Friday 4th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الجمعة 20 صفر


نقاط فوق الحروف
هكذا عرفت سماحة الشيخ ابن باز

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الله,, وبعد:
فبقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره تلقى المسلمون في كل مكان نبأ وفاة والد الجميع سماحة الامام العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء ورئيس ادارة البحوث العلمية والافتاء - رحمه الله واسكنه الفردوس الاعلى في جنته - الذي كان علما بارزا من كبار علماء الامة الاسلامية جمع الله له العلوم الشرعية والعربية حتى صار مرجعا لعلماء الامة يصدر عنه العالم وطالب العلم في العلم والفتوى والدعوة والتدريس والتربية بالقول والعمل فهو مجاهد في كل سبل الخير قضى عمره المديد فيما يصلح الامة دينا ودنيا ورزقه الله غزارة العلم في العقيدة والفقه والحديث والتفسير والفرائض والسيرة النبوية وعلم رجال الحديث ومع هذا جمع الله له مكارم الاخلاق فهو مدرسة علمية وتربوية في جميع افعاله واقواله على هدي الكتاب والسنة فهو قمة في الصبر على الطاعة والحق وطلب العلم وبذله للناس ومضرب المثل في التواضع وحب الخير للآخرين وطهارة القلب وسلامة الصدر والحلم والكرم والصبر والاحتساب والعمل الدؤوب المتواصل والغيرة على دين الله ومحارمه وتطبيقه للامر بالمعروف والنهي عن المنكر بشتى الوسائل وفي كل مكان وزمان وفي اي مناسبة مع الحث عليه ومتابعته وتوجيهه الدائم لرجال الحسبة والدعاء لهم وحبه لخدمة الناس خصوصا الضعفاء غير القادرين فهو الوالد الحنون لكل مسكين وفقير وعاجز نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله احدا يستقبل الناس ليل نهار في بيته وفي مكتبه وفي المسجد والشارع مع حرصه الشديد على تطبيق السنة في السفر والحضر وقد ضرب المثل الاعلى في حفظ الوقت والاستفادة منه فيما ينفع فهو - رحمه الله - لا يضيع شيئا حتى اثناء ركوبه للسيارة او الطائرة او حضور مناسبة وعلى حد علمي فلا اذكر انه تمتع باجازة ولا ليوم واحد ومعلوم انه يعمل طوال الايام بما فيها اجازة الاسبوع والعيدين وقد يسر الله لي ان عملت تحت ادارته واشرافه وتوجيهه الابوي عدة سنوات فاستفدت من سماحته - رحمه الله - الشيء الكثير كغيري ولله الحمد وهو قائد اداري ناجح بكل المقاييس وقدوة حسنة في التعامل الطيب مع الموظفين والمراجعين والمسؤولين على حد سواء، جعل الله ذلك في ميزان حسناته، وكما هو معلوم ان منزله مفتوح للجميع ولا يأكل طعامه يوميا الا مع ضيوفه، وقد اشتهر وذاع صيته في الداخل والخارج لاهتمامه بمتابعة امور المسلمين في الداخل والخارج وفي المراكز والجمعيات والاقليات الاسلامية وفي كل مكان، وقد اجمع المسلمون والمسلمات في الداخل والخارج على حبه الصغير والكبير الذكر والانثى العالم والمتعلم والأمي، وقد اكرمه الله بالكثير والكثير من مكارم الاخلاق التي لا تتوفر الا في نوادر الرجال ومن بعض الشواهد الكثيرة على تميزه العظيم في هذا الجانب مرة خرج معه سائل من جامع الامام تركي بن عبدالله بالرياض مع الباب الجنوبي فوصل - رحمه الله - السيارة دون ان يكمل الرجل حاجته فطلب منه الشيخ - رحمه الله - ان يركب معه في السيارة لإكمال موضوعه فارتبك ثم قال انا دخلت الجامع مع الباب الشمالي وحذائي 0 اعزكم الله - هناك فقال سماحته ننتظرك حتى تأتي بها وفعلا انتظره حتى جاء وركب معه فانظر يارعاك الله الى هذا التواضع والحرص على تبسطه مع الجميع والحرص على قضاء حوائجهم.
ومثال آخر: كلمه رجل من امريكا في منزله بعد العشاء وتبين من حديث سماحته له انه من ابناء الجاليات العربية هناك يستفتيه ويطلب المساعدة في الزواج فلاحظ الشيخ بسرعة بديهته ودقة ملاحظته انه محتاج فرأسا طلب منه رقم هاتفه وقال نتصل عليك الآن حتى لا يكلفك الاتصال وفعلا كلمه - رحمه الله - في الحال واستكمل الحديث معه فسبحان من منحه هذا العطف والحنان على المسلمين والرفق بهم وحب مساعدتهم وغير ذلك كثير يصعب حصره في مثل هذه العجالة.
اما حرصه على تطبيق السنن الفعلية والقولية التي بعضها نسيها الكثير من الناس مع الاسف فدقته وذكره لها امر عجيب فمثلا اذا جاء من السفر نهارا او ليلا يقصد المسجد رأسا ويصلي النافلة ثم يذهب لبيته واهله، كذلك حبه التيامن في كل شيء حتى ركوب السيارة يحرص على الركوب من الباب الايمن ولا يعرف عنه انه يوما من الايام رفع صوته على احد اوغضب على احد فهو لا يغضب البتة الا عندما تنتهك محارم الله او ذكر له منكر فهو يتأثر ويعمل ما في وسعه لانكاره بالطرق المناسبة.
وحفظه للمتون والاسانيد ودقته في ذلك امر معروف لدى الكثير من العلماء وخصوصا طلابه ولديهم الشواهد الكثيرة في ذلك فيذكر احدهم انه في احد دروسه قبيل وفاته - رحمه الله - قرأ عليه احد تلامذته تحقيق مسألة من ورق مصور من سنن الدارمي وسنن الدار قطني وقال القارىء هذا من سنن الدار قطني - خطأ منه - فرد عليه الشيخ وقال هؤلاء ليسوا رجال الدار قطني - اي رجال السند - فتأكد القارىء واذا به يقرأ من اوراق سنن الدارمي سهوا منه، اما زهده في حطام الدنيا فحدث ولا حرج وشواهد ذلك واضحة جلية لجميع من عرف الشيخ.
وقد فجع الجميع وحزنوا اشد الحزن لفقده وما حصل من كثرة المصلين عليه في الحرم المكي الشريف والتزاحم في تشييع جنازته - رحمه الله - لهو من اكبر الادلة على حب الناس له وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين وسمو النائب الثاني - حفظهم الله ورعاهم - واصحاب السمو الملكي الامراء واصحاب الفضيلة العلماء واصحاب المعالي الوزراء وجمع كبير من المسلمين - حفظ الله الجميع ورعاهم واجزل لهم الاجر والثواب سائلا الله ان يتغمد فقيد الامة بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته وان يعلي درجاته في الفردوس الاعلى وجميع المسلمين وأن يجزيه عن الاسلام والمسلمين خير الجزاء لقاء ما قدم وبذل من خير وعلم ودعوة واصلاح وان يخلف على جميع المسلمين بخير وان يحسن العاقبة للجميع وان يوفق للاستفادة من سيرته كما اسأله جل وعلا ان يحفظ لنا ديننا وولاة امرنا وعلماءنا وامننا ومملكتنا العزيزة من كل سوء ومكروه، وان يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه وان يجمع الكلمة ويوحد الصف ويثبت الجميع على الحق انه على كل شيء قدير .
عبدالكريم بن عبدالمحسن التركي
مدير عام الشؤون الإدارية والمالية في الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
شرفات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved