Sunday 30th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 15 صفر


بدون ضجيج
اليوم: خميس!!
جارالله الحميد

أذكر أن صديقا قال لي: إنه يستغرب تعاملنا مع أيام الإجازة الأسبوعية, فنحن نقضيها أما بالنوم نهارا والسهر أمام التلفزيون ليلا, أو بالزيارات المكرورة التي لا داعي لها للأقارب وهي زيارات تنتهي بتناول العشاء الذي يكون دسما و(متعوبا) عليه وتنشغل بإعداده بعض البنات اللاتي لا تتاح لهن الفرصة للجلوس مع الضيوف! إذا اعتبرنا هؤلاء ضيوفا! والحقيقة أن كلامه في محله, فنحن نهمل حق الزوجات وأطفالهن في إجازة بعيدة عن الطبخ و(النفخ)! ونصر على أن التسلية الوحيدة المقدور عليها هي هذه الزيارات, بدلا من أن ننطلق إلى أحضان الطبيعة ونستنشق الهواء غير الملوث, ونعطي لعيوننا فرصة أن تنظر للبعيد بأجوائه الساحرة بدلا من حصر مدى الرؤية في صندوق التلفزيون, مع مراعاة ما نستهلكه أثناء (قعدة) التلفزيون من أصناف التسالي: البطاطس والبيبسي والكاكاو فنضيف إلى أجسادنا عبئا آخر تنوء به كما تنوء بكميات اللبن والأرز التي صارت طابعا (وطنيا) نعض عليه بالنواجذ! مهما اصابنا من أمراض يكون غذاؤنا سببا مباشرا أو غير مباشر فيها!
أنا لا أدعو أحدا (أي أحد) كي (يبطل) الرز, لأنني أعاني نفس الضعف تجاهه! ولكني أتحدث في أيام الاجازة التي نقضيها في النوم, والآن بعد (الانفتاح) الفضائي نحيي ليلها بالسهر, إن ظروف مجتمعنا ليس من السهولة أن تغيرها كلمة من هنا ولا من هنا, ولكن أقل الجهد أن نحكي (والحكي ما عليه جمرك) كما يقولون ونردد وراءهم, نحن نعرف أن ليس في كل مدننا هذه الأحضان التي يصفها الصديق بأنها خلابة! لكن لن نعدم شيئا منها, ونقدر ظروف الأسر التي لا تستطيع (الانطلاق إلى أحضان الطبيعة)!, نريد فقط أن نرى حركة في الشوارع تشعرنا أننا لسنا وحدنا في المدينة, نوقف سياراتنا بعيدا ونمشي و(نسولف)!! نقضي حاجاتنا مشيا, نخفف زحام المواقف, نعقد علاقة قربى مع (شوارعنا)! لا نتعامل معها على أنها أسمنت وخرسانة ولا قلب لها, بالعكس أن لها قلوبا في غاية الشفافية, وتحبنا وتحنو علينا, تذكرنا بماضينا وتصور لنا ببساطة كيف يمكن أن نعيش بدون لهوجة وطعطعة السيارات التي تسيير كأنها موجهة بالعقل الالكتروني ماضية إلى هدفها ولو سحقت بسببه المشاعر والقطط الضالة!
ومن قبيل ذلك أن يخرج الأب والأم إلى متجر كبير ومغرٍ وينزلان وحدهما تاركين الصغار في السيارة يبكون لأنهم لا يريدون ازعاجا ولأنهم (وهذا المهم)متخاسرين ريالين فيهم, وكان الأجدر ترك الأطفال في البيت إلا إذا كان الأب يعتبر مجرد ركوبهم في (الصالون) متعة يجب أن يشكروها!
ولو أردنا أن (نكبر) الموضوع لناقشنا جدوى عطلة يوم الخميس من أساسه!
ولكن دعونا نعوم على الشطآن الهادئة أفضل, أتذكر أنه في أحد الأيام كنت مع أحد الأصدقاء مستيقظين مع العصافير, وكان لدى صديقي قضية بشأن (جواله) فقررنا أن نذهب إلى الشركة حالما يفتحون, وتذكرت أنني احتاج ورقة إصلاح لسيارتي بسبب ندبة ظاهرة في جانبها, فقلنا بعد أن نفطر ويفتح الموظفون نتسلى بقضاء أعمالنا, ولم نكذب خبرا في التاسعة وذهبنا إلى دائرة الهاتف, نزل صديقي وبقيت أنا استمع إلى (الإف, إم), وجاء بعد قليل يبرطم وقال إنه لم يجد إلا موظفا واحدا وانه حين قال له المشكلة وهي أنه نسي رقمه السري رد عليه الموظف ببرود: الظاهر أنك ناسيه دايم!
ولم نفهم التورية, وذهبنا للمرور، فقابلنا جندي طيب على البوابة نصف المقفلة ولما سألته عن ضابط صديق لي قال ببراءة: نعم جاء من السفر بس اليوم ما يداوم, قلت: ليش؟
قال: اليوم خميس!
* * *
الكاتب في إجازة:
نظرا لسفر الزميل جارالله في إجازة قصيرة فستتوقف هذه الزاوية حتى عودته من الخارج في منتصف الأسبوع القادم.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved