Tuesday 4th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 18 محرم


نزيف الحروف
الشعر

(1)
لماذا القصيدة بين يدي
تذوب كقطعة ثلج بنار؟
أغالب فيها الاسى والجوى
ويسحق عظمي اندفاع القطار
أهدئ روعي وأنزفها
وأرسمها فوق موج البحار
فما بين بوحي وكتمي لها
أدور على مغزل من بوار
تلوح خيالا وتبدو مثالا
وتفتح للقلب ألف مسار
وحين أقوم وأمشي إليها
يحول المدى بيننا بالغبار
فارسل كفي الى ذيلها
فتعدو عليها سباع القفار
فما بين نهش وما بين خمش
وما بين عضة كلب عقار
وينزف جرحي على دفتري
دماء تلون وجه النهار
(2)
سأكتب شعري بدمع العيون
ونبض الفؤاد ودفق الدماء
سأكتبه كل حين لأني
أسيف الفؤاد كثير البكاء
غريب الحياة,, غريب السبات
غريب القعود,, غريب المضاء
كأني اجرجر من خلف ظهري
مئات السنين وأمشي وراء
كأن الرواسي على كتفي
فلا تسألوني عن البرحاء
تعيشون أنتم بلا علة
تحوّل كل إباء هباء
إذا الليل أسدل استاره
عليكم فرحتم وطاب المساء
وان نمتم نومة أذهبت
سآمتكم من حياة الشقاء
واما انا فأسألوا أضلعي
عن النار كيف تذيب الحشا
ودمعي سلوه أجف على
وسادي وكم ظنه القوم ماء
(3)
سأطوي الليالي كطي الفراش
ولا أنبش الذكريات بقلبي
وأمضي إلى غايتي صابرا
ولا استطيل الحياة بدربي
فما لاح من بارق جزته
حثيثا وقلت: وميض بسحب
فإن كان صدقا فما ضرني
صدودي إذا هل من كل صوب
وان راح عني بأمطاره
تغافلت عنه ونؤت بجنبي
سراب الحياة يقلقني
دروس الغرور ويبدو بشربي
ووعد الاماني امات لدي
طموح الفؤاد ولو كن قربي
فلا تعذلوني فما راح مني
فريح تطير بشرق وغرب
وما جاء نحوي مغذاً فما
أقول: ظفرت بكنزي وحسبي
صالح بن عبدالكريم العبودي
القصيم _ بريدة
** برغم ما يداخل بعض سطور هذه القصيدة من كسور للوزن، وبرغم الجمل النثرية احيانا، فإنها مع ذلك - حقيقة - تمسك بحالة مؤسسية لها أهميتها، تلك الحالة التي تنتاب الشاعر وهو بصدد تجربة، يتمزق وهو يعيشها مبالغا فيها لمرة ثانية في الفن بعد ان كان قد خاضها المرة الاولى في الحياة، يشعر انه يكتب بدمه، يختنق بتدافع الأنفاس التي لا يلاحقها، يشد أوتار القلب والعصب ويعزف عليها,, الخ، كل حالات المعاناة لحظة الكتابة، ولكنه مع ذلك لا يستطيع ان يتخلص من إحساسه بأن احدا قد يقرأ القصيدة فيطفىء فيها حرارتها ويطفئ في الشاعر راحته وتطهره لو أنه رأى ان عذاب الكتابة قد أصاب الآخرين بعدواه,, ويكاشفنا الشاعر بصراحة بأن حظ القصيدة حين تنتهي، ان حققت ظفرا او اخفاقا يدفعانه الى الفرح أو اليأس، لن يكون سببا في أن يكف.
هذه الحالة حقيقية وصادقة، والشاعر يملك حسا لا ينكر بموسيقى الشعر، وقدرة على صياغة الصورة، وفوق ذلك يعرف مسبقا كيف يكون رد الفعل على غير هواه ان هو تهاون في تخليص القصيدة من عيوبها، مثلما يعلم الى اي حد يحبطه رد الفعل هذا، وإذن فلأي الاسباب يبقى إصراره على ان يدفع بالقصيدة الى الآخرين قبل ان يتم صقلها وتخليصها من أي هنة,؟
نرجو ان لا يكون هذا الكلام مزعجا لصديق الصفحة صالح بن عبدالكريم العبودي، وإنما هو اعتزاز منا لموهبة حقيقية يملكها الشاعر ولكنها تحتاج الى قليل جدا من العناية.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
حوار
منوعــات
القوى العاملة
عزيزتي
الرياضية
تغطيات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved