Tuesday 4th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 18 محرم


في ذكرى مئوية التأسيس
القوافل التجارية في نجد زمان

التجارة جزء من حياة البشر، من حيث التعامل والأخذ والعطاء، وذلك ان البيع والشراء ضرورة من ضرورات البشر.
فكل فرد بائع ومشتر، غالبا، ووسيلة ذلك أنفس المعادن واخفها حملا، وهما الذهب والفضة, فكان البيع والشراء يتم بهما، قديما وحديثا، وفي حالة فقدهما او ندرتهما تتم المقايضة او المبادلة بنوع من المعروضات للبيع والشراء، وتخضع المفاضلة بينهما بحسب ما يتراضى عليه الطرفان.
فالتجارة عبارة عن اهتمام بأشياء ضرورية وبيع وشراء وتسوق وتبادل ما يحتاجه الناس في حياتهم اليومية، من ملبس ومطعم ومركب ومسكن واثاث وسيارات، وما ينتج عن ذلك من نفع تتصرف به حياة الناس وتتدبر به امور حياتهم ومعيشتهم.
ونجد قبل اكثر من قرنين كانت تعتمد في اقتصادها على الاكتفاء الذاتي فالموارد المحلية تغطي -الى حد ما- الحاجة، وما يفيض يصدر للبلدان المجاورة، لتحقيق مصادر اخرى تعين على توريد الضروريات, ويتمثل هذا في المواشي بأنواعها وما ينتج عنها من صوف وجلود وسمن وغزل, ويتبع ذلك بعض المحاصيل الزراعية الناتجة عن النخيل.
فمن الموارد المحلية زراعية كانت او حيوانية ينظم البشر هناك حياتهم ويتعاملون فيما بينهم فالبدوي يبيع في الحاضرة ما عنده، ليشتري ما يتوافر لديهم من طعام ولباس وأوان وهكذا الفلاح والحضري، ويقوم على تلك المنتجات المحلية صناعات وحرف يدوية.
اما الموارد الخارجية، مما لا يتوافر انتاجه في البيئة المحلية، مما يحتاجه الناس من أوان وقدور وملابس وادوات، فهذا يستورد بقوافل جماعية.
بيد انه في الغالب تتعرض تلك القوافل لمخاطر البادية وقطاع الطريق، بالتعدي نهبا ومقاتلة, الا اذا دفعت ضريبة تعرف اسم (أخاوة) لشيوخ القبائل للحماية اثناء مرور القافلة بأراضي هذه القبيلة.
وقد استمر هذا الوضع في نجد وغيرها من اطراف الجزيرة، حتى قيام الدولة السعودية حيث ابطلها قادتها بتوفيق من الله، ثم بقوة الوازع الديني، وكذا الوازع السلطاني.
لأن الامن اتسعت ارجاؤه كما ذكر ابن بشر في تاريخه, فلما أرسى الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه دعائم الامن انمحت تلك الظاهرة واستتب الامن، ونمت الحركة الاقتصادية وأمن الناس والحجاج على انفسهم وارواحهم واموالهم وتجاراتهم وقوافلهم ولله الحمد والشكر.
ومما يجدر ذكره انه في تلك الازمان كان في نجد طبقة من التجار وفئة من المتصلين بالمناطق المجاورة للبيع والشراء، وكان التواصل التجاري مرتبطا بحسب وضع الناس ذلك الوقت داخليا ومع جيرانهم.
يقول د, محمد بن سعد الشويعر: كانت القوافل التجارية -لأهميتها- تعتبر شريان الحياة الاقتصادية في المجتمع السعودي، اذا سلمت من الاعتداء.
وقد ذكر ابن بسام المتوفى سنة 1346ه رحمه الله في كتابه (تحفة المشتاق في اخبار نجد والحجاز والعراق), بعض الحوادث الدالة على الحركة الاقتصادية والتعامل التجاري بيعا وشراء ونقلا ومتاجرة.
ومن ذلك قوله:
* في عام الامطار والسيول، تعمّ الخيرات والرخاء في نجد وما جاورها.
* وفي عام الاغارة والنهب، يكثر القتل والسرقة والاعتداء على اهل القوافل.
وهكذا فان قوافل النقل كانت تتولاها قبائل البادية لتجمعها واستعدادها للمجابهة من جهة، ولما يدر عليها من موارد متاجرة.
ومن الملاحظ من خلال الشواهد التاريخية والوثائق ان الاعتراض على القوافل التجارية من ابرز الاحداث التي يرصدها المؤخرون، ويتناقلها الناس في منتدياتهم اخبارا ذات اهمية.
وقد افاض ابن بسام في كتابه (تحفة المشتاق) والفاخري في كتابه (الاخبار النجدية) وابن بشر في كتابه (عنوان المجد في تاريخ نجد) وابن عيسى في كتابه (تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد)، افاضوا في ايراد اخبار القوافل التجارية وما تتعرض له من سلب ونهب وقتل، وكذا ذكر احوال المجاعات والازمات الاقتصادية وغلاء الاسعار.
لقد فطر الله تعالى في الانسان حب الارض والاستئناس بها، ومن هنا ندرك سبب كثرة القتال في نجد ذلك الوقت، حسبما رصد في النبذ التاريخية والوثائق والشواهد التاريخية.
ولأن العقار مصدر من مصادر الحركة الاقتصادية فقد لجأ بعض الوجهاء والأثرياء الى شراء الاراضي وتملكها، والقيام بإحيائها واستثمارها وتنمية مصادرها.
وهكذا، كانت التجارة وما زالت تشكل جزءا مهماً من انسان نجد، ومؤشرا على حركته الاقتصادية وفاعليته التنموية.
د, زيد بن محمد الرماني
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضو الجمعية الدولية للاقتصاد الإسلامي
عضو الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية
عضو جمعية الاقتصاد السعودية

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
حوار
منوعــات
القوى العاملة
عزيزتي
الرياضية
تغطيات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved