Friday 4th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الجمعة 20 صفر


من وحي المنبر
الداعون إلى الهدى والداعون إلى الضلال
الشيخ الدكتور/صالح بن عبد الرحمن الأطرم *

الحمد لله القائل في محكم كتابه: (ومن احسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحاً وقال انني من المسلمين) احمده سبحانه من إله، بيده ملكوت كل شيء، واليه يرجع الامر كله، واشكره على ان هدانا للاسلام وما كنا لنهتدي لو لا ان هدانا الله، واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، يهدي من يشاء الى صراطه المستقيم، واشهد ان محمداً عبده ورسوله امام المتقين والمهتدين، والمحذر من طريق الزائغين الضالين، اللهم صلّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله واصحابه، المتمسكين بسنته، الداعين الى الاخذ بهديه، وسلم تسليماً كثيراً.
اما بعد:
ايها الناس,, اتقوا الله تعالى، وراقبوه في السر والعلانية، عن ابي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (من دعا الى هدى كان له من الاجر مثل اجور من تبعه من غير ان ينقص من اجورهم شيئاً، ومن دعا الى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً) رواه مسلم.
ايها المسلمون,, ارسل الله محمداً بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين له ولو كره المشركون، فهدى البشرية الى ما فيه صلاحها بالدلالة والارشاد، وتبليغ ما نزل به جبريل - عليه السلام- من الله، كما وصفه الله بقوله: (وكذلك أوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا وانك لتهدي الى صراط مستقيم) ومعنى انك لتهدي: اي لتدل وترشد الى الصراط المستقيم، فيسلك هذا الصراط من وفقه الله وكان عنصر خير، ويضل عنه من عميت بصيرته وكان عنصر شر.
وهداية التوفيق هي التي بيد الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: (انك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء).
نزلت هذه الآية عندما حاول النبي - صلى الله عليه وسلم- مع عمه ابي طالب بان ينطق بكلمة التوحيد لينخلع من ثوب الشرك في آخر رمق من حياته، فقال: يا عم قل لا اله الا الله، كلمة احاج لك بها عند الله، وعمه يأبى ذلك مخافة المسبة من قومه، فالله - جل وعلا- يقول لنبيه مسليا له ومخبراً بانه ادى ما عليه من الهداية، وما كان بيد الله - وهي هداية التوفيق- فليست بيدك: (انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء)، ومن هنا شرع الله سؤاله الهداية التي تجمع النوعين في كل ركعة من الصلوات، وهي قوله: (اهدنا الصراط المستقيم* صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) اي دلنا وارشدنا ووفقنا، وفي هذا الحديث الذي تقدم ذكره والذي سمعنا نصه الخير الكثير، والفضل العميم لمن دعا الى هدى، وفيه التحذير لدعاة الضلال ان يكفوا عن بدعهم والدعوة اليها مخافة ما يصيبهم من جرائها، ورجاء ما عند الله من الثواب في اجتناب الغي والضلالات والتشجيع عليها بالقول او الفعل.
ومن جملة الهدى: العلم النافع، والعمل الصالح، سواء كان هذا العلم فيه مرفق حيوي ينفع المسلمين، ويزيدهم قوة في ابدانهم، ويقويها على طاعة الله كالطب والزراعة والصناعة بأنواعها، او كان هذا العلم الذي اوضحه هذا الداعية فيه معرفة لاحكام العبادات الصحيحة والفاسدة، او معرفة للحلال والحرام من المأكولات والمشروبات، او فيه بيان لما يجوز من المعاملات وما لا يجوز، او فيه بيان خلق من الاخلاق الاسلامية، او كان هذا الهدى - المدعو اليه- فيه مصلحة للاسلام والمسلمين: كالدعوة الى التضامن والتعاون والتعاطف، وان يكون اجتماع المسلمين على ضوء ما رسمته شريعة الهدى، وعلى ما تآلف عليه او لو النهي اصحاب الرسول المصطفى حتى مثلوا اعلى القوى، وشد بهم ازر رسولهم المجتبى: (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين* وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم*)، واصبحوا في ظل العقيدة تحت راية الاسلام ممثلين بمجتمعاتهم اعلى القوى التي حطمت قوى الاعداء (ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً).
وكل من دعا الى عمل صالح يتعلق بالله، اوحقوق الخلق العامة والخاصة، فهو داع الى الهدى.
وكل من اهتدى في علمه او عمله، فاقتدى به غيره، فهو داع الى الهدى, وكل من تقدم غيره بعمل خيري او مشروع عام النفع فهو داخل في النص,
فالدعاة الى الهدى هم ائمة المتقين، وخيار المؤمنين، وعكسه ائمة الضلال الذين يدعون الى النار ويوم القيامة لا ينصرون.
وكل من عاون غيره على البر والتقوى فهو من الداعين الى الهدى، وكل من اعان غيره على الاثم والعدوان فهو من الداعين الى الضلال.
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور)
* عضو هيئة كبار العلماء

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
شرفات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved