Friday 11th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الجمعة 27 صفر


وتخلت عني السعادة ليمتلكني اليأس

فجأة وبدون موعد سابق طُرق الباب,, وما ان وقعت عيني على الطارق حتى سكن الرعب قلبي، يا له من شكل مخيف، شعره أبيض، عيناه غائرتان وحولهما سواد دامس، وجهه شاحب، ابتسامته مميتة، يا له من ضيف ثقيل وأكثر ما هابني انه مبتسم فتذكرت قول الشاعر:
إذا رأيت نيوب الليث بارزة
فلا تظنن ان الليث يبتسم
ففهمت ان الضيف يخفي في نفسه ما لا يبديه حاولت ان اعيد شريط الذكريات علني ألمح طيفا يذكرني بهذا الضيف ولكن خانتني ذاكرتي.
وما ان هدأ روعي، لملمت شتات عقلي، وجمعت قوتي بعد ان خارت من هول المنظر، فأنا اعهد نفسي قوية ولن اهاب هذا الضيف ابدا، لن اهاب هذه الزهور الذابلة التي يمتلكها بتوقيع وختم اصحابها وقد سلبها عطرها الفواح وحيويتها واستأصل جاذبيتها، وما ان اردت ان افصح لساني واسأله حتى عرفني بنفسه ان له قوة المغناطيس انه جذب ما بداخل لب عقلي وبدأ يتفاخر بنفسه ويعرفني انه اقوى مخلوق انه (اليأس),, فتساءلت في نفسي هل اليأس بهذه القوة؟ هل هو اسرع وأقوى من السعادة؟ هل يخون هل يقدر ان يأتي البيوت من ابوابها؟ هل يفرح إذا قضى على ضحيته؟ هل من قانون في عالم الطب يعاقبه؟
أنا قوية انني اتحداه,, وأنا أتساءل في نفسي ,, خلسة رد علي رد الواثق من نفسه وكأنه استطاع ان يخترق جدار عقلي وقرأ كل ما يدور في ذهني والابتسامة الساخرة على شفتيه ويقول: يا ضحيتي القانون لا يعاقبني لان الضحية يفتح لي الباب وهو بكامل قواه العقلية وهو الذي يستدعيني ويطلبني في اي مكان، وأنا من واجبي ان ألبي الدعوة,, يا ضحيتي الجديدة عليك ان تعرفي اني لا اخون ضحاياي ولا اغدر بهم مثل السعادة.
السعادة هي عدوي اللدود ولكنها تخون وتغدر بصديقها وانا لا أغدر اني اراهنك، ولكن بشرط! عليك ان تعديني وأنا لا اخونك ولا أغدر بك وسوف نكون اصدقاء وسوف أحميك من السعادة ومن الفرح والابتسامة.
انظري السعادة مضت معك وقتا طويلا ولكنها غدرت بك وانا سأغير حالك في وقت قصير ولنر من اقوى وأوفى انا ام السعادة؟
تراهنت معه وابتسامتي الساحرة لا تفارق ثغري وعيوني الواسعة الجذابة ترمقه بنظرة الاستهزاء والسخرية ووجنتي الوردية تغريه في خيلاء وشعري الليلي ينساب على كتفي باغراء، وبياض وبهاء بشرتي يعذبه، انني بالتأكيد سأكسب الرهان فأنا جميلة وقوية وأيضا مرحة,, واسدل الليل ستاره.
***
وما ان لاح النور بشعاع شمسه الذهبية فاذا بي اجد وجها تغيرت ملامحه فهذا الشعر الليلي يضيء البرق مفارقه، وهذه العيون الواسعة لقد غارت، وأسود ما حولها وهذه الوجنة الوردية اصبحت مجرى للسيول، وهذا الوجه شحب اين الابتسامة؟ لقد اصبحت شاردة الذهن,, يا إلهي كل هذا التغيير بزيارة واحدة من اليأس وفي وقت قصير انها مجرد سويعات!
يا له من قوي انه متمكن نعم اعترف هو الذي ضحك في الآخر وقطف زهرة شبابي لتنضم مع الزهور التي يمتلكها ولكن انا وعدته ولن اخلف وعدي بعد ان خانتني السعادة وتخلت عني.
إن اليأس اوفى من السعادة؟
نعم اعترف بقوتك أيها اليأس وأرجوك ان ترحمني وتسمح لي ان افرح وابتسم قليلا حتى لا يأتي الموت ويخطفني منك.
أنين الجروح


رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
لقاء
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved