حتى وقبل ان يهلَّ القرن الواحد العشرون,, أصبح الجميع يتحدث عن العولمة,, وعن ان العالم اصبح قرية كونية واحدة,, وأن الاتصالات والقنوات الفضائية والافق الفضائي المفتوح يجعل الساكن في نيويورك جار الساكن في منفوحة,, ودكا وشبرا القاهرة,, فما على الساكن سوى فتح ذر التلفاز وتوجيه الريموت كنترول للقناة الفضائية المطلوبة حتى ينتقل من منفوحة إلى فلوريدا,, او إن شاء إلى لندن,, وحتى غابات رواندا او استوائيات الهند,.
وكما نعرف ان العولمة ليست مقتصرة على الجوانب الاقتصادية من خلال فرض فتح اسواق البلدان لصادرات بعضها البعض بحيث تصبح اسواق الدول النامية مروّجة لبضائع الدول الصناعية، وخاماتها تحت تصرف من يدفع أكثر,, وان الشعوب ستتلاقح ثقافيا وفكريا، فالذي يرغب في التواصل الثقافي والفكري فما عليه سوى الدخول في عالم الانترنت العجيب الخطير في آن واحد,, عجيب للذي يتقن استعماله والتمكن من تقنية الحاسب الآلي التي ستجعل من ابنائنا يستغنون عن القلم والكتاب,,!! وخطير للذي لم يحصن فكريا وثقافيا ودينيا,, فالانترنت والفضاء المفتوح وتنوّع وسائل الاتصالات اسلحة العولمة في عصر التنوّع والتعددية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أصبحت تهدد حتى سلوكيات المجتمعات، ومثلما تتأثر الشعوب ثقافياً وفكرياً وسياسياً واقتصادياً، والغلبة دائما لشعوب الدول المتقدمة، فإن الخوف ان ينعكس الانحدار الاخلاقي والسلوكي الذي يعم مجتمعات الدول المتقدمة، ونشهد مظاهر اجتماعية لا تتوافق مع قيمنا ومع اعتدنا عليه من سلوكيات، وان كان البعض قد ارتعب وانزعج قبل عقد من الزمان من انتشار ظاهرة رقص الديسكو وتقليد مايكل جاكسون ومادونا وقبلهما الفيس بريسلي، فإن القادم في عهد العولمة سيكون أفظع وأخطر، لن يكون ذلك اليوم بالبعيد بأن تشهد احدى مدارس احدى الدول النامية او المتخلفة لا يهم التسمية مجزرة كالتي شهدتها المدرسة الثانوية في احدى الولايات الامريكية فالفضاء المفتوح في عصر العولمة,, وفي زمن القرية الكونية فان الذي حدث عند الجيران وفق التقسيم الفضائي والذي نقل من قبل العديد من القنوات الفضائية لابد ان يجد انعكاسا لدى صبيان آخرين في الهند او الفلبين او حتى في احد البلدان العربية، فصبيان امريكا يلعبون بالمسدسات والقنابل حسب مستواهم التقني وسطوتهم,, وصبيان الدول المتخلفة,, لا يزالون حتى الآن يلعبون بالعصا,, أو بالمطواة في بعض الدول,, فسوف يتعلمون من صبيان امريكا,, ويلعبون بالقنابل ففي زمن العولمة تتفوق الدول المتخلفة دائما في تقليد الآخرين في القضايا السلبية,, وأبناء الجيران في عصر الفضاء المفتوح يتعلمون بعضهم من بعض.
جاسر عبدالعزيز الجاسر
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser * Al-jazirah.com