جسد رجل ممدد فوق صخور تكسرت وتكومت فأصبح لها حواف كحد السكين عذاب مجرد النوم فوقها، وطيور استباحت في الجسد كبده واحشاءه طعاما,؟ احدها اكل وشبع فاكتفى بالتحديق الى ما تبقى بعد شبعه وآخر يغرس منقاره في عمق الكبد، واسراب في البعيد قادمة تقودها رائحة الموت,, هكذا الى ان فارقت الروح جسدها يصبح الانسان بلا قيمة تزيد عن طعام طائر؟
لكن هنا سؤال يثور: ما الذي اتى بهذا الجسد وحده، وعاريا الى هذا المكان القفر خاصة انه ليس بجواره نهر او بحر يكون قد خرج منه لحظة الموت,؟ لا بد ان صاحبة اللوحة الصديقة غادة الخميس ترمي الى شيء آخر.
في الاساطير القديمة طيور موكلة بتعذيب المخطئين يسمونها الايرينيات او (الفيوريز) تتعقب الآثمين حتى تصيبهم بالجنون او الموت، الجزء الثالث من مسرحية للكاتب إيسخيلوس (الثلاثية) حملت اسم هذه الطيور، ورأيناها تتعقب بطل القصة الذي قتل امه، ونعرف قصة (بروميثيوس) والطيور التي سلطت عليه كي تنهش كبده,, ترى أتكون هذه رؤية كابوسية لانسان ادرك الى اي حد هو غارق في خطيئة فهكذا رأى نفسه حين غفا؟ ان صح فاللوحة توظيف جيد لمعرفة صاحبتها بالاساطير التي التقطت منها بعدا إنسانيا يتمثل في عذاب الضمير وتبدياته على نحو ما تأتي في كوابيس النوم.
رغم ان الصورة مجرد خطوط، وخالية من التظليل الذي يعوض الالوان فإن صاحبة اللوحة استطاعت ان تجسد الابعاد وترصد الحركة، بل اكثر من هذا أنها تكاد تعطينا الداخل النفسي لعناصر اللوحة، حتى نكاد نعرف ما يفكر فيه ذلك الطائر الذي اعتلى صخرة واكتفى بالتحديق.
|