يعد مشروع كتاب في جريدة من المشاريع التثقيفية الناجحة والذي يتم باشراف خاص من منظمة (اليونسكو) ويعنى بالثقافة الجماهيرية التي تخترق حاجز غلاء اسعار الكتب وندرة توزيعها لتصل الى الجميع فمن خلال هذه الطبعة الشعبية تصل الكثير من الكتب القيمة كل بيت هو بحاجة لها.
ولكن هذا المشروع على الرغم من جماله ونبل وسمو مقاصده الا انه لم يقابل بالرضاء التام من جميع الجهات في العالم العربي، بدليل ان اخواننا المصريين قد اطلقوا عليه اسم كباب في جريدة! بدلاً من كتاب في جريدة ناهيك عن صيحات الاحتجاج التي تطلق بين الفينة والاخرى من لبنان عن هذا المشروع ومحتواه على الرغم من ان اللجنة المعنية باختيار الكتب تضم نخبة من المبدعين والمفكرين من عموم العالم العربي.
اذاً تبقى القضية هنا قضية المركزية الفكرية والثقافية التي تأبى ان تتنازل عنها بعض العواصم العربية.
ونحن هنا لا نقول تتنازل بل على ابسط الاحتمالات تقبل بأسلوب المشاركة والتكاملية الفكرية والثقافية في عموم العالم العربي دون ان يكون هناك مصدر بث واشعاع فقط وبقية الاقطار في حالة تلق سلبي وصامت, فصحيح ان تلك الاقطار كان لها الريادة الفكرية والادبية في وقت من الاوقات لكن هذا لا يخول هذه الريادة بأن تصبح حكراً أدبياً لها في طقوس شوفينية من الممكن ان تصنف كل أدب لم ينتج في القاهرة او لبنان او تحت مظلتهما بأنه كباب .
فانتاج تلك البلدان لم ينظر اليه بصورة جادة ومدرسة بعد فهو ما برح يصنف ضمن الأدب الطارىء او الغرائبي والذي لا يقدم ادباً سامياً راقياً بقدر يجعله يمثل تياراً متميزاً في الأدب العربي الحديث ويبدو ان صيحات الاحتجاج في مجملها تنطلق كون تلك المراكز التي تصر على ان تبقى محورية لم تعد تبث وترسل فقط بل اصبح من الواجب عليها ان تقرأ ، على اعتبار ان مشروع كتاب في جريدة يحتوي اعمالاً ادبية من جميع اقطار العالم العربي وليس اقطار المراكز فقط لذا ازدوجت ازمة اللحمة مع ازمة المركزية المهددة واصبح الكتاب كباباً بقدرة قادر.
وكما نعترف وندين بالفضل لتلك الاقطار كونها حملت دور الريادة الفكرية في عموم العالم العربي لأجيال طويلة يجب ان نؤمن ايضا بأن الاطراف بدأت تبلور تجاربها الخاصة بها ، تلك التجارب التي لا تقل باي حال من الأحوال عما تقدمه المراكز او تنتجه من ادب او فكر ، لكنها تبقى على كل حال شكل من اشكال ديكتاتورية المركز.
أميمة الخميس