Tuesday 27th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 11 محرم


كيف نخفف الشعور بالعزلة الاجتماعية لدى المتقاعدين؟
التقاعد يؤثر في الشعور بالعزلة عند كبار السن!
زواج الأبناء يزيد من العزلة والوحدة لدى المتقاعد!!

كتب الاستاذ عبدالعزيز بن علي الغريب مقالا حول تخفيف العزلة الاجتماعية والانسحاب من الحياة الاجتماعية لدى المتقاعدين واهمية ممارسة الرياضة لدى المتقاعدين حيث قال:
ان الشعور بالانتماء ضروري فالانسان مدني بطبعة لا يستطيع العيش بمفرده بل لابد من الدخول في تفاعلات وعلاقات مع الاخرين ليحيا الفرد الحياة الاجتماعية السليمة.
ولكن الملاحظ انه كلما كبر الفرد، مال الى فقدان هذا الشعور بالانتماء حيث يتقاعد عن العمل ويرحل اصدقاؤه وابناؤه, والاحساس بالانتماء هو عكس الشعور بالعزلة الاجتماعية فالاحساس بالانتماء يشتمل على اندماج الفرد مع الجماعة ، ومشاركتهم القيم ووجهات النظر وهو مصدر طبيعي للتفاعل المريح للنفس كما انه مخالطة اجتماعية واحساس بالامن والامان، بينما العزلة هي شعور غير مرغوب بفقدان الرفقة والافتقار اليها او الاتصالات الممتدة او هي حالة نفسية تنتج عن فقدان الفرد لنظام المساندة مع تناقص المشاركة في النشاطات الاجتماعية وقلة الشعور بالانجاز الاجتماعي .
ففي ضوء هذا المفهوم للعزلة نلاحظ ان التقاعد يؤثر كثيرا في الشعور بالعزلة عند كبار السن فالتقاعد يقلل من دخل الفرد, مما قد يشعره بالخوف على مستقبله، فهو يفقد النظام المساند له ولاسرته للعيش بصورة طيبة، كما ان التقاعد يفقده الكثير من المميزات المادية والمعنوية، وبالتالي يقطع فرص مشاركته في الأنشطة الاجتماعية، كما انه لا يتيح له الشعور بالانجاز الاجتماعي.
والحياة الاجتماعية للمتقاعدين تتميز بفراغ كبير نتيجة لفقدان الارتباط بالعمل وقد يزداد من جراء ذلك اهتمام الفرد بنفسه وتضعف شيئا فشيئا اهتماماته بالمجالات الاجتماعية البعيدة عن دائرته الضيقة، ولذا تصبح مرحلة التقاعد هي مرحلة العزلة والوحدة، وهي تختلف في مظهرها الانعزالي عن مرحلة الرشد، لانها تزداد ضيقا كلما ازداد التقدم في العمر, وقد يزيد من هذه العزلة زواج الأبناء وموت أحد الزوجين والضعف الجسمي الذي قد ينجم عن قلة النشاط والحركة.
وتشير نظرية الانسحاب وهي إحدى نظريات علم الشيخوخة الاجتماعي الى ان المتقاعدين يميلون الى العزلة والوحدة والى الانسحاب من السياق الاجتماعي، وترى ان هذا الانسحاب يباركه المجتمع ويوافق عليه، وان هذا الانسحاب هو الذي يساعد المتقاعد على الاتزان النفسي والعاطفي مع مرحلة التقاعد.
وهذه النظرية تتناقض مع نظرية النشاط التي ترى ان الخروج من العزلة وممارسة انشطة بديلة هما اللذان يساعدان المتقاعد على التكيف مع مرحلة التقاعد، ولكن يمكن ان يكون الشعور بالعزلة ناجما عن الغضب الداخلي لدى المتقاعد على مجتمعه لاحالته الى التقاعد وهو قادر على العمل ولديه الرغبة في الاستمرار في ممارسته.
كما ان شعور الفرد بضعف امكاناته وقدراته بعد التقاعد واحساسه بأن المجتمع يرفضه يجعل المتقاعدين يكفون عن المشاركة في الانشطة الخاصة بالشباب ومتوسطي العمر وتنقطع صلتهم المباشرة بالناس، ويبدون غير مبالين، ويقل تأثيرهم ازاء الاخرين، مما يجعلهم يتجهون للعزلة دون رضى منهم.
وتدل الدراسات على ان الميول نحو العزلة بين الافراد الذين لا يتوافقون بصورة جيدة مع التقاعد تكون اكبر من الافراد المتوافقين مع هذه المرحلة ، وبالنسبة للعلاقة بالاصدقاء نلاحظ ان التقاعد يؤدي الى حسر العلاقات وفقدان الجزء الاكبر منها بسبب العمل، حيث ان اهم العوامل التي تؤدي الى المشاكل التي تواجه كبار السن تتمثل في انهم يجدون انفسهم في مرحلة التقاعد منفصلين عن علاقاتهم السابقة.
ولاشك ان وجود عمل يشغل المتقاعد بعد تقاعده سيساهم في ابتعاده عن شبح العزلة ومساوئها حيث نجد ان المتقاعدين الذين لم يعملوا بعد التقاعد اكثر شعورا بالعزلة الاجتماعية والاغتراب داخل المجتمع من المتقاعدين الذين يعملون بعد التقاعد وذلك لشعور المتقاعدين بالعجز والاحباط بعد تركهم الوظيفة وانخفاض مظاهر النشاط العقلي والمعرفي وضعف القدرة على الانطلاق ومشاركة الاخرين.
كما ان المتقاعدين ونتيجة لانهم يفتقدون الى زملاء العمل ، الشعور بالاهمية ، المكانة والتقدير من الاخرين، دافع العمل لذاته، فإنهم يعيشون في عزلة وان كانت هذه العزلة ايضا مرتبطة بالمستوى الاقتصادي والصحي للمتقاعد، وكذلك ترتبط بالحالة الاجتماعية فالمتقاعد الارمل اكثر شعورا بالعزلة من المتقاعد المتزوج.
وفي ضوء ما سبق يتضح لنا ان التقاعد عن العمل له دور رئيس في زيادة الشعور بالعزلة والوحدة لدى كبار السن فالمتقاعد لا يرغب في اقامة صداقات جديدة فهو قد يستمر على صداقاته القديمة الى ان تنتهي فهو يشعر بأن هذا الجيل لم يقدره، لذلك يشعر بعدم الرضا عن هذا الجيل، ويرى ان جيله كان الافضل من هذا الجيل من جميع الجوانب، لذلك لا يرتبط مع اي فرد من هذا الجيل في علاقات تصل الى مستوى الصداقة، كما ان عدم توفر مراكز واندية لشغل وقت الفراغ والوحدة الاسرية قد يزيد من حدة هذه المشكلة.
لذلك فإن انشاء مراكز اندية لكبار السن قد يساهم في التخفيف من حدة هذه المشكلة حيث اكدت توصيات الندوة العلمية لرعاية المسنين بالدول العربية الخليجية عام 1982م على ضرورة انشاء اندية للمسنين لممارسة هواياتهم المختلفة وتوفير فرص اللقاء والتفاعل بين كبار السن وافراد المجتمع بفئاتهم العمرية الاخرى مما يدعم الصلة بين الاجيال.
ولعل انشاء مركز الامير سلمان الاجتماعي سيساهم ان شاء الله مساهمة فعالة في القضاء على العزلة الاجتماعية التي قد يشعر بها المتقاعدون من خلال العديد من البرامج والانشطة الصحية والرياضية والاجتماعية والثقافية في جو ملائم وفي نفس الوقت يشعر الفرد بقربه من اسرته فالمركز سيكون بعون الله مساعدا وداعما للاسرة في رعاية كبارها ايمانا من ادارة المركز بأن واجب الاسرة رعاية افرادها في كبرهم لتحقيق التكافل الاجتماعي الذي حث عليه الاسلام وكرد ووفاء لمن اعطى لهذه الاسرة الكثير والكثير .
المتقاعدون ,, وحق ممارسة الرياضة
للرياضة دور رئيس في الحفاظ على الصحة العامة لمختلف الفئات الاجتماعية والعمرية، وتزداد اهميتها عند الافراد الذين قد يعانون من اعتلال صحتهم أما بسبب الامراض أو بسبب كبر السن أو بسبب قلة الحركة، وهو في رأيي أهم الأسباب، والمتتبع لمعظم الافراد عزوفهم عن ممارسة الرياضة سواء في المنزل او في احدى المنشآت الرياضية المنتشرة في مختلف انحاء المملكة وقد لا تخلو مدينة أو قرية من ناد مجهز بالعديد من المرافق لممارسة أنشطة رياضية متنوعة، فمعظمهم واقصد من هم في سن الشباب مشاهد ومتابع فقط بل البعض اصبح ناقدا من جراء هذه المشاهدة وقد لا يدرك فعليا ما يكتب عنه، والذي يزور معظم المراكز الصحية في الفنادق والمراكز المتخصصة يجد قليلا من الشباب السعودي فمعظم المستفيدين من هذه المراكز هم من الجنسيات المقيمة في المملكة,هذه المداخلة البسيطة أحببت عرضها قبل الدخول في الموضوع الذي سنتحدث فيه عن ممارسة الرياضة عند المتقاعدين وكبار السن والنظرة لها ومدى ادراك أهميتها في هذه المرحلة العمرية، فمن المعروف ان الكبار بعد بلوغهم سن التقاعد يواجهون تغيرات جسمية ونفسية واجتماعية تتطلب منهم التكيف معها حتى لا تتطور وتظهر في صورة اعراض جسمية أو صحية تؤدي بالفرد الى طلب المساعدة الطبية للعلاج منها.
فالحالة الصحية والجسمية وخاصة الجسمية مرتبطة بالتقدم في العمر وقرب بلوغ الفرد مرحلة الشيخوخة، وكذلك مرتبطة بالتقاعد وضعف أو انعدام النشاط الحركي الذي يبذله الفرد في مرحلة التقاعد، كما ان هذه المشكلات مرتبطة بالمشكلات النفسية والاقتصادية التي يعانيها الفرد في هذه المرحلة.
فالفرد بعد بلوغه الستين او قبلها بقليل يبدأ في ملاحظة التغيرات الخارجية على صحته وجسمه، والتي تبدأ في مظهر الجسم ونشاطه كتغير لون الشعر من الاسود الى اللون الرمادي فاللون الابيض وظهور التجاعيد وجفاف الجلد والضعف العام وغيرها من المظاهر الخارجية وجميعها يتفق الباحثون والمتخصصون في علوم الشيخوخة على انها فطرية وضعها الله عز وجل في البشر، الا ان الطب الحديث سواء كان وقائيا او علاجيا قد يستطيع التأخير في حدوثها.
وبالتالي نتيجة لهذه التغيرات يواجه الفرد مشكلات صحية عديدة يمكن وصفها بأن الكبار يواجهون عدة امراض في آن واحد كما انهم يصابون بامراض ليست لها اعراض، اذن التقدم في العمر هو الذي يحدث التغير الجسمي للفرد الذي ينجم عنه بعض المشكلات الصحية.
وبالتالي يؤدي هذا الى تدهور الحالة الصحية للمتقاعد بل قد يبكر في دخوله مرحلة الشيخوخة الفعلية ويصبح ضحية للامراض التي عادة ما تأتي دفعة واحدة في هذه المرحلة، كما ان انكفاء المتقاعد على نفسه وانسحابه من الحياة الاجتماعية؛ لشعوره بعدم القيمة في مجتمعه وشعوره بالعزلة وانه اصبح غير مقبول اجتماعيا من الاخرين يؤدي به الى التمركز حول الذات والعيش في الاوهام والمخاوف التي تؤثر في الاصابة بالامراض التي قد تكون وهما في البداية ثم ما تلبث ان تصبح حقيقة واضحة كما ان عدم تقبل مرحلة الكبر والتقاعد وعدم التكيف السليم معها قد يؤديان بالفرد الى اهمال تكوينه الجسمي والنفسي مما يجعل الفرد يمارس تصرفات للظهور بالفتوة والشباب قد تضر بصحته كالأكل الشديد والسهر والخروج المستمر.
ما سبق حقائق علمية اثبتتها الدراسات والبحوث ولكن لماذا كبير السن لا يمارس الرياضة؟ هل هناك اسباب اجتماعية تمنع ذلك؟ هل هو الخوف من نظرات الاخرين؟ ام الادعاء بعدم الحاجة لذلك؟ اتمنى من الباحثين وطلاب الدراسات العليا ان يبحث احدهم هذا الموضوع لنتعرف بالتحديد على اهم الاسباب التي تؤدي لذلك وفي تصوري ان هناك سببا قد يمارسه بعضنا دون قصد عند مشاهدة كبير سن وخاصة من آبانا وهو يمارس الرياضة سواء في احد الطرق او في مركز متخصص وهو نظرة السخرية والاستهزاء التي يقابل بها كبير السن عند ممارسة الرياضة من قبل الفئات العمرية الشابة، فهم لا يمارسون ومع ذلك يسخرون ممن يمارس وللاسف تجد البعض يمدح ويثني على من يمارس الرياضة من كبار السن من الاجانب فقط الذين يحرص كبارهم على ممارسة الرياضة في مختلف الاوقات ولا ادري سببا مقنعا لذلك وكلنا يذكر كبير السن الذي اكمل احد سباقات اختراقات الضاحية الذي نظمته الرئاسة العامة لرعاية الشباب وبالتالي فإن كبير السن رغم حبه لممارسة الرياضة وادراكه لفوائدها الصحية الا انه يعزف عنها عندما يشعر ان النظرات تترصده والضحكات تتعالى حوله فيتحاشى ذلك حرصا على ذاته واحتراما لنفسه.
لذلك نقول ان الرياضة للجميع فمثلما يجد الطفل والشاب التشجيع يجب ان يجد كبير السن ذلك ايضا، ونتمنى من اتحاد الرياضة للجميع ان يكون له دور في هذا المجال، ولعل افتتاح مركز الأمير سلمان الاجتماعي سيساعد في ايجاد مركز صحي رياضي مخصص لفئة الكبار ليمارسوا أنشطتهم الرياضية دون خجل أو خوف مع فئات عمرية مماثلة، من أجل الحفاظ على لياقتهم الصحية ليكون تطبيقا واقعيا لشعار -الرياضة للجميع- والله الموفق.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
القوى العاملة
عزيزتي
الرياضية
استطلاع
مدارات شعبية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved