Tuesday 4th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 18 محرم


نوافذ
السجن

أشد السجون غلظة وشراسة هو سجن العادة!! فهو السجن الذي يقصينا عن الانغمار بتفاصيل الحياة بتمام اختلافها وتنوعها وتلونها.
فالطريق من البيت الى العمل ليس هو الطريق الوحيد والأهم في العالم، ولكن المأساة تقع عندما نعتقد ذلك, ونظل اسرى هذا الاعتقاد في دائرة محكمة تقودنا الى التسطح ومحدودية الرؤية، ونضوب الاعماق.
والعادة والتكرار هما ألد اعداء الابداع والابتكار اللذان يحملان الألق والتوهج ونبض الكون من حولنا، فالابداع هو وليد الدهشة، وليد تلك الفقاعات الملونة التي تنفجر بين ايدينا فتمنح العالم لونا اخر.
والعادة هي مطية الجبناء والذين لا يمتلكون الشجاعة والاقدام الذي يدفعهم لتجربة سبل جديدة، تلك السبل الجديدة ليست بالضرورة افضل مما ألفوا بل قد تكون اسوأ، لكن فقط تحمد لها جدة التجربة تلك التجارب وحدها التي تقودنا الى النضج والدخول في اعماقنا بغرض الوصول الى يانابيع الحكمة الداخلية.
والعادة والتعود تكسب خمولا وثقلا في المزاج وفي الحركة، لان تلك الشعلة الداخلية التي تنير لنا ظلماتنا تكون قد خبت وترمدت.
وعلى الغالب نجد ان سجناء العادة بهم ميل وافر للعدوانية، تلك العدوانية تتولد من عاملين هما النفور من التغيير والخوف من التغيير، جميع هذا يؤدي الى الاستبسال ضد اي تهديد يتعرض للتنميط المفجع الذي يحمله سجن العادة.
وفي رواية سمرقند لامين معلوف، يتحدث فيها عن جماعة او شعب قطن جبلا نائيا بعيداً عن العمران، وكان يحارب الجديد والدخيل بشراسة الى ان أخذت دائرة التكرار التي يقوم بها تلتف عليه حتى قادته الى دائرة الموت والتلاشي.
وروايات معلوف هي روايات (اسطو تاريخية) ان صح هذا الجمع بين الاسطورة والتاريخ، وهو في هذه الرواية يتتبع الطريق المتخيل لمخطوطة رباعية عمر الخيام قبل ان تصل الى الناس وتترجم.
ولكنه على الرغم من الاطار الاسطوري الذي تتحرك فيه الرواية، الا انها تقدم لنا ابعادا متعددة على المستوى الفكري والفلسفي والتأملي، حيث يحمل أد به رسالة دائمة وواضحة للاستماع الى المختلف ومحاولة تقبله ومعايشته.
والعادة هي ان ألد أعداء المختلف الذي يهدد طمأنيتها وسيادتها على ارض قاحلة وبور وخالية من الغرس والثمار، اراض تخشى الضوء والماء,, لا لشيء فقط لان اثمان الاختلاف باهظة وخوفها وقلقها لن يسمحا لها بدفع هذه الاثمان.
أميمة الخميس

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
حوار
منوعــات
القوى العاملة
عزيزتي
الرياضية
تغطيات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved