Friday 4th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الجمعة 20 صفر


رياض الفكر
المملكة,, وأنموذج القدوة في الدعوة
سلمان بن محمد العُمري

تظل الحاجة الى الدعوة الى الله قائمة الى ان يرث الله الارض ومن عليها، فالنفس البشرية تحتاج الى من يرشدها الى الخير والمعروف، ومن اجل ذلك ارسل الله - عز وجل - الرسل الكرام الى البشر: (مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل)النساء الآية 165 فاخرج الله بهم الناس من الظلمات الى النور.
ومحمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم الانبياء والمرسلين بلغ الرسالة، وادى الامانة، ونصح الامة، وتركها على المحجة البيضاء انفاذاً لامر ربه: (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن) النحل الآية 125 .
ولما توفى الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، وانقطع الوحي، حملت الامة المحمدية لواء هذه الرسالة السامية بتكليف من الخالق في قوله: (كنتم خير امة اخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) وانفاذا لما امرها به المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في قوله: (بلغوا عني ولو آية) وقوله: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فان لم يستطع فبلسانه، فان لم يستطع فبقلبه، وذلك اضعف الايمان)
ومن ذلك وغيره من النصوص الشرعية الكثيرة نعلم ان الاصل في تبليغ الدعوة انه موجه الى كل مسلم ومسلمة، الا ان ذلك في حق العلماء والدعاة آكد لمعرفتهم،وسعة علمهم بتفاصيل الدين واحكامه ومعانيه خاصة في مواجهة عالم اليوم الذي كثر فيه الانحراف والعقائد الباطلة والاخلاق الفاسدة، حتى ان كثيرا من المسلمين تخلوا عن دين الاسلام، بل واصبح منهم من لا يعرف من الاسلام الا اسمه، ولا يفهم منه الا بعض اشكاله وصوره، وصاروا عرضة لتيارات وافدة تحمل افكاراً غريبة عن الدين الاسلامي الحنيف.
وكان من رحمة الله - سبحانه - بعباده المسلمين - على مر العصور الاسلامية المتتابعة- ان بعث لهم من يجدد دينهم، ويبصرهم به متى ما ضعفوا، او ابتعدوا عن المنهج القويم.
وتعد دولتنا العظيمة - المملكة العربية السعودية - انموذجاً مثالياً لهذا التجديد الدعوي، الذي اعاد للاسلام في الجزيرة العربية قوته وصفاءه ونفوذه، وامتدت آثاره المباركة الى اجزاء كثيرة من العالم.
ذلك ان الامام المجاهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله- استطاع بفضل الله وعونه اعادة بناء الدولة السعودية، ووحد شملها على كلمة التوحيد، وغرس مبادئ العقيدة الاسلامية السمحة، واستطاع خلال سنوات حكمه ان يوطد اركان الدولة على دعائم الاسلام وشريعته الغراء، واستفاد من منجزات العصر الحضارية دون ان يفرط في اي جانب من جوانب دينه.
ثم سار ابناؤه البررة من بعده على المنهج نفسه مواصلين مسيرة الدعوة والخير والنماء حتى اصبحت المملكة تقف اليوم- وبعد مرور قرن كامل على تأسيس هذا الكيان الاسلامي المتين- بين مصاف الدولة المتقدمة حضارياً، وتحتل - في الوقت ذاته- مكانتها القيادية والريادية في خدمة الاسلام والمسلمين في كل مكان.
ويحضرني في هذا الامر ما قاله معالي وزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي: بانه انطلاقاً من الاساس المتين من توحيد المملكة على يد الملك عبد العزيز -رحمه الله- ومن ترسيخ قواعدها بحفظ الدين، ونشر الامن في ربوعها، واقامة فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في مجتمعها، انفتح امام ابناء المملكة الاسهام في خدمة الدين والوطن على مصراعيه بالدعوة الى الله، والعمل الصالح، حتى اصبحت الدعوة الى الله اوضح سمات المملكة، وابرز خصائصها التي اختصها الله بها، وميزها بها عن سائر الدول .
ولا شك ان ندوة الدعوة في عهد الملك عبد العزيز التي يفتتحها -بمشيئة الله تعالى- صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبد العزيز آل سعود وزير الداخلية يوم غد السبت، تعد دليلاً ناصعاً على شدة حرص ولاة الامر في هذا البلد الكريم، على عمل كل مامن شانه خدمة الاسلام والمسلمين بعامة، وتطوير العمل الدعوي والاسلامي ودعم مناشط وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد بخاصة.
ورعاية صاحب السمو الملكي الامير نايف لهذه الندوة احدى صور هذا الدعم الكبير كما انها تؤكد - كما قال معالي الوزير التركي- حرص سموه- حفظه الله- على ان تأخذ الدعوة الى الله مكانها اللائق بها، وان يقوم العلماء والدعاة بواجبهم منطلقين من ثوابت الاسلام واسسه الواضحة في الكتاب والسنة، وما سار عليه السلف الصالح.
نعم,, لقد اصبحت مواجهة قضايا العصر وما جد فيه من امور ومشكلات، في امس الحاجة الى ايجاد العلاج المناسب حتى تستطيع الامة ان تنهض من غفوتها، وتفطن الى ما يحاك حولها من مكائد ومصائب، يدبرها اعداء الاسلام للاطاحة بها,, ولا سبيل ابداً الى ذلك الا من خلال الاقتداء بدعوة الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله- التي استهدفت انقاذ المسلمين من الضلال، وخلصت عقائدهم من الشوائب وسلوكهم من الانحراف، وكان له ما اراد - بفضل الله وعونه- ثم بمؤازرة الامام محمد بن سعود -رحمه الله- الذي ساند الدعوة بصدق واخلاص.
ان ندوة الدعوة في عهد الملك عبد العزيز تعد حلقة قوية من حلقات جهود هذه الدولة المباركة في خدمة الدعوة الاسلامية، واضاءة تسهم في جلاء صورتها الباهرة، لتكون منهجاً وقدوة لكل من يرغب في الاسهام في خدمة هذا الدين الحنيف دون غلو او تطرف او تفريط اوافراط، بسلوك مناهج الوسطية الاقوم والاعدل الذي به - وبه وحده- تعود للامة هيبتها، وعزتها بين شعوب العالم.

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
شرفات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved