذب الإبداعي
* سؤال من القارىء ابراهيم حسن: اذا كان الكذب أخلاقيا مذموم فكيف يأتي القبول بالكذب الإبداعي؟
د, البازعي: الكذب الإبداعي ليس من قبل التزييف، فالكذب الفني نوع من توظيف الخيال لتجاوز الواقع وليس لإلغائه وتسميته كذبا من قبيل توضيح الجانب الوهمي في العمل الإبداعي ولا يجب ان ينظر اليه اخلاقيا، ويجب ان نقبل به كعمل إبداعي.
* أسئلة من القارئة ملكة الليل: لماذا يكون هناك نقد,, لِمَ لا يترك للمبدع أن يعبر عن ذاته وقضاياه دون تثبيط أو تضخيم لمنجزه الإبداعي؟
د, البازعي: إن النقد ليس بالضرورة عليه تضخيم او تثبيط المنجز الابداعي وإنما هو تواصل حميم مع النص وقد يكون مبدعا في حد ذاته ويحاول ان يتبين جماليات النص من ناحية، ودلالاته من ناحية أخرى.
* هل سيحمل النقد الابداع الى صميم الأزمة التي يعاني منها النقد العربي بشكل عام؟ بمعنى هل سيصنع النقد النخبوي الفاشل إبداعا متميزا؟!
د, البازعي: لا أعتقد أن النقد قادر على صنع الإبداع ولكنه يستطيع ان يقدم له بعض العون في الوقت الذي يسهم فيه في توسيع رقعة التواصل مع ذلك الإبداع, أما بالنسبة للأزمة التي يعاني منها النقد العربي فهي أزمة يعاني منها الإبداع أيضا وهي في جوهرها أزمة ثقافية تنسحب على الإبداع مثلما هي تنسحب على النقد وغيرهما.
* العطاءات الواعدة في كل الصحف العربية لا يؤخذ ابداعهم بشكل جاد,, لذا تنطفىء الكثير من المواهب دون أن يتنبه لها المجتمع,, لماذا؟
د, البازعي: هذا وضع مؤسف اذا كان هذا هو الحاصل، ولكن المسؤولية تنصبُّ على المبدع نفسه فلا ينبغي له ان ينتظر أي رعاية من أحد، فاذا كانت الموهبة قوية وقادرة فسوف تفرض نفسها بكل تأكيد، وينبغي على الساحة الأدبية ان تحتفي بهذه الموهبة اذا ظهرت ولكن قلّما تختفي أي موهبة بسبب عدم الاهتمام بها.
|
|
|