Friday 4th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الجمعة 20 صفر


شرفات ترصد ظاهرة الاحتيال باسم الآدباء
انتحال صفة الأدباء,, بدعوى تشابه الأسماء

نرى ونسمع كثيرا عن انتحال صفة الضابط او الدكتور او المهندس,, وعمليات النصب والسرقة الواسعة التي تتم بسبب هذا الانتحال ولكن ان يوجد من ينتحل اسم اديب او صفته فهذا ما لم يكن في حسبان شرفات التي صادفت العديد من هؤلاء الذين يحملون اسماء الادباء والمبدعين المشهورين ويستغلون ذلك في تسهيل اعمالهم او الاحتيال على المواطنين وايهامهم بأنهم الادباء الحقيقيون اعينهم الذين يسمعون عنهم كثيرا ويحققون بذلك مآربهم واهدافهم ومبررهم الوحيد في ذلك انها تشابه اسماء.
وفي مبادرة لشرفات رصدت هذه الظاهرة كما تعرفت على آراء المبدعين والنقاد الحقيقيين تجاهها.
بين الميكانيكي والأديب
ذات يوم فوجىء المسؤولون بقصر ثقافة محافظة دمياط شمال الدلتا باتصال هاتفي من الاديب جمال الغيطاني يبلغ المسؤولين بالقصر بزيارتهم قريبا والالتقاء مع الادباء الشباب بالمحافظة وتنظيم ندوة ولقاء معهم وعلى اثر هذا الاتصال استعد القصر للاحتفال بقدوم الاديب واعد اسماء الادباء الشباب الذين تنافسوا من اجل الظهور امام الاديب اللامع واثبات مواهبهم في حضوره وقبل الموعد المتفق عليه فوجئوا باتصال آخر يطلب تأجيل الموعد ثم تكررت الاستعدادات وتكررت الاتصالات حتى شك المسؤولون بالقصر فقاموا بمبادرة الاتصال بالاديب جمال في مكتبه الذي نفى ان يكون قد اعطاهم مثل هذا الموعد فعرفوا حينذاك انهم وقعوا فريسة لاحد المحتالين وتبين ان من كان يقوم بالاتصال شخص يدعى بالفعل جمال الغيطاني ولكنه ليس أديبا وليس له صلة بالادب بل يعمل ميكانيكي سيارات قرأ اسم الاديب الشهير يوما في احدى الجرائد فقام باستغلال اسمه وكانت حجته في ذلك انها (تشابه اسماء).
وبينما مرت هذه الواقعة دون خسائر تذكر إلا تكاليف الاستعداد لاستقبال الاديب المزعوم احدث تشابه اسم الشاعر الكبير احمد الشهاوي مع الشاعر الشاب احمد الشهاوي مع شخص ثالث يدعي احمد الشهاوي ايضا ليس له صلة بالادب بخسارة وقعت لاحد المحررين الصحفيين الشباب باحد المجلات الاسبوعية بالقاهرة عندما طلب منه رئيس القسم اجراء حوار مع الشاعر احمد الشهاوي وكان ذلك بمناسبة حصوله على جائزة البابطين العام قبل الماضي فذهب المحرر وفي ذهنه الشاعر احمد الشهاوي الشاب واثناء اجراء الحوار ادرك الشاعر بانه ليس المقصود من هذا الحوار واعتذر بلغة رقيقة للمحرر الذي ذهب دون ان يدري من يكون الشاعر احمد الشهاوي المقصود واثناء جلوسه على احد المقاهي سمع احد الاشخاص ينادي على زميل له باسم احمد الشهاوي فأسرع على الفور لمقابلته وقدم نفسه على انه محرر صحفي يريد اجراء حوار معه بمناسبة فوزه بالجائزة فأدرك الشاب الذي لم يكن له علاقة بالادب اللهم إلا تشابه اسمه بشاعرين آخرين ادرك الموقف بسرعة وتظاهر بانه المقصود ووافق على اجراء الحوار معه وهو يخفي ضحكاته وبعد الانتهاء من الحوار ذهب المحرر سعيدا بما فعله وقدم الحوار لرئيسه الذي ما ان شاهد الصورة حتى فزع وصرخ في وجهه قائلا: ليس هذا بالشاعر الكبير احمد الشهاوي وبعد ان هدأت ثورته اخذ يشرح ويفسر له ان احمد الشهاوي الكبير اسمه محمد احمد الشهاوي وهو يعيش في محافظة كفر الشيخ ويعمل بقصر الثقافة هناك اما احمد الشهاوي فهو يعمل صحفيا في مجلة نصف الدنيا بمؤسسة الاهرام اما احمد الشهاوي الذي حاورته فهو محتال ولا علاقة له بالادب واضطر رئيس القسم الى تكليف محرر آخر اكثر نضجا لاتمام الحوار.
هناك فرق
الشاعر الكبير احمد عبدالمعطي حجازي وقع ايضا فريسة لتشابه الاسماء ولكن هذه المرة من قبل شاعر آخر اسمه احمد حجازي يصر دائما على وضع اسم عبدالمعطي بين اسميه شارك هذا الشاب في احد المؤتمرات الادبية بمحافظة القليوبية المجاورة للقاهرة وقبل صعوده لالقاء قصائده امام الجمهور اصر على ان يقدمه المشرف على المؤتمر باسم احمد عبدالمعطي حجازي وبالفعل حدث ذلك وظن الجمهور انه الشاعر الكبير صاحب ديوان مدينة الموت الجميل واشجار الاسمنت ومدينة بلا قلب وغيرها من الاعمال الكبيرة.
وعندما صعد الشاعر الشاب فوجىء الجميع بانه ليس كذلك وبسؤاله عن سبب فعلته قال, كي الفت الانتباه الى قصائدي الا ان الفارق بين قصائده واشعار احمد عبدالمعطي حجازي كبير ومايزال الشاب يصر على اضافة اسم عبدالمعطي الى لقبه.
عاطف الاشموني
اما الاديب الشاب خيري عبدالجواد فله قصة طريفة مع حكاية تشابه الاسماء التي لا تنتهي وهي تشبه قصة ذلك المؤلف عاطف الاشموني في احدى مسرحيات محمد خيري القديمة عندما كان يصرخ عاليا لسرقة قصته وادعاء آخر بكتابتها,, انا عاطف الاشموني مؤلف الجنة البائسة عندما ترامت اليه الاخبار بان هناك شابا يدعى خيري عبدالجواد يدور على بعض الصحف والمجلات مقدما نفسه بانه اديب وصاحب رواية التوهمات مما حدا بالاديب خيري عبدالجواد ان يتصل بكل معارفه ليؤكد لهم انه الحقيقي صاحب رواية التوهمات.
ايضا هناك قصة الاديب الكبير سعد مكاوي ونظرا لانه اديب غير معروف اعلاميا وله قصة واحدة بعنوان السائرون نياما اغرى العديد من الاشخاص الذين يطلبون الشهرة بأي وسيلة ان ينتحلوا اسمه وبالفعل فوجىء مدير احد المؤسسات ذات يوم بشخص يدخل عليه مكتبه مقدما نفسه باسم سعد مكاوي الاديب المعروف فرحب به المدير واجاب على كل طلباته والتي كانت تتلخص في التوقيع على اوراق خاصة بعمل احد اقربائه في المؤسسة وبعد عدة ايام تحدث هذا المسؤول امام جمع من الادباء فلم يصدقوا ذلك وقالوا له ان سعد مكاوي ليس له صلة بهذه الاعمال فأدرك المدير المسؤول انه وقع في شراك احد المحتالين واستفسر عنه فعرف انه يدعي بالفعل سعد مكاوي ولكنه ليس اديبا وإنما موظف بأحد مديريات التعليم واستغل تشابه الاسماء.
تشابه الاسماء
ولا تتوقف اعمال الاحتيال او المواقف الطريفة التي يزج فيها باسم الادباء من جراء تشابه الاسماء فيوجد اسم عادل امام الفنان وعادل امام الطبيب وكلاهما مشهورين، ولكن في بداية شهرة الطبيب كان يعتقد الناس انه الفنان وكثيرون ممن ذهبوا اليه في البداية فجئوا بانه ليس الفنان كما يتشابه اسم الفنان محمود عبد العزيز مع محمود عبد العزيز الطبيب والفنان جمال عبدالناصر مع اسم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كما يتشابه اسم الشاعر حسن طلب مع شخص اخر يعمل موظفا في ادراة العلاقات العامة بوزارة الصحة ويتشابه اسم الشاعر رفعت سلام مع اسم شخص اخر يعمل ساعيا بمصلحة البريد وهكذا لا يتوقف تشابه الاسماء ولا تتوقف المواقف الطريفة التي تنشأ عن هذا التشابه.
تجاهل الاعلام
ويحلل الناقد الادبي مدحت الجبار ظاهرة استقلال تشابه الاسماء مع كبار الادباء والمبدعين من قبل بعض الاشخاص الذين يتطلعون للشهرة بقوله ان الاديب والمبدع في مجتمعنا بل في مجتمع العالم الثالث تتجاهله وسائل الاعلام بشكل عام ولا تضع في حسبانها تقديمه وتقديم ابداعه على الشاشه الا القليلين منهم والذين تتفق رؤاهم وما يطرحونه من ابداع من التوجهات الاعلامية السائدة اما غير ذلك فيظل يعيش في تجاهل ولا يعرف صورته الناس على عكس الوسط الفني حيث يعرف الجمهور الفنانين من الممثلين والممثلات من اكبرهم الى اصغرهم لان الفن بطبيعته لدينا لا يمس الاوجاع والمشكلات الحقيقية للناس.
ويضيف مدحت الجيار بان الادب على العكس من ذلك فهو يتوغل في الهموم والمشاعر ويحفز الذات نحو التغير والتجديد وهذا من سمات الابداع الحقيقي الذي ربما يخاف القائمون على العملية الاعلامية من طرحه على الجماهير ويطالب الجيار بضرورة افساح المجال امام الادباء والمبدعين على شاشة التلفاز لطرح رؤاهم الابداعية وحتى يقوم الجهاز الاعلامي بدوره في تقريب المسافة وازالة الفجوه بين الادباء والقراء تلك القضية التي ما زلنا نعاني منها حتى الان.
عثمان انور

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
شرفات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved