لم تكن الكتابة بالنسبة لي في يوم من الأيام ترفا بل امتزاج حقيقي بالحياة وإصغاء لضجيجها حينا وأسئلتها المرة حينا آخر، وأحيانا كثيرة بحثا عن حياة مخاتلة يصعب التنبوء بمجرياتها او دلائل مستقبلها ولذا كان من الصعب دائما تهيئة مناخات مسبقة لشخصيات صغيرة في النصوص فما بالك بالشخصية الطاغية أو التي يبنى مستقبل النص عليها.
والعديد من الشخصيات أتحت لهم فرصة طويلة في ذاكرتي متمنيا لهم سياقات معينة لكنهم حين خرجوا إلى الورق تمردوا على أفكاري السابقة لأنماط حياتهم محتفظين لبعضنا بالخطوط العامة التي منحتنا أن نكون أصدقاء مما يدعوني لترك الحياة ناهضة في أهوار النص ليغدوا جزءا من الحياة بوجهها العام الحي المحتكم إلى عدم الثبات والجاهزية.
الأبطال الجاهزون سلفا والمصنعون بعيدا عن النص يصبحون نشازا بين التفاصيل وإصرارنا على أشكال معينة لا يمنح نصوصنا البقاء وهذا طبعا لا ينسف قيمة التخطيط لبناء النص وتبني الرؤى الأدبية والفكرية التي بدونها يبدو النص هلاميا وعابرا ومعها يكتسب دلالاته الرمزية والتأويلية التي بدورها تمنح الشخوص والأبطال والحكايات حياة متجددة عبر التأويل والقراءات بمستوياتها المختلفة.
مشكلتي مع شخصيات نصوصي أنني أتركهم كثيرا يتحدثون بضمير المتكلم مما يجير الكثير من خطاباتهم ومجريات حياتهم إلىَّ ككاتب مع اصرار البعض على أن كل ما قيل هو جزء من حياتي الخاصة,, لكن لا بأس لابد من أن نتحمل تبعات بعضنا ولو على الصفحات حين تضيق المساحات.
|