Tuesday 25th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 10 صفر


الكتابة عن الشيخ,,,!!
علي بن إبراهيم النملة*

قال شيخي الفاضل: لم اقرأ لك شيئاً عن سماحة الوالد رحمه الله تعالى,, قلت لشيخي الفاضل: وماذا عساي ان اكتب لعلم من اعلام الأمة، اجتمعت فيه صفات قل ان تجتمع في شخص واحد، ولم نعلم نحن متابعوه ومحبوه الا قليلاً من هذه الصفات، الا ان الصحافة التي كتبت عنه أبرزت بعضها، من خلال معايشة بعض طلابه ومحبيه له والاذاعة والتلفزيون اسهمتا في ذلك بقدر معقول ومع هذا فمن ذلك الكاتب او الكاتبة الذي يملك ان يحيط بهذه الشخصية النادرة التي يصدق عليها بحق ما يقوله مترجمو علماء التراث واعلامه من انه فريد عصره وزمانه، رجل امضى اكثر من سبعين عاماً في طلب العلم وامضى هذه المدة نفسها في التعليم والتوجيه والفتوى بل واكثر من ذلك اذ امتدت حياته - رحمه الله - من 1330 - 1420ه.
* رجل تحلى بأخلاق العلماء والدعاة والمصلحين من الرفق والحلم والصبر.
* رجل حباه الله تعالى بعد النظر وسعة الافق والتروي والأناة.
* رجل احترم الوقت فاستغل الساعات ايما استغلال حتى في دعوات التكريم التي يجيب عليها بالذهاب الى الداعين يستغل وقتها في قراءة من كتاب او كلمة طيبة او اجابة على مسألة.
* رجل زرع المهابة في النفوس رغم انه كان رحمه الله على قدر عال من التواضع الجم الذي زاده رفعة بين الناس القريبين منه والبعيدين على حد سواء.
* رجل كان - رحمه الله - مشغولاً طول الوقت يجيب على اسئلة الناس مباشرة وعلى الهواتف وليس الهاتف الواحد ويجاوب على مسائلهم.
* تهيأ لي شرف التردد عليه - رحمه الله تعالى - اكثر من مرة في الرياض والطائف ولمست منه معاملته الخاصة لكل من يفد اليه، وكأن هذا الوافد هو الوحيد بين يديه، وبين يديه يقف المئات يسأل عنك ويطمئن على اسرتك وعملك واذا عرفك معرفة قريبة سأل عن امور تظن انها لا تعني احداً لا سيما عالم مثله ابن باز .
*توجهت اليه في مسألة عويصة لها ابعاد عقدية وسياسية فوجدت الاجابة لديه جاهزة وكانت على خلاف ما توقعت ولكنها كانت مطابقة لما اردت وليس كل ما نريد يكون مقبولاً دينياً واقتصادياً او حتى سياسياً، ذلك اني تشرفت بالعمل مديراً عاماً للمكتب التنفيذي للهيئة العامة لاستقبال التبرعات للمجاهدين الافغان، عندما كانوا يحاربون الروس وعندما وقفت المملكة العربية السعودية معهم حكومة وشعبا وذلك تحت اشراف مباشر من صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبد العزيز امير منطقة الرياض الذي وجهني حال تسلمي للمهمة بالاتصال بسماحة الوالد - رحمه الله - لتلقي توجيهاته في وجوه الصرف للتبرعات المادية والعينية التي كانت تتلقاها الهيئة فسافرت اليه في الطائف بعد ان علمت انه يمكن ان يشرفني بلقائه وعندما دخلت عليه وجدته كعادته مشغولاً في اشياء علمية كثيرة فطرحت عليه موضوعاتي فكانت اجابته - رحمه الله - جاهزة وكم تمنيت ان امضي معه وقتاً اطول مما يغطي الموضوعات، فحققت الرغبة عندما اصر علي ان اتناول معه طعام الغداء في منزله في الطائف ومن منا لا يرغب في ان يبقى مع مثل هؤلاء النادرين مدة اطول.
وحتى لا يذهب الذهن بعيداً فان المعضلة التي واجهتها عندما تسلمت المهمة في الهيئة هي توزيع التبرعات على الفصائل التي كثرت على الساحة الافغانية والتي تنوع بعضها عن بعض، ولوحظ على بعضها ملحوظات عقدية قد تؤدي الى حجب التبرعات عنها اذا نظرنا اليها نظرة سريعة، ولكن بُعد النظر وسعة الأفق لدى سماحة الوالد - رحمه الله - حسم هذا الموقف بتوزيع الأنصبة بالتساوي على الجميع تأليفاً لقلوب اولئك الذين اثيرت عليهم ملحوظات, فجمع سماحته بين البعدين الديني والسياسي في اجابة جاهزة عند عالم بحرٍ مثل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز وهكذا كانت حاله في هذه الأمور وفي غيرها من القضايا التي حملتها اليه - رحمه الله - فقال فيها قولاً فصلاً.
ومع هذا فقد اكد عليَّ شيخي ان اكتب عن شيخ الجميع كتابة تتعرض لصفات لم يتطرق اليها من كتبوا عنه واملي علي بعضاً من هذه الصفات التي وجدتها قد قيلت في الوقفات التي توالت في ذكر محاسن الشيخ الكثيرة وكم رجوته ان يكتب هو ما أملاه علي ان اكتبه ولكن الذي يظهر انه يهاب الكتابة مما يدلني على ان هناك كثيرين يرغبون في الكتابة عنه- رحمه الله - ولكنهم يهابون الكتابة، ولكن الجميع - مع هذا - قريبهم وبعيدهم لا يهابون ان يتوجهوا الى الله تعالى بالدعاء للوالد والرحمة والمغفرة والرضوان محشوراً مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقاً وحب هؤلاء الرجال يكمن في تقصي ما خلفوه من خير وتبنيه على انهم من القدوات الحسنة التي ورثت الأنبياء الذين ورثوا العلم فمن اخذ منه اخذ بحظ وافر وازعم ان سماحة الشيخ قد اخذ منه بحظ وافر، نحسبه كذلك رحمه الله رحمة واسعة.
والمهم اننا نؤمن جميعاً ان النهاية التي وصل اليها الشيخ هي النهاية التي يصل اليها كل مخلوق في هذه الدنيا واحداث وفاة المصطفى صلى الله عليه وسلم التي استمرت ثلاثة عشر يوما هي خير عزاء لنا على فقد قيادتنا العلمية التي تترك فراغاً كبيراً كلما حل بها الأجل المحتوم، الا اننا مع هذا ندعو الله تعالى ان يعوض المسلمين خيراً.
- المهم كذلك ان يبقى علم الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ذا التاثير الذي كان عليه في حياته، وذلك برصده رصداً موسوعياً وتعميمه على الناس بعد ترتيبه وتنظيمه وادخاله في وسائل نقل المعلومات الحديثة التي تسارعت الآن في اشاعة المعلومات النافعة والضارة ويقوم بهذا فريق عمل علمي من طلبة العلم الذين نهلوا من العلم الشرعي الذي خلفه الشيخ من بعده ويظهر بصورة تليق بسمعة الشيخ وتليق كذلك برغبة الشيخ في تعميم العلم بعيداً عن الحس الاعلامي او الدعائي والنظرة المادية، وازعم ان هناك رجالاً من اهل اليسار على استعداد لتبني مشروع هذه الموسوعة العلمية بتمويلها بقدر ما يخرجها بالصورة التي تليق بمحتواها العلمي المفيد للجميع.
والمهم كذلك عدم اللجوء الى اي امر قد لا يرضي الشيخ فيما لو كان بيننا وهذا ولله الحمد هو القائم في مجتمعنا المتدين الذي يحترم العلم والعلماء بدءاً بالقيادة الى القاعدة ومع هذا فانه من الطيب جدا ان تسمى مدرسة باسم الشيخ كما عمدت وزارة المعارف بتسمية مدرسة ثانوية باسم الشيخ والأطيب من ذلك تدريس ما خلفه رحمه الله في المدارس في الحدود التي تسمح بها المناهج.
ثم اعود لشيخي بعد هذا لأقول له: وماذا عساي ان اكتب عن هذا العلم الذي جمع صفات العلماء فكان امة في رجل وكان امام اهل السنة في هذا الزمان، وكان نادراً من نوادر الزمان خلف وراءه ارثاً علمياً عظيماً, ومن يخلف وراءه العلم فانه لا يموت فما بالكم اذا ترك وراءه ابناء صالحين يدعون له وابناء شيخنا الصالحون الذين يدعون له كثيرون ومتوزعون فيهم الكبار ومنهم الصغار ومن بينهم ابناؤه الصالحون من صلبه الذين تقع على عاتقهم مباشرة متابعة ما تركه من خير وراءه ومن مسؤوليات كان يضطلع بها في حياته ومن اعمال خيرية كان يقوم بها، ومن كفالات للدعاة والعلماء كان يتحملها ومن اعمال اخرى عرف بها رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته والهمنا بعده جميعاً الصبر والسلوان ومهما كتب عنه في صحافة او اعلام او كتابات علمية ودراسات وبحوث ورسائل عالية فانه يستحق هذاكله مثله واكثر منه معه فكان الله في عون من سيبقون على ذكراه وكان الله في عون الجميع.
عضو مجلس الشورى

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
جبل الدعوة الى رحمة الله
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيق
تغطيات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved