Friday 4th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الجمعة 20 صفر


الفنان التشكيلي محمد الغامدي الفائز لشرفات
الشللية والتنافس على المناصب والفلوس أفقد الساحة التشكيلية وهجها وحضورها

* أجرى الحوار :أحمد الزهراني
* كما هدوئه جاءت اجاباته، تحمل بوح الفنان، وتطلعاته وآراءه التي يرى أنها حق مشروع لكل ذي إبداع، همه الأول أن يأخذ الفن التشكيلي في المملكة وضعه ومكانته أسوة بالفنون الأخرى، كما يرى أن عطاءات الفنان السعودي لا تقل عن عطاءات الآخرين,شارك في العديد من المعارض الجماعية كما نظم معرضه الشخصي الأول عام 1416ه ويستعد لتنظيم معرضه الشخصي الثاني كما شارك في العديد من التظاهرات الخارجية، فاز مؤخرا بجائزة تقديرية في الكويت والتي اعتبرها وساما للفن التشكيلي بصفة عامة.
هذا هو الفنان التشكيلي محمد الغامدي الذي أفضى بما لديه في هذا الحوار:
وسام كريم
* وقد حصلت على جائزة تقديرية من الكويت,, ماذا كانت ردة الفعل لديك وماذا تعني لك الجائزة وما قيمتها المعنوية ثم انعكاسها على مسيرتك الفنية؟
- مجال الفن التشكيلي رغم أنه من الفنون الرفيعة التي يمكن أن تجوب العالم كله في مدة وجيزة إلا أنه لا يلاقي في مجتمعنا القبول الذي تلاقيه فنون أخرى تعتبر محلية.
فأنت تستطيع أن تعرض لوحة على جهاز الانترنت مثلا، فيقرأها ويشاهدها سكان هذا الكوكب في دقائق لا تمنعهم لغاتهم ولا توجهاتهم,,ونحن هنا نسعى دائما إلى أن يصل المجتمع إلى قناعة بأهمية الفن في حياته.
أما بخصوص حصولي على تلك الجائزة فهو حدث جميل وسيضيف إلى حياتي مسؤولية أكبر من السابق وهو كذلك تقدير للفن قبل أن يكون تقديرا لشخصي، وأنا أشكر المسؤولين عن تلك التظاهرة الفنية الحضارية، وأشكر رعاية الشباب التي أتاحت لنا فرصة المشاركة للتعبير عما وصلت إليه بلادنا من تطور.
الشللية والتنافس
* سوداوية تلك العلاقات التي تربط بين الفنانين من جانب وبينهم وبين المؤسسات الفنية من جانب آخر,, لماذا هذه السوداوية التي تحكم الساحة التشكيلية ولماذا كل فنان يحاول مصادرة الآخر؟
- الفن التشكيلي المحلي يقوم على أسس اجتهادية فردية وليس هناك مؤسسة تعنى به بصورة مباشرة فيجتمع الفنانون تحت مظلتها لحل مشاكلهم وتنفيذ مقترحاتهم,, لذلك فالفنان يحس بأنه بلا سند، فتبدأ الشلل بالتكون، وتبدأ صراعات معينة، تنقسم إلى قسمين الأول عبارة عن صراع الأجيال وتباين الآراء، وهذه الفئة لا خوف منها لأن تلك سنة الحياة,أما القسم الثاني فرغم قلة المنتمين إليه إلا أنه هو الظاهر على السطح، ويتمثل في صراع حميم من أجل المادة والمناصب وهذا لا شك الخطر بذاته.
مشاركاتي متعددة الاتجاهات
* وقد شاركت في العديد من المعارض الجماعية إذاً متى سيكون المعرض الخاص بك وما الجديد فيه؟
- أقمت معرضي الشخصي الأول بجدة عام 1416ه، وشاركت في معرض ثلاثي وآخر خماسي وهذان المعرضان يعتبران معرضين شخصيين لأن في كل منهما تجربة كاملة، أما معرضي القادم فسيكون في بداية صفر القادم بأتيليه جدة للفنون الجميلة.
وفي هذا المعرض ستجد شيئا مختلفا عما اعتدنا رؤيته، حتى شكل اللوحة سيكون جديدا.
فإقامة معرض بالنسبة لي يعتبر حدثا كبيرا لابد أن يحمل أفكارا جديدة، وأعمالا تستحق عناء حضور المتلقي لمشاهدتها.
نظرة ساذجة
* يلاحظ عندما يقيم الفنان السعودي معرضا فنيا لا ينال من الاهتمام ما يناله معرض فنان قادم من خارج الوطن فإلى ماذا يعود ذلك، وهل يعني عدم الاقتناع بالفن السعودي؟
- قد يجهل الكثيرون متطلبات الفن,.
فلكي يكون الإنسان فنانا فعليه أولا أن يحمل فكرا وثقافة، ولا أقول دراسة لأن الدراسة لوحدها لا تكفي وتكون عائقا للفن، مثلما يحدث للطفل الموهوب عندما تكون أحاسيسه أقرب إلى الفن وكلما كبر أفسدت الايديولوجيا البراءة وشوهتها.
ثم عليه أن يكون ذا إحساس صادق ليكسبه ذلك المناعة من أن يعتسف الفن اعتسافا كما نرى عند البعض, تلك المتطلبات البسيطة الممتنعة للفن يمكن أن تتوفر لأشخاص يعيشون في أي بقعة من العالم الواسع بعكس ما يظن الكثيرون عندنا من أن الفنان القادم من الخارج خبير في الفن وجاء بكل جديد وبالتالي تجربته تفوق تجربة الفنان المحلي وهي بالتأكيد نظرة ساذجة، ولكنا نعذرهم في ذلك إذا أخذنا في الاعتبار أن هناك دورا تثقيفيا لابد أن تقوم به وسائل الإعلام.
أكاديمية للفنون
* تفتقد الساحة التشكيلية إلى قراءات نقدية منصفة، ونقاد منصفين يتناولون الأعمال الفنية من خلال منهج علمي,, إذاً ما تأثير غياب الناقد المتخصص على النتاج المحلي؟
- مهمة الناقد هي تقريب العمل الفني من المتلقي ونقل أفكار الفنان إليه، وعدم وجود النقاد يعود إلى عدم وجود أكاديمية للفنون وإلى قلة عدد الفنانين من ذوي الخبرة الطويلة والمقدرة على تحليل العمل الفني بحيادية,, وذلك له تأثيره البالغ على الفن المحلي، إذ إن المتلقي ليس عنده القدرة على استيعاب الفنون الحديثة والتي هي سمة حضارية لا تكتمل الحياة بدونها لذلك فالمتلقي يتجاهلها,,
فنجد أن هناك من ينفق الملايين على بناء مسكن جميل بينما يترك الجدران الداخلية بيضاء نظيفة وخالية من أي عمل فني واحد,.
وإذا ما فكر في أن يجمل تلك الجدران فإنه يعلق أعمالا ساذجة لبعض رسامي السوبرماركت كلوحة الوانيت الذي يحمل جملا أو البدوية التي ترعى أغنامها,إذا هذه معضلة حقيقية معضلة عدم وجود الأكاديمية وعدم وجود النقاد ثم قلة الوعي الجماهيري بالأعمال الفنية.
إدارة فاعلة
* كنت من الفاعلين في بيت التشكيليين ولكن انسحبت مؤخرا,, ما الأسباب؟
- ما زلت عضوا في بيت التشكيليين حتى ولو لم أذهب إليه كل يوم، ونأمل أن يتلقى موردا ثابتا لكي تكون له إدارة ثابتة تداوم طوال اليوم لتستطيع الإيفاء بمتطلبات الفنانين.
عدم توفر الإمكانات
* رغم الامكانات الكبيرة والأعداد الكثيرة من الفنانين إلا أننا نسير بخطى بطيئة ولم يصل صوتنا إلى خارج الحدود كما ينبغي,, إذاً ما المانع من أن نخترق الحدود لنعرف الآخر بإبداعنا؟
- ذكرت في حيثيات سؤالك توفر الامكانات الكبيرة، وهذا للأسف غير صحيح، فلو كانت هناك امكانات كبيرة لوجدت عددا معينا من الفنانين لا يقلون عن أبرز الفنانين في العالم فأنت تعرف بأن الفنان يقوم بانتاج العمل الفني ثم عملية العرض والتسويق وكذلك عليه دور آخر وهو ايجاد مصدر للدخل كوظيفة وغيرها,, وكل هذه تعتبر معوقات أساسية لتطور الفنان ونجاحه، بينما الفنان العالمي ينجح لأنه لا يقوم بأي دور سوى انتاج الأعمال الفنية ومتابعة النظريات الجديدة وكل ما يستجد في الساحة التشكيلية في العالم.
كان في السابق
* ألا تعتقد أن هناك تكريساً لبعض الأسماء المشاركة وبشكل دائم في المعارض الخارجية؟
- كنا نلاحظ ذلك في السابق,, أما الآن فالرئاسة العامة لرعاية الشباب تتيح الفرصة لكل الأعمال الجيدة بالمشاركة في معارضها الخارجية.
الفنان المفلس
* تعددت المدارس الفنية وتاه الفنان الذي لا يعرف الفوارق بين تلك المدارس,, وفي الوقت ذاته نجد من ينتسب إلى هذه المدرسة أو تلك رغم عدم معرفته بخلفياتها وتاريخيها واتجاهاتها وسؤالي,, هل الفنان ملزم بأن يسير على هدي مدرسة فنية معينة حتى يصبح فنانا أم ان العملية لا تخلو من الارتجالية؟
- الفنان (ذو القيمة) ليس المطلوب منه الثقافة الفنية فحسب، بل الثقافة العامة,, لكي يستطيع أن يؤدي رسالته الفنية على الوجه الأكمل,, أما فنانو الدرجة الثالثة كما يصنفهم النقاد المتخصصون فتجد من بينهم من لا يفقه المدارس الفنية وقد تجد أدهى من ذلك ممن يعتبر الفن مظهرا اجتماعيا مكملا لشخصيته ولكن التاريخ يضع كل فنان في المرتبة التي يستحقها.
أما المدارس الفنية فهي ليست سوى علامات تدلنا على ما حصل في تاريخ الفن من تطور إلى يومنا هذا، وقد انتهت وماتت كلها ما عدا المدرسة التجريدية باعتبارها آخر المدارس ولأنها أيضا ازالت معظم معالم اللوحة التقليدية، ففتحت بذلك الباب على مصراعيه لأنماط جديدة من أشكال الفن لا تنتهي كفن الحدث والفن المفاهيمي والتركيبات وفن البيئة وغيرها.
ضرر على الجميع
* ما رأيك فيما حدث من مناقشات ومناوشات بين نايل ملا وهشام قنديل والتي خرجت في بعض جوانبها عن السياق الفني إلى الشخصي؟
- المناقشات ووجهات النظر التي تحدث في الوسط الفني يفترض ألا تظهر على صفحات الجرائد لأنها لا تعني القارىء وليس عنده الوقت الكافي لمعرفة المخطئ من المصيب.
بل إن القارىء يعمم أحكامه على الوسط الفني بأكمله وهو يظن خلاف الحقيقة، بأن الساحة مليئة بالمشاكل ليصل ضرر ذلك إلى الجميع بمن فيهم كاتب المقال نفسه، والأبرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل، هذا ما يخص الجوانب الشخصية، أما النقد الفني فهو حق مشروع للجميع، ولا مقارنة بينه وبين المديح والتطبيل الذي لم يعد يصدقه أحد مع ازدياد نسبة الوعي بين أفراد المجتمع.
التفرغ الفني
* رؤية خاصة لتطوير الفن في بلادنا ما هي في تصورك الشخصي؟
- لا شك ان بلادنا تشهد نهضة في كل المجالات، والفن التشكيلي ليس بمعزل عن ذلك، وهو يحظى باهتمام من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ولكن الفنان يطمح إلى أن يجد الفرصة الحقيقية للإبداع وانا أرى أن الفرصة تلك تكمن في منح التفرغ لبعض الفنانين الطموحين المتميزين وذلك لمدة سنة واحدة يعاد في نهايتها تقييم ما قدم خلال تلك المنحة، وعلى ضوء ذلك تتحدد إمكانية تجديد المنحة او الاكتفاء بمدتها السابقة.
فالإبداع الحقيقي يحتاج من الفنان إلى الوقت الكافي بحيث لا يقل عن عشر ساعات يوميا ما بين العمل والدراسة والمطالعة والتقييم, ونأمل أن يصل اقتراحنا هذا إلى سمو الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير فيصل بن فهد وثقتنا فيه كبيرة لأنه دائم العمل من أجل مصلحة الجميع.

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
شرفات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved