Tuesday 4th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 18 محرم


حديثه من القلب
ويشعرك بالتواضع المهيب
محمد بن أحمد الشدي

ستبقى ذاكرة التاريخ نشطة يقظة وسيبقى الأمس معنا نأخذ منه دروسا لحاضرنا ومستقبلنا,, الوطن أمانة مانبذوا من يحاول القفز لمصلحته الخاصة .
هذه بعض كلمات سمو الامير عبدالله بن عبدالعزيز التي جدد بها أسسا قائمة لحوار مطلوب أن يكون دائما بين المسؤول والمواطن في هذه البلاد الكريمة,, ان كل مسؤول وزيراً كان او مديرا مطلوب منه أن يجيب على كل سؤال يطرح عليه اذا كان له علاقة بتطور هذا الوطن وخدمة مواطنيه.
لقد اصبحت هذه سمة من سمات جولات سموه وأعني بها فتح مجالات الحوار,, ولن يكون اجتماع سموه مع أعضاء شركة الاتصالات هي الحلقة الأخيرة من هذه اللقاءات الخيرة.
كل من تابع زيارات سمو الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد وجولاته في الداخل والخارج يلمس ذلك التواضع غير المفتعل في شخصيته والذي يشع ليحيط بمن حوله من السعوديين وغيرهم ويشجعهم على الحوار المفيد,, سواء كان في المملكة او في امريكا أو حتى في الصين, ويوم ان كان في الشرقية وتحديدا في أسواق الراشد وهو يلاطف العمال ويتناول تلك الوجبة السريعة مع عامة الناس وفي الملعب بالدمام يوم المباراة وهو يداعب اللاعبين من الهلال ويقول (خيرها في غيرها).
كان الموضوع لا يحتاج الى كثير من العناء لتشعر انك امام مسؤول يحيط من حوله بفيض من الحنان الصادق والبهجة التي تعلم كل من حوله ومن رآه التعامل المفعم بالصدق والاخلاص والتواضع، وليس هذا بغريب من مسؤول هو ابن عبدالعزيز وأخ للفهد هذا القائد الذي أرسى الكثير من أسس نهضة هذه البلاد ولا يزال يقودها بكل حنكة واقتدار, لقد عرفت سمو الامير عبدالله في وقت مبكر من حياتي الصحفية فلمست في شخص سموه تلك البساطة المحاطة بالهيبة والتواضع وحبه للناس تشعر بها وانت تجلس معه وهو يشرح أفكاره بكل تلقائية لا تشعر بالتصنع فيها او الافتعال من استمع الى تلك الكلمة التي ألقاها بكل صدق سمو الامير عبدالله بن عبدالعزيز في حفل أهالي المنطقة الشرقية فسوف يلمس فكره السياسي الذي لا شك ان لحمته وسداه حب هذا الوطن وأهله الأصلاء الذين يبادلونه والقيادة الرشيدة نفس الشعور,, يقول سموه بعد المقدمة في تلك الكلمة: من شواطىء بحرنا الاحمر الى ضفاف خليجنا العربي جئنا والتاريخ والإنسان ووحدة النفس والارض والهدف متاعنا في رحلة عمرها في نبضات الزمن خفقات الرجال وجرأة الشجعان وخشية الموحدين آنذاك على آمال عظام سكنت قلوبهم يوم كانوا على هذه الضفاف وكيف لا يكون هذا ورياضهم يتردد نداؤها في آذانهم شوقا واغترابا وحسرة, يومها كان للنداء ملبٍ وللجراح دواؤها,, وكان فرج الله الذي خطا به عبدالعزيز خطواته الأولى على أرض الجزيرة العربية عزما وثباتا وإيمانا,, فهنيئا لنا مئوية التوحيد أمنا واستقرارا ورفعة وعطاء,, لقد تحققت المعجزة في جزيرة العرب بوحدتنا.
ستبقى ذاكرة التاريخ نشطة متيقظة وسيبقى الأمس معنا نأخذ منه دروسا لحاضرنا ومستقبلنا فأمانة الأمم ليست حرزا يغلق عليه بل معطيات يضاف عليها أقوال ذلك أيها الكرام لنستمد العبر من أحداث الماضي ونقرأ التاريخ واحداثه ومتغيراته ونأخذ منه المواقف او حتى قراءتها بعيدا عن عقل الأمة ومصالحها العامة فلا مكان لرأي او عمل قاصر في الرؤية ولا قبول أو استجابة او مهادنة لمن قدم مصلحته الشخصية على مصلحة الوطن والشعب.
انه لشرف عظيم ان أكون مواطنا قبل ان أكون مسؤولا وشرف كهذا كلنا شركاء فيه ونفخر به مهما تباعدت بقاعنا الجغرافية او تعددت جذورنا او اختلفت مذاهبنا طالما ان كلمة التوحيد هي شريعتنا ومنهجنا لذلك علينا ان نحافظ على هذا الشرف وذلك العطاء ولا نجعل بيننا منفذا لحاقد ولا مدخلا لحاسد ولا موقعا لشامت كاره, فلن تهدأ نفوس الحاقدين الكارهين ولن تقر لهم عين إلا حين يروننا قد عدنا الى الشتات والعوز ولكن المكر السيىء لا يحيق إلا بأهله وسيبقى هذا الوطن شامخا بالله ثم بكم ولو كره الكارهون.
ثم يستمر سموه برسالة حميمة الى كل مواطن:
لا جديد في علاقة الاخ باخوته ولا اضافة لرابطة الأب بأبنائه ولا تطور في حبي وانتمائي لكم فأنتم الأهل والعزة ولكني جئتكم بشوق العين لرؤيتكم ولهفة القلب لكم والحاح النفس لسماعكم فكلي آذان صاغية, فلا تبخلوا علي بما تأنس النفس به في سبيل المصلحة العامة.
ان هدف كلمة سموه تحتاج الى أكثر من تعليق ومناقشة فلها مضامين بعيدة تخدم هذه الأمة في حاضرها ومستقبلها.
ان من يستقبل سمو الامير عبدالله يعرف ويدرك ان سموه يسعى من وراء هذا التحرك في الداخل والخارج لخير هذه البلاد وخير أهلها حاضرا ومستقبلا,, ان الجميع اصبح يدرك ان الاقتصاد في أي مكان وزمان هو عصب الحياة,, لذا فقد تنبهت قيادة هذه البلاد لهذه المسألة منذ وقت مبكر وفتحت قلبها لأي فكرة تدفع بعجلة التنمية الاقتصادية في كلا القطاعين واخذت بأيدي رجال الأعمال وأنشأت الصناديق الصناعية ومنحت القروض الميسرة.
وما رحلات سمو ولي العهد إلا لاعطاء المزيد من الثقة للمواطن والبحث عن السبل الكفيلة بتنمية حقيقة لاقتصاديات هذا الوطن وذلك بفتح الكثير من المشاريع والمنافذ التي ستمد الاقتصاد الوطني بكل قوة.
ولا اعتقد ان بيننا من لم يحس باهتمام القيادة السياسية في هذه البلاد بالاوضاع الاقتصادية عالميا واقليميا ومحليا,, وقد برز ذلك الاهتمام بشكل مركز ومنظم في منتصف هذا العام الحالي بعد ظهور تلك الانهيارات الاقتصادية في كثير من دول العالم، وهذا الاهتمام بلا شك دليل وعي حضاري يحسب لقيادة هذه البلاد التي تنبهت الى ما يمر بالعالم من هزات اقتصادية مريعة وفي بلادنا قد سمعنا وفهمنا تلك الاشارة البليغة التي جاءت من خطاب سمو الامير عبدالله بن عبدالعزيز في قمة ابوظبي لقادة دول الخليج العربية عندما قال سموه: (لقد ذهب زمن الطفرة ولن يعود) كأنه يقول علينا بعد الآن ألا ننتظر ذلك الزمن وان نسعى لتطوير ما لدينا من موارد وروافد اقتصادية تسند اقتصادياتنا,, وانطلق في رحلات خارجية وداخلية لتنمية الموارد ولتطبيق هذه النظرية التي ليس لها بديل في المنظور القريب على الاقل لقد بدا سموه مقتنعا بفكرة تنمية الاقتصاد الوطني في تنويع مصادر الدخل وتشجيع اقتصاديات السوق,, وملاحقة المشاريع مهما كان حجمها والأخذ بيدها الى المواكبة والانطلاق ضمن المنظومة الاقتصادية حتى ليخيل للمراقب ان سموه على استعداد لتلبية أي دعوة لافتتاح أي مشروع يدعم الاقتصاد الوطني في البر او الحضر صغر أو كبر والتحدث الى العمال بشكل يجعلك تحس بأن سموه هو المسؤول الأول عن المشروع وأن العمال أولاده يحنو عليهم ويطلب منهم المزيد.
لقد رأينا سموه وهو يفتتح العديد من المشاريع مثل بداية تصدير الزيت من الحوطة ومشروع الخزن الاستراتيجي ومشروع البترول الكبير في ابو شيبة (الربع الخالي) وكيف كانت ملاحظات سموه الطبيعية جدا مع طواقم العمل في تلك المشاريع وكيف كان يحدثهم على بذل المزيد من الجهود المشكورة من أجل بلادهم وأنفسهم وأبنائهم,, ثم توجه سمو الامير عبدالله الى المنطقة الشرقية ليستمر نهج القيادة في تطوير القدرات الاقتصادية لهذه البلاد وافتتاح العديد من المشاريع الاقتصادية والحيوية, وقد رحب سمو امير المنطقة الشرقية وأهالي المنطقة بهذه الزيارة التي تجيء في وقتها الملائم وهي امتداد لزيارات أخرى تأتي هذه التحركات وكأنها خطة موضوعة لتنويع مصادر الدخل ومحاولة جادة للقضاء على البطالة ان وجدت واعطاء المواطن مزيدا من الثقة في اقتصاده الوطني وذلك أيضا مواكبة لما يدور في العالم من الاهتمام بالنواحي الاقتصادية والاجتماعية,, ولدينا دول الاتحاد الأوروبي كمثال حي على الانطلاق بشكل مدروس يأخذ في الاعتبار المنطلقات الاقتصادية كمنهج يوصل الى حياة مستقرة سعيدة.
لقد ادركت أوروبا أهمية الوحدة الاقتصادية فبدأت بها لتكتمل عناصر بقائها قوية موحدة,, ان مشروعنا الذي يجب ان نراهن عليه هو المشروع الاقتصادي الذي يحفظ بعد الله لهذه البلاد عزتها وقوتها، ويجعلنا ندخل مع أمم الارض في هذا السباق الحضاري الذي يسود العالم,, ونحن في غاية الاطمئنان,, ثم هو الذي سيمكننا من فتح آفاق أرحب لاجيالنا القادمة اذا عرفنا كيف نستفيد من ثروات بلادنا الطبيعية وكيف نقيم المزيد من الفرص العملية امام شبابنا لتقديم المزيد من الجهود في بناء هذا الوطن.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
حوار
منوعــات
القوى العاملة
عزيزتي
الرياضية
تغطيات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved