Friday 11th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الجمعة 27 صفر


الأديب الساخر وليد مدفعي
الأدب الساخر الأصيل يرتبط مع الدموع والحسرات

** الأديب الساخر وليد مدفعي، هو اديب معروف في الاوساط الادبية على اختلاف انواعها,, كتب القصة القصيرة منذ بداية الخمسينيات في المجلات السورية أولا، ثم العربية، وقد خص مجلة النقاد، التي كان يرأس تحريرها، الاديب المعروف سعيد الجزائري، بمعظم كتاباته آنذاك.
وكان من ابرزها، المقالات الساخرة، التي تناول فيها (موضة الادب، والاديب المودرن).
أنجز روايته الاولى - مذكرات منحوس أفندي - في نهاية الخمسينيات، فحظيت بترحيب، وضجة واسعة، رافقت ظهورها,.
ومن ثم كتب: مسرحية - البيت الصاخب - التي فازت بالجائزة في مسابقة وزارة الثقافة، وعرضت على مسرح القباني، ثم عرضت على مسرح جامعة عمان، ثم عرضت على المسرح الفلسطيني في القدس.
وقامت بترجمتها لجنة اليونسكو إلى لغات عدة، ضمن المسرح العالمي (انترناسيونال ثياتر),.
ثم كتب مسرحية - أجراس بلا رنين - التي فازت بالجائزة في مسابقة وزارة الاعلام، وعرضت على المسرح القباني، وقدمت في الاذاعة السورية.
أيضا كتب مسرحية - وبعدين - وفازت في مسابقة المجلس الاعلى للفنون والآداب، والعلوم الاجتماعية، وعرضت في القدس ونابلس وجنين، كما عرضت على مسرح القباني,.
ومن اشهر رواياته على الاطلاق:
* غرباء في اوطاننا - صدرت عن دار النهار بلبنان.
* قياديون بلا عقائد - صدرت عن دار عواد في دمشق.
* شجرة الرحمن - صدرت عن اتحاد الكتاب العرب.
له ايضا دراسات في الفلسفة، وموقف القرآن الفلسفي من مشاكل الانسانية، التي تتناول مشكلة المعرفة، ومشكلة الزمن، ومشكلة حرية الانسان في هذا الكون.
الادب الساخر، ادب يبدعه انسان يعتد بنفسه، ولكنه متواضع، يحب الناس ولكنه يزدري افعالهم.
لا يهاب السلطة مهما كان مصدرها، من النظم السياسية، او الاسرة، او معتقدات المجتمع.
بل يتصدى لها، وليس ارحب من السلطة مادة للادب الساخر .
بهذه المقدمة المبسطة، يعرّف الاديب السوري الساخر وليد مدفعي، الادب الساخر,, ومن ثم يضيف القول:
** مخطئ ثم مخطئ ، كل ما يضع تعريفا للادب الساخر، فأنا لا أؤمن بالتعاريف بصورة عامة، لان التعاريف عاجزة عن ضبط المعرف، مهما بلغت من الطول، وهي لا تصبح شاملة إلا بعد ضم الافراد التي تشذ عن التعريف.
فالتعاريف مثل القواعد، التي تعتد بصحتها، تبقى قاصرة عن احتواء كل المواضيع، التي وضعت من اجلها القاعدة.
وما ألمحنا إليه، يصح في كل زمان، ومكان وفي مواضيع علمية، فما بالك في مواضيع ادبية، يتم تقييمها من قبل افراد البشرية، حسب ثقافاتهم، وحسب امزجتهم، وحسب معرفتهم,, وأنا - وما أجمل ان اقول انا - فأنا معجب بنفسي، وإلا لما استطعت ان اكون أديبا ساخراً، فمن اولويات الادب الساخر، ان تكون ثقة الكاتب الساخر بنفسه متنامية، وان يكون متواضعا - رغم تضخم الأنا عنده - وهذه معادلات صعبة التحقق، لانها كما ترين متناقضة، ولكن ذاتية الاديب الساخر، تضمها دون شعور بالتناقض.
مخطئ كل من يضحك عند قراءة الأدب الساخر
ويؤكد الاديب وليد مدفعي، نظرته المتفردة للادب الساخر، بالقول مرة اخرى:
** نعم مخطئ مخطئ، من يضع تعريفا للادب الساخر,,
وأنا استطيع ان اعرف لك، او ان اعرفك على عشرات من التعاريف، التي تخص الادب الساخر، والتي ازدريها لانها تربط الادب الساخر مع الضحك، أو مع البسمة على الشفاة، بينما الادب الساخر الاصيل يرتبط مع الدموع، والحسرات,.
وطوبى لكل من يبكي، عند قراءة الادب الساخر، لانه حساس يعيش ازمة وطنه، ومواطنه، ومخطئ على كل من يضحك عند قراءة الادب الساخر، لانه لا مبال سيهجر وطنه، ومواطنيه، عاجلا، ام آجلا إلى أرض غيرها.
ان تعريف الادب الساخر غير ضروري، وإنما تعريف الاديب الساخر افضل بكثير، من تعريف الادب الساخر، لان تعريف الاديب الساخر، سيمد القراء بتوصيف له، يسهل على القراء فهم كتاباته.
أقصد ان الحياة الجيدة، تعرف من ينابيعها، وكذا الادب الساخر، يعرف من نبعه.
الأدب الساخر يلتزم مواضيع الناس أكثر من الأدب السياسي الجاد
وفي حوار اجري مع الاديب الساخر وليد مدفعي اجاب عن السؤال:
** هل يلتزم الادباء الساخرون برأيك، المواضيع كما يلتزم بها الادباء السياسيون الجادون ,,, ؟
فقال:
هذا السؤال يدل على اننا لم نتفق بعد على ميدان الادب الساخر، حيث لا لزوم للالتزام في الادب الساخر، بالادب الساخر.
وهو الذي يتجاوز في كثير من الاحيان الحدود التي تضعها النظم الوطنية، او نظم القبيلة والعشيرة، لتسخر من تلك الاشياء بقسوة، ما يؤيد حرية الفرد في عالم مليء بالمصائب.
وقد يكون - اكره هذه المصائب على النفس - ان تلتزم مع وطن متخلف، ومعجب بقادته، او مع صور بدائية لبشر يعانون من الجهل، اكثر مما يعانون من كوارث الطبيعة.
نعم,,
ان الادب الساخر، يلتزم مواضيع الناس، اكثر من الادب السياسي الجاد، من دون ان يضع لافتة على صدره تقول: كافئوني، فأنا ادب ملتزم .
ويلاحظ الفرق بينهما، في ان الادب الساخر، لا يوظف نفسه حسب الحاجة، بل حسب الموقف، بينما يوظف الادب الجاد قدرته، حسب الصيغة المقبولة، من المسؤولين، فيأتي اكثر ارضاء لهم,.
وهكذا ينال الادباء الجادون الجوائز، بينما يحرم منها الادباء الساخرون، الذين يبدو التزامهم اشمل لمشاكل البشرية، من التقيد بمخططات سياسية مرحلية,.
عبّرت عن ما يهم البشرية في كل زمان ومكان
وأخيراً,, يقول الاديب وليد مدفعي حول السؤال:
** هل اقتنعت وانت تكتب رواياتك الساخرة قياديون بلا عقائد، غرباء في أوطاننا، مذرات منحوس افندي، محب للمشاكل ,, انك عبرت عن الذات البشرية؟
- رواياتي كلها تخص عوالم البشرية المختلفة من مكان إلى آخر، فالمواضيع التي سخرت منها، في مذكرات منحوس افندي تختلف عن المواضيع التي تناولتها، في غرباء في أوطاننا ، وهذه تغاير مواضيع (قياديون بلا عقائد),.
بصورة عامة,, انا اعتبر كل ما كتبته في رواياتي،،تعبيرا عن اهداف البشرية، في تطلعها نحو الحرية، ونحو عتق قيود تحد من انطلاقها، ولا تفيدها في شيء، بل تؤخر تطورها، وبالتالي تكرس تخلفها,.
وبما انني حاولت في (قياديون بلا عقائد)، ان اعطي صورة عن حكام العالم، الذين يحكمون من خلال مصالحهم، متناسين القيم الخالدة، التي تميزهم عن الحيوان.
فقد عبرت في هذه الرواية، عن ما يهم البشرية في كل زمان، ومكان، دون التقيد بحدود الوطن.
وكانت روايتي هذه صيحة انذار، ضد تزايد استهلاك الحاجات، دون تبصر ونتيجة.
إن هذا البطر المتنامي، سيضعنا نحن البشر في النهاية، إزاء كارثة كوكب شديد التلوث، وخال من المواد الصالحة لتصنيع جيد,.
خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار، ان كرتنا الارضية، ستغدو كرة فقيرة، وملوثة، جدا.
وأظن ان البحث عن كوكب يصلح للحياة، يزداد أهميةو قرنا بعد قرن، حتى يصير حاجة ملحة.
ومن هنا، كانت روايتي الساخرة هذه، تنضح بكل المعاني النبيلة لتحصيل سعادة حقيقية تنبع من الداخل، ولا ترتبط مع الموجودات في خارج النفس.
وباختصار، انني احاول ان اضع القراء، امام مواضيع ساخرة، تناولتها في رواياتي أو مسرحياتي منذ البداية، في سبق متقدم، عن كل الذين عالجوا هذه المواضيع متأخرين,.
وأقول - ختاماً - بالنسبة لاختيار الموضوع،ان معظم المواضيع، على اختلاف مضامينها، تصلح لان تقدم في قالب جاد،او في قالب ساخر,,
ويبقى الاسلوب هو الذي يبدع العمل، في صيغة المشاهدة,.
ملك خدام

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
لقاء
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved