Tuesday 25th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 10 صفر


دروس تربوية من حياة ابن باز
د,عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد الرشودي*

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى: وبعد
هذه الحياة مليئة بالعجائب والحوادث المحزنة والمفرحة، ولكن يبقى لبعض تلك الحوادث حق الاولوية والظهور، وإن خبر وفاة سماحة شيخنا الوالد عبدالعزيز بن عبدالله بن باز في الاسبوع المنصرم- كان بحق فاجعة كبرى على امتنا الاسلامية بعامة، وحق لها ان تفجع لهذا المصاب العظيم، والنابه منا هو الذي يتلمس ابرز معالم التأثير في شخصية الباز العالمية، فهو رحمه الله منحنا دروساً تربوية عالية في شتى نواحي الحياة ومن ذلك: منحنا درساً في حسن التعامل مع متغيرات الحياة الحديثة والجمع بين الاصالة بالتقيد بمنهج اهل السنة والجماعة، والمعاصرة بحسن الافادة من مجالات التقنية الحديثة بتطويعها لصالح دعوته ومنهجه.
كما اعطى درساً في بذل الخير للغير تقرباً لله عز وجل فهو لاينتظر بمعروفه مع الناس منحة اومدحا، بل انه يحذر كثيراً من المدح له والثناء عليه رحمه الله وانما هدفه :انما نطعمكم لوجه الله لانريد منكم جزاء ولاشكوراً هكذا نحسبه وهو حسيبه.
كما انه افادنا بدرس عظيم عن احتقاره لهذه الحياة وملذاتها بجانب ما اعد الله لعباده المتقين من النعيم المقيم، فالباز تسنم اعلى المناصب العلمية والاجتماعية في العالم الاسلامي اجمع، ومع ذلك لم يستهوه المنصب فيدل به على الآخرين، بل انه اعتبر نفسه كآحاد الناس، الا انه فاقهم بالقول الصادق والعمل الصالح.
واعطى درساً في اهمية النفع المتعدي وتقديمه على الاعمال ذات النفع القاصر فهو -رحمه الله- يمضي سحابة نهاره وهزيعاً من ليله لتلبية حاجة المحتاجين ورفع الضرر عن المتضررين بقدر استطاعته.
الباز منح الامة درساً في ان الحياة لامكان فيها للكسل او الانانية المقيتة فهو -رحمه الله- في سن التاسعة والثمانين من عمره واعمى البصر، ومع ذلك يقوم باعمال، ويوجه بتوجيهات لايقوم بها عشرات الناس من الأقوى منه جسداً واصغر منه سناً، فلقد اثبت -رحمه الله- للجميع أن المسلم يستطيع ان يبذل كثيراً ولو كان يصارع المرض على ابواب الموت، ولا افشي سراً ان قلت بأنه مرت على مكتبي شفاعة منه- رحمه الله تعالى- قد وقعها بتاريخ 26محرم1420ه.
فأي عطاء ذلك العطاء من اجل ان يقف مع حاجات الناس وهو على سرير الموت وبين اروقة المستشفى، فيالله ما اعظمه من امام!!,.
ومن المعالم التربوية في حياة ذلك الامام.
ان سلامة الصدر من الغل والحسد تمنح صاحبها الود الحميم حتى من شانئيه فهو -رحمه الله - لايكن بصدره الا النصح والدعاء لكل احد.
وان من يعرف النزر اليسير عن شخصية الباز التربوية يدرك حقاً ويعلم صدقاً، ان ماكتب عنه، ومارثي به انما هو نقطة في بحر عطائه المتدفق لأمته رحمه الله تعالى.
وقفة أخيرة:
وماذا بعد رحيل الباز من بين اظهرنا، هل يكون حظنا منه فقط التعشق لأمجاده وذكرياته، او النسيان له ولاعماله بمجرد مرور ايام واسابيع على وفاته؟,, لا والف لا,.
بل ان الموقف الصحيح منا تجاهه يتلخص بما يلي:
اولاً: اتخاذ حياته واعماله نبراساً يحتذى به فهو قدوة في البر والخير للكبير والصغير والامير والمأمور والذكر والانثى على حد سواء.
ثانياً:استشعار واجب الامانة وضخامة العبء الذي خلفه -رحمه الله- لمن هم بعده من العلماء العاملين، والرعاة المصلحين الذين يتوجب في حقهم اكمال مسيرة الخيرية، وياله من حمل تنوء به الجبال.
ثالثاً: من اراد مجداً كمجده، ومكانة كمكانته في الدنيا بثناء الناس عليه ودعائهم له، وفي الأخرة ان شاء الله بالثواب العظيم،فالطريق مشروع امامه، فليجد وليجتهد باصلاح نفسه والسعي في اصلاح غيره وبذل الجهد في النفع المتعدي وليلتزم الصبر في مسيرته تلك فإن الله مع الصابرين.
وكل من جد في امر تطلبه
ولازم الصبر الاحاز بالظفر
رابعاً: ينبغي ان يتميز المسلم بسعة الافق فيما يأتي وما يذر فلاتحصره الحدود ولاتقيده التقاليد، بل عليه ان يكون عالمياً في تصوراته واعماله وجهاده وجهوده.
وفق الله الجميع لفعل الصالحات الباقيات
*وكيل عميد القبول والتسجيل بكليات البنات .

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
جبل الدعوة الى رحمة الله
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيق
تغطيات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved