Tuesday 4th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 18 محرم


أضواء
المغامرون السياسيون يتصيدون النجاح على حساب آلام المسلمين

مايزال سيل الوفود يتقاطر على بلجراد وموسكو والعواصم الاوروبية المحيطة بصربيا لترتيب حل سياسي ينهي تعنت كبير الصرب الذي لا يهمه ما يتعرض له شعبه ولا ما تتعرض له المنشآت الاقتصادية والاعلامية والعسكرية من تدمير لاجباره على الاذعان لارادة المجتمع الدولي بوقف ابادة المسلمين من شعب كوسوفا.
ولأن القناعة تكاد تكون لدى جميع تلك الوفود بأن نوعية الحكام ممن هم على شاكلة ميلوسيفيتش لايهمهم مصير شعوبهم ولا البنى الاساسية للبلدان التي يحكمونها بقدر ما يهمهم استمرار بقائهم على كراسي الحكم، فإن الجهود الدولية التي نشطت من اكثر من طرف تركزت في البحث عن حل سياسي، فبعد اكثر من شهر من الغارات الاطلسية المدمرة تأكد الكثيرون ان ميلوسيفيتش لايهمه حتى لو دمرت صربيا والجبل الاسود وكوسوفا، فهو كصنوه وحليفه صدام حسين ومن على شاكلته يرون في تدمير البلدان التي ابتليت بحكمهم صمودا,, وانتصارا ولانهم يديرون معاركهم من المخابئ فلا يهمهم ان يسقط الآخرون قتلى وأن تهدم المباني,, وتدمر الجسور ,, وهذا سيوقع الحلف الاطلسي في مأزق مركب فاستمرار الغارات -بالاضافة الى انه ربماشنت حرب برية لاخراج القوات الصربية من كوسوفا -، سيزيد من تكاليف الحرب ماديا وقد يسقط عدد من الجنود الامريكيين والاوروبيين قتلى في الحرب البرية وهذا سيحرك الرأي العام الامريكي والاوروبي ضد استمرار العملية، رغم القناعة الواسعة بأهمية التخلص من نظام ميلوسيفيتش واعادة المشردين من اهالي كوسوفا، ولكن القناعة شيء,, وفقدان الجنود شيء آخر، وبخاصة اذا ما طالت الحرب، ولذلك فقد شجع الاطلسيون - وفي مقدمتهم الامريكيون - على القيام بجهود ومبادرات للبحث عن حل سياسي، وزار موسكو ثلاث وفود لهذا الغرض: وفد أمريكي قاده نائب وزيرة الخارجية الامريكية، وآخر رأسه وزير خارجية كندا، وثالث تمثل بالامين العام للامم المتحدة كوفي عنان,, واختيار موسكو نابع من علاقاتها العرقية والمذهبية والسياسية والتاريخية مع الصرب وقد اظهرت تلك الزيارات أن موسكو اصبحت مسرح العمل السياسي لحل الازمة وهو اقرار من الغربيين بقدرة وتأثير الروس على صنع شيء ما، ولعل هذا ما شجع الرئيس يلتسين على تخصيص مبعوث خاص للازمة تشيرنوميردين الذي تلقف المهمة بشغف للعودة للاضواء التي خطفها منه بريميكوف، وأخذ يتنقل بين العواصم الاوروبية لنقل وتلقي الاقتراحات التي لاتزال تتراوح بين شروط الحلف الاطلسي الخمس (خروج عسكر وميلشيات صربيا من كوسوفا، عودة المشردين، القبول بوجود قوة عسكرية، وقف العمليات العسكرية، الاقرار بوضع سياسي خاص لاقليم كوسوفا,,) وهذه الشروط يحاول ميلوسيفيتش الالتفاف حولها من خلال اتصالاته بالمبعوث الروسي، او المبعوثين الآخرين - والذين كان آخرهم القس الامريكي جيسي جاكسون -، ولأن الغربيين لا يثقون بالحكام من شاكلة ميلوسيفيتش فسوف تظل المعركة محتدمة بين نشاط الغارات الاطلسية,, وبين المبادرات السياسية التي دخل الامريكيون طرفا فيها من خلال بعض البرلمانيين الذين لا يعتقد ان تكون حظوظهم بالنجاح اكثر من المبعوث الروسي الذي مايزال يتنقل بين العواصم الاوروبية دون ان يفعل أي شيء,.
جاسر عبدالعزيز الجاسر
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser * Al-jazirah.com

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
حوار
منوعــات
القوى العاملة
عزيزتي
الرياضية
تغطيات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved