Tuesday 25th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 10 صفر


في الصميم
في سماحة ابن باز,,.
د,خالد آل هميل

مهما تناول العلماء الافاضل والكتّاب الكرام مآثر وادوار سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، المغفور له بإذن الله تعالى، فلن يوفوه حقه، وسماحته لم يكن في يوم من الايام من طالبي الدنيا، او الراغبين فيها، ولم يستهوه يوماً من الايام حب الظهور او البروز.
لقد كان يرحمه الله تعالى مثالاً للزهد، محباً للخير، متسامحاً، متواضعاً تواضع العلماء، الذين قرأنا عنهم في صدر الاسلام.
لقد كان ابن باز له نفس نزاعة لكل خير، صادقا في القول، مخلصاً في اسداء النصح، ليّناً في التعامل.
اما في الفقه والحديث فهو لايباري، احب الناس كل الناس، فأحبه الناس كل الناس، داخل بلادنا وخارجها، واصبح إماماً للمسلمين في مشارق الارض ومغاربها، دون ان يطلب الامامة، او يسعى لها، او يعمل من أجلها,
كان عمله يرحمه الله بإذنه تعالى يطلب فيه رب الدنيا والآخرة، فامتلك بذلك قلوب العلماء، وعامة الناس، حتى ان ابناء الهجر والقرى النائية في بلادنا.
وقبل ان تعبد الطرق وتسفلت في السنوات الماضية، عندما يشكل عليهم أمر في الدين، لايجدون غير سماحته يحل لهم ما اعتراهم من مشكل، فمن جلسة لهم معه، يخرجون منها وقد طابت نفوسهم، حتى لو لم يكن قوله يتفق مع ما يأملونه، وتحملوا في سبيله مشاق السفر، وشظف العيش، في وقت كانت حياة معظم ابناء هذه البلاد يعانون فيها الفقر والفاقة، وأتذكر عندما كنت طفلاً دون العاشرة من عمري، اجلس الى جانب والدي وأعمامي في عدد من المجالس في قريتنا الصغيرة التي تحولت الآن الى مدينة، كان الرجال يتجاذبون بعض مآسي بعض رجال اهل القرية، حيث كان الغضب يأخذ منهم مداه، عند أبسط الأمور من زوجاتهم، وفي فورة الغضب يطلقون زوجاتهم، وبحكم أن الغالبية من هؤلاء فقراء، فإنهم في هذه الحالة يعجزون عن الزواج، ولايستطيعون في نفس الوقت رعاية اطفالهم، لكونهم (يكدحون) طول النهار بحثاً عن لقمة العيش,
وبعد ان يذهب الغضب يدركون عمق مأساتهم، فيسارعون الى قاضي القرية, فلايجدون لديه حلاً، ويقضون الشهور وهم ينتقلون من قاض الى آخر، ويعودون بخفي حنين, وفي غمرة الضعف الانساني الرهيب، يذكرلهم سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، فيسارعون في السفر له في الرياض او في الخرج,, -لا اذكر- فيعرضون عليه مشكلتهم وما يعانونه من نتائجها، فيجدون لدى سماحته الحل الذي يعيد لهم زوجاتهم، ويصونون به اعراضهم، ويحافظون به على ابنائهم؛ -والله هكذا سمعته- وانا طفل لم يزد عمري على العشر سنوات، وفي بداياتي الصحفية قبل اكثر من عشرين سنة تناول بعض الكتّاب ظاهرة استقدام السائقين، والاضرار التي يمكن ان تنجم عن وجود رجل غريب بين العائله بصورة مباشرة او غير مباشرة، وذكروا بعض الحلول، وقد التقطت الخيط وحولت هذا الموضوع الى قضية نشرتها الجزيرة كندوة وقد استضفت لتنفيذها كلاً من سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، وفضيلة الشيخ مناع القطان، ورئيس محكمة الضمان والأنكحة آنذاك الشيخ مساعد المعتق وعدداً آخر من اصحاب الفضيلة والاساتذة الأفاضل حيث لقيت هذه الندوة صدى واسعاً من صحف خليجية خاصة في الكويت وعالمية مثل (فيجارو) الفرنسية, وبينما انا جالس مع الجالسين في مجلس ابن باز انتظر دورا مناسبا اذا بأحد الاشخاص يقفز من مقعده ليجلس بجانبي وقد تغير لونه ودخل (فيّ شمال) وكل الحكاية انني (لابس) خاتما لونه اصفر وقد اخذ يعنفني على لبسه ويهددني بعرض الموضوع على سماحة الشيخ ابن باز اذا لم أخلع الخاتم,, وبعد ان انتهى من وعيده وتهديده قلت له الخاتم الذي تحتج عليه ليس بذهب وانما هو خاتم عادي جداً فلم يقبل مني القول, عندها قلت له لن اخلع الخاتم ولي رد اذا عرضت الموضوع على سماحة الشيخ وسوف يكون رداً انت الخاسر فيه بصورة لاتتوقعها.
وكان الحديث بيني وبين الاخ المندفع همساً ولكن يرتفع احياناً فإذا بالشيخ الفاضل ينتبه الى ان هناك احتكاكاً (ما) وكنت قريباً منه فاذا به يلتفت نحونا ويتساءل، عندها قلت للرجل الذي يتوعدني ويهددني بسماحته، قلت له بصوت يسمعه الجميع هل اعرض على سماحة الشيخ اسلوبك في الدعوة وعندما سمع مني ذلك قام مسرعاً وخرج من المجلس,
عندها التزمت الصمت وعرضت على ابن باز اسئلتي وخرجت منه بما جئت ابحث عنه.
رحم الله ابن اباز وعوّضنا الله فيه خيراً وإنا لله وإنا إليه راجعون .
***
اقتراح
لقد أحسنت الصحف السعودية وعلى وجه الخصوص صحيفة الجزيرة عندما أولت اهتماماً واضحاً ودقيقاً بسيرة ومآثر الشيخ عبدالعزيز بن باز وقد لفت نظري بصورة خاصة قيام صحيفة الجزيرة بإصدار ملحق يومي عن حياته بواقع اربع صفحات يومية ولمدة ثمانية ايام بعنوان (جبل الدعوة) - وهو فعلاً يمثل قوة اكثر من جبل في الإيمان والتسامح والعلم كما قامت الجزيرة بإفراد صفحتي متابعات عن ردود الفعل لدى العلماء واصحاب الفضيلة والأساتذة الكرام الذين تناولوا حياة ونشاطات سماحة الشيخ ابن باز,
وقد سعدت عندما امر صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز امير منطقة الرياض أمره الكريم بتسمية الشارع الذي يقع عليه منزل الشيخ ابن باز باسمه وهذا الأمر ليس بغريب على الامير الانسان (سلمان بن عبدالعزيز).
اعود للموضوع الذي انا بصدد اقتراحه وهو ان تقوم الرئاسة العامة لإدارة البحوث العلمية والافتاء برصد كل مانشر عن سماحة ابن باز والعمل على تبويبه وفهرسته في مجلد ليكون سفراً وزاداً للباحثين في الدراسات العليا حيث ان سماحته سوف يكون بدون شك محل دراسات وأبحاث عالية المستوى، واهمية هذا السفر أن قد شارك فيه نخبة من العلماء اصحاب الفضيلة وتلاميذ سماحته مما يجعل له أهمية قصوى عند دراسته.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
جبل الدعوة الى رحمة الله
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيق
تغطيات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved