Friday 4th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الجمعة 20 صفر


الدعوة ومؤسس الدولة
سعود بن عبدالله بن طالب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإن من يطلع على التاريخ الإنساني بعامة، والتاريخ الإسلامي بخاصة بتضح له أن الله سبحانه وتعالى خلق رجالا ووهبهم مواهب متعددة، ومزايا كثيرة ومع تلك المواهب والمزايا، فإن الله يوفق منهم من شاء لاستعمال مواهبه في الخير والنفع، ومنهم من يستخدمها في الشر والضرر.
ومن عباقرة التاريخ الإسلامي الذين رزقهم الله تعالى مواهب كثيرة، وخصائص جليلة، ووفقهم مع ذلك لتسخير مواهبهم، وخصائصهم في خدمة دينهم، وأمتهم ووطنهم، من هؤلاء العباقرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل رحمه الله موحد شبه الجزيرة العربية، ومؤسس دولة الإسلام في العصر الحديث المملكة العربية السعودية.
ولا شك أن كل واحدة من مواهبه وخصائصه العظيمة تحتاج الى تأليف مستقل لاستجلائها، واستقصائها.
ومن جوانب شخصيته الفذة، وخصائصه العظيمة التي تميز بها من بين سائر الملوك، والرؤساء في العصر الحديث بأنه كان داعية الى الله تعالى، والى نشر الإسلام لا في الجزيرة العربية فحسب، ولا في الدول الإسلامية فقط، بل في العالم كله.
وكان رحمه الله يعتز بكونه داعية الى الله تعالى والى نشر الإسلام، والى تصحيح العقيدة، وتخليصها من كل ما يشوبها، كان يعتز بذلك، ويفتخر به أكثر من اعتزازه بالملك والإمارة لأنه كان رحمه الله يدرك تمام الإدراك فضل الدعوة الى الله تعالى، وأنها من أعظم مسؤوليات ولي أمر المسلمين، لقوله تعالى ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وقوله تعالى: ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .
كما أنه كان على علم تام، وإدراك كامل بأن دولة آل سعود ترتبط ارتباطاً وثيقا لا ينفك، بالدعوة الإصلاحية التي قام بها الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله بعد ان تمسك بها، وناصرها، ونشرها في الجزيرة العربية، مؤسس الدولة السعودية الأولى، الإمام محمد بن سعود رحمه الله وأبناؤه وخلفاؤه من بعده.
وكان المنهاج الذي يدعو إليه الملك عبدالعزيز رحمه الله هو المنهاج القويم، والصراط المستقيم الذي حددت معالمه وحدوده في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفق فهم السلف الصالح.
يقول رحمه الله أنا مبشر أدعو لدين الإسلام، ولنشره بين الأقوام، أنا داعية لعقيدة السلف، وعقيدة السلف الصالح هي التمسك بكتاب الله، وسنة رسوله، وما جاء عن الخلفاء الراشدين .
وكان من أهم أولوياته إحياء الدعوة السلفية التي قام بها الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وناصرها أجداده الكرام من آل سعود لانه رحمه الله درس هذه الدعوة، وأدرك أنها لا تخرج عن المنهاج الذي يدعو إليه، يقول رحمه الله يسموننا الوهابين ويسمون مذهبنا بالوهابي، باعتبار انه مذهب خاص، وهذا خطأ فاحش، نشأ عن الدعايات الكاذبة التي يبثها أهل الأغراض.
نحن لسنا أصحاب مذهب جديد، او عقيدة جديدة، ولم يأت محمد بن عبدالوهاب بالجديد، فعقيدتنا هي عقيدة السلف الصالح التي جاءت في كتاب الله، وسنة رسوله، وما كان عليه السلف الصالح .
وكانت غايته السامية ان يقيم شريعة الإسلام، في بلاد الإسلام، وتحكيم الكتاب، والسنة في جميع شؤون الحياة، يقول رحمه الله في خطبة له بالمدينة المنورة:
إن خطتي التي سرت ولا أزال أسير عليها، هي إقامة الشريعة السمحة وكان من أجل أعماله الدعوية التي قام بها انه نشّأ أولاده النجباء، ورباهم على أن يكونوا دعاة الى الله بأموالهم وأنفسهم، لتكتسب الدعوة الى الله تعالى، والعناية بها صفة الاستمرارية والدوام وهذا من عظيم حكمته رحمه الله وبعد نظره.
فقد أقام رحمه الله هذا الكيان الشامخ، وأسس هذه المملكة العظيمة على شريعة الإسلام، والدعوة الى الله تعالى، وسار أبناؤه البررة على خطاه في الدعوة الى الله تعالى، والاهتمام بها، ورعاية الدعاة الى الله تعالى، حتى وصل الأمر الى ما يشاهده العالم كله في عهد خادم الحرمين الشريفين حفظه الله من تطور شامل لأساليب الدعوة الى الله، من إنشاء للمراكز الإسلامية والمساجد، ومن نشر للمكاتب الدعوية، والدعاة في جميع أنحاء العالم، وطباعة الكتب الإسلامية وعلى رأسها كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وترجمة معانيها الى اللغات التي يتحدث بها المسلمون، وتوج ذلك كله بإنشاء وزارة تعنى بالدعوة الى الله تعالى، ونشر الإسلام في جميع أنحاء الدنيا، وهي وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد، مما يصح معه ان يطلق على المملكة العربية السعودية انها دولة الدعوة، قامت على الدعوة، وناصرت الدعوة في جميع مراحلها التاريخية، لم تنفك فيها الدولة عن الدعوة، ولم تنفصل الدعوة عن الدولة.
ولا شك أن من الوفاء لهذا الملك الداعي الى الله، وخدمة الدعوة الى الله تعالى، إبراز الجانب الدعوي من شخصية الملك عبدالعزيز، وسيرته الراشدة رحمه الله تعالى وهذا ما تقوم به وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد، باقتراح ومتابعة حثيثة من معالي وزيرها الشيخ الدكتور/ عبدالله بن عبدالمحسن التركي، من إقامة ندوة عن الدعوة الى الله تعالى في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله .
ومما يزيد هذه الندوة رونقا وبهاء ان الذي يرعى هذه الندوة المباركة ويفتتح أعمالها أحد أبناء الملك عبدالعزيز رحمه الله السائرين على منهاجه، المقتفين أثره في العناية بالدعوة الى الله تعالى، ورعاية الدعاة في كل مكان، والاهتمام بتطوير شؤون الدعوة، وأساليبها ووسائلها، انه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وفقه الله لكل خير، وأمده بعونه وتوفيقه.
نسأل الله تعالى ان يديم على هذه الدولة المباركة نعمه الجليلة وأعظمها نعمة التمسك بالإسلام والاعتصام بالكتاب والسنة والدعوة الى ذلك ونشره في العالم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
شرفات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved