Tuesday 25th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 10 صفر


سماحة الشيخ ابن باز فقيد العالم الإسلامي

قال تعالى (وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون).
نعم: انا لله وانا اليه راجعون، لقد مات علم من اعلام الاسلام في العصر الحاضر، مات امام من ائمة اهل السنة والجماعة.
نعم: لقد مات الشيخ عبدالعزيز بن باز وصدق الله العظيم (وماكان لنفس ان تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين)، اللهم اجعلنا ممن يريد ثواب الآخرة.
لقد كان وقع النبأ على الجميع مفجعاً وأليماً، لقد مات الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله- وإن في الديار حنيناً وفي الصدور انيناً وفي العين عبرات وفي النفوس زفرات، فلاحول ولاقوة الا بالله وانا لله وانا اليه راجعون، ولانقول الا كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم (إن العين تدمع والقلب يحزن ولانقول الا مايرضي ربنا، وانا لفراقك يا ابراهيم لمحزونون)، وان الامة الاسلامية لشيخها وعالمها وامامها، إمام اهل السنة والجماعة لهذا العصر لمحزونون.
ان خسارة البلد بفقدان الرجال خسارة لاتعوض، مالم يكن لها من الخلف من يقوم مقام السلف، فإن رجلاً بأمة وان امة برجل.
ان العالم يبكي ان فقد واحداً من العلماء، فكيف لايبكي الشيخ عبدالعزيز ابن باز وقد ندر مثله، واننا لنسأل الله تعالى ان يعوض على الامة الاسلامية من يقوم مقامه في العلم والدعوة والتربية ونشر الخير والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن المؤمن لايعرف اليأس ولا القنوط، قال تعالى (انه لاييأس من روح الله الا القوم الكافرون)، ولا اريد هنا بهذه الكلمة القصيرة ان اشيد بشتى مآثر الشيخ- رحمه الله- تلك المآثر التي تستند على ايمان بالله راسخ وعلم واسع وقلب محب للخير، ونور يشع منه الايمان في كل مكان.
لقد مات الشيخ -رحمه الله- وهو امة في فرد، وقد نفع الله به البلاد والعباد في انحاء العالم كله، فقد كان يتحسس آلام الامة وحاجاتها من الشرق والغرب، وما من بلد في انحاء المعمورة الا وقد امتدت يده المباركة لمساعدته، فتجد اثره انى ذهبت، وانى اتجهت، كان العالم كله امامه يسأله عن اخبار المسلمين ويتابع احوالهم، ويشد ازرهم ويجيب استفتاءاتهم.
كان -رحمه الله- حريصاً على نشر العلم وتشجيع طلابه، وذلك من خلال دروسه ومحاضراته وكتبه ورسائله وعمله في الجامعة الاسلامية في المدينة المنورة، فقد رأيت كثيراً من الدعاة في انحاء العالم الاسلامي يفتخرون بأنهم ممن تتلمذ على الشيخ ابن باز - رحمه الله- بل من لم يلق الشيخ يسأل عن فتاواه وآرائه,, وقد جعل الله في قلوب الناس له المحبة والقبول.
واما عن منهج الشيخ في الدعوة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصح، انه يمثل بحق منهج اهل السنة والجماعة في الدعوة، واننا في مثل هذا العصر في حاجة الى ان نبرز هذا المنهج للدعاة وطلاب العلم لانه منهج يقوم على الاعتدال والرفق، متوخياً في هذا منهج المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ومنهج السلف الصالح من هذه الامة.
ولذا,, في هذه المناسبة كان لزاماً على طلاب العلم خاصة في الدراسات العليا ان يبحثوا هذا المنهج الفريد في الدعوة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ذلك المنهج الذي تميز به سماحة الشيخ -رحمه الله-.
ان منهج الامام الشيخ في الدعوة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر يحتاج الى وقفة متأنية ودراسة دقيقة لابراز هذا المنهج، وهذه دعوة للباحثين والمهتمين بتراث الشيخ الجليل.
ان الحديث عن الشيخ له جوانب متعددة عن تواضعه وكرمه ورحابة صدره وعطفه على الفقراء والمساكين، واهتمامه بقضايا الامة الاسلامية وتتبعه لها, واما عن علم الشيخ فإنه فريد زمانه، فهو علم قائم على الكتاب والسنة وعدم التعصب، فإن منهج الشيخ -رحمه الله- في التعامل مع ولاة الامر بالثناء والشكر على مايقومون به من اعمال جليلة والنصح والدعاء لهم بالتوفيق، وهذا منهج أهل السنة والجماعة، ان خسارة الامة الاسلامية به خسارة عظيمة.
وإني لأعزي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الامين وسمو النائب الثاني والاسرة الكريمة والامة الاسلامية واسرة الشيخ واهل العلم وطلابه,
ونسأل الله سبحانه وتعالى ان يعوضها خيراً، وافضل مايقوله الصابرون - إنا لله وإنا اليه راجعون-، فرحمه الله رحمة واسعة وعوض الامة عنه خير العوض.
وجزاه الله خيراً وتغمده برحمته وجعله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا.
عبدالعزيز بن عبدالله العمار*
* الوكيل المساعد لشؤون الدعوة .

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
جبل الدعوة الى رحمة الله
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيق
تغطيات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved