Tuesday 11th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 25 محرم


الندوة,, وعودة الروح للأوقاف

لعل القارىء الكريم يعذرني إذا ما قلت: إنني لم أكن أعرف كثيراً عما يدور في عالم الأوقاف في بلادنا إلا عندما انتقلت إلى العمل في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد منذ إنشائها.
وقد تبين لي أن عمل الأوقاف كبير ومتنوع، شائك ومعقد، قضاياه متعددة، ومشكلاته كذلك لا حصر لها، وهذا ما يجعل كل مهتم بالأوقاف يقول بضرورة إجراء كثير من الدراسات، وبذل المزيد من الجهد والعمل الجاد، لتذليل تلك الصعوبات، والتغلب عليها.
ومن الأمور البدهية الدعوة إلى بناء جسور من الثقة بين الناس، والجهات ذات العلاقة بالأوقاف، حتى يمكن بث الحياة في هذه السنة التي انصرف عنها الناس لأسباب قدتتعلق بالأفراد، أو بالجهات ذات العلاقة.
فإعادة الروح إلى هذه السنة الخيرية المباركة، والتعريف بها، والتشجيع عليها، يتطلب تضافر جهود ذوي العلاقة بالأوقاف من العلماء، والقضاة، والدعاة، والأئمة والخطباء، مع الوزارة ممثلة في وكالتها لشؤون الأوقاف، وتكثيف البرامج الإعلامية التي تبرز أهمية الوقف الخيري، وأثره في النهوض بالمجتمع الإسلامي، وإلقاء مزيد من الأضواء على الجهود التي تبذل في سبيل تنمية الأوقاف، وتطويرها، وإعادة استثمارها لزيادة مواردها، والتركيز على فتح مجالات جديدة لمشاركة الناس على اختلاف مستوياتهم، وإمكاناتهم.
ولنا هنا وقفة مع أهمية وجود جهة متخصصة تشرف على هذه الأوقاف، وتعمل على دوام استمرارها في خدمة الإسلام والمسلمين، وبالتالي دوام الأجر والمثوبة لواقفيها.
وتمثل هذه الجهة في بلادنا اليوم وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد من خلال وكالة الوزارة لشؤون الأوقاف التي يقوم عليها عدد من ذوي الخبرة والاختصاص، من أهل الثقة من أبناء هذا البلد الكريم، وهي تعمل الآن تحت إشراف دقيق، ومتابعة حثيثة من مجلس الأوقاف الأعلى برئاسة معالي الوزير الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي من أجل تنمية وتطوير الأوقاف الخيرية المتيسرة، وحل مشكلاتها من خلال إعادة دراسة وتطوير الأوقاف العامة ذات المردود المالي المحدود، والإشراف والمتابعة للأوقاف الخاصة، لكي يعم نفعها جميع المستفيدين منها.
ولا شك أن الوزارة يسعدها تقديم كل العون والمساعدة بما يحقق غبطة الوقف، لكي يتحقق للواقفين ما بشر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمتصدقين في قوله: إن الله ليربي لأحدكم التمرة واللقمة كما يربي أحدكم فلوه، أو فصيله حتى يكون مثل أحد ومثله في الحديث النبوي الآخر: أيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع أطعمه الله يوم القيامة من ثمار الجنة، وأيما مؤمن سقى مؤمناً سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم، وأيما مؤمن كسا مؤمناً على عري كساه الله يوم القيامة من حلل الجنة .
فمن بنى مسجداً يريد به وجه الله جعل الله له مثل ثواب من صلى فيه، وبنى له بيتاً في الجنة، ومن بنى مصحة فكانت سبباً في شفاء المرضى، فكأنما أحيا الناس جميعاً بقدر إنقاذه لهؤلاء المرضى والمصابين، ومن بنى مدرسة، أو كفل معلماً أو انشأ مكتبة ينتفع بها كان له أجر الدعوة والتبليغ والعلم الذي ينتفع به، وكلنا يعلم أن الحسنة بعشر أمثالها، ويضاعفها الله لمن يشاء إلى سبعمائة ضعف، وإلى أضعاف مضاعفة,,, والله ذو الفضل العظيم، وهذا لا ينقص من أجر العاملين شيئاً.
إن الحديث عن الأوقاف الخيرية ممتد لا ينتهي أبداً، فهي عمل عظيم يعد من أفضل وسائل الإنفاق في سبيل الله، وخصوصاً أن نفعه لا ينقطع في الدنيا والآخرة، لكونه صدقة جارية، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن مما يلحق المرء من عمله وحسناته بعد موته علماً علمه ونشره، أو ولداً صالحاً تركه، أو مصحفاً ورثه، أو مسجداً بناه، أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته .
فمن رزقه الله مالاً صالحاً، وسلطه على إنفاقه في وجوه البر والإحسان فقد فاز فوزاً عظيماً، وقد دعا المصطفى - صلى الله عليه وسلم - للمنفقين بقوله: اللهم أعط منفقاً خلفاً وأعط ممسكاً تلفاً) ويحث المولى - جل وعلا - على الإنفاق، ويصفه بالقرض الحسن المضاعف الأجر في قوله - عز من قائل: }من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له وله أجر كريم{.
ومن خلال ما سلف تتضح لنا الأهمية العظيمة للندوة التي تقيمها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المدينة المنورة تحت عنوان (المكتبات الوقفية في المملكة) حيث تعتبر خطوة على الطريق الصحيح نحو إحياء سنة الأوقاف المباركة، وإسهامها في إثراء الحياة الثقافية في المجتمع الإسلامي بعامة، وفي المملكة العربية السعودية بخاصة، وذلك أنها لن تقتصر على الحديث حول أهمية الوقف الخيري في إنشاء المكتبات فحسب، بل سوف تناقش من خلال برنامجها الحافل بالبحوث العلمية، والدراسات القيمة موضوعات مهمة كالتعريف بالوقف، وأهميته، ورسالته في المجتمع، وإبراز مجالات الوقف المتعددة التي لا تتوقف عند بناء المساجد فقط!
ولابد هنا أن ندرك أهمية هذه الندوة المهمة، وجعلها نقطة انطلاق لبرنامج علمي وإعلامي يدعى إلى تنفيذه كل من له صلة بالأوقاف من قطاعات حكومية وأهلية، وعلماء ومشايخ، ومسؤولين، ورجال أعمال، ومفكرين، وباحثين، ورجال إعلام، فالوقف ليس مسؤولية وزارة بعينها بقدر ما هو قضية ومسؤولية اجتماعية تمس أطراف المجتمع كافة كبيرهم وصغيرهم.
وبصفتي واحداً من أبناء هذا المجتمع القريبين من حقل العمل في مجال الأوقاف - وخاصة الناحية الإعلامية، ورغبة مني في المشاركة في هذا العمل الجليل يسرني أن أقدم بعض المقترحات المتواضعة لعلها تسهم، - ولو بالقليل - في إحياء سنة الأوقاف العظيمة.
من أبرز مظاهر الاهتمام بالأوقاف تكثيف البرامج الإعلامية، المتعلقة بالأوقاف، وذلك بوضع خطة إعلامية دقيقة بالتنسيق بين المختصين في الوزارة وخارجها، وجميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، وتشمل مناطق المملكة كافة.
كما أقترح إيجاد نشره، أو دورية، أو مجلة تعنى بنشر كل ماله صلة بالأوقاف مع أهمية التشجيع على تقديم الأبحاث والدراسات العلمية المعنية بالأوقاف، ورصد جائزة سنوية كبيرة لأفضل هذه البحوث من خلال مسابقة تنظمها الوزارة تحت رعاية ولاة الأمر في بلادنا.
إننا بحاجة إلى كل رأي، وكل دعم حتى تعود سنة الأوقاف الخيرية الحميدة إلى ما كانت عليه في العصور الأولى للإسلام، حيث أسهمت إسهاماً كبيراً في بناء الحضارة الإسلامية التي عم نورها وخيرها كل أنحاء العالم.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
القمة التشاورية
منوعــات
ندوة المكتبات الوقفية
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
استطلاع
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved