* كتب المحرر الإداري
التشكيل الوزاري الجديد الذي أعلن نهاية الأسبوع الماضي بجملة من الأوامر الملكية الكريمة جاء ليؤكد مصداقية النهج السعودي ويعزز ثوابته وليؤيد القرار السعودي في هذا الشأن, فالأوامر الملكية الكريمة والتشكيل الوزاري الذي تم جاءت تطبيقا للنظام الصادر بتحديد مدة عمل الوزير او شاغلي مرتبة وزير او موظفي المرتبة الممتازة بأربع سنوات يمكن تمديدها.
وقد جاءت القرارات سواء بالتجديد او بالتغيير في التشكيل الوزاري الأخير متوافقة مع متطلبات المرحلتين الحالية والقادمة، التنموية والاقتصادية والسياسية التي تعيشها بلادنا, إذ ان التجديد للنسبة الكبرى من الوزراء جاء ليعطي مزيدا من الاستقرار وليتيح فرصة أكبر لمزيد من العطاء والانتاج,كما ان دخول وزراء جدد الى التشكيل الوزاري جاء ليضخ دماء جديدة وأفكاراً وطروحات ورؤى جديدة للوزارات التي كلفوا بها.
وهكذا يكون التشكيل الوزاري الجديد قد جاء متوازنا ومحققا لمتطلبات المرحلة ومستجيبا لتوجهاتها, وليس بالضرورة لكي يتحقق ذلك ان يأتي التغيير جذريا وشاملا, فالعين الفاحصة التي ترى بعمق وشمولية وبثاقب بصيرة حققت من خلال التشكيل التوازن المطلوب بين الاستقرار والتجديد.
كما ان من المميزات التي خرج بها التشكيل الجديد ذلك التشكيل الوزاري الجديد وهو القادم من ميدان الصحافة، وهذا يؤكد اتساع النظرة واستيعابها لجميع شرائح وفئات المجتمع المؤهلة والقادرة على تحقيق الأهداف والمصالح الوطنية.
كما ان البشارة التي حملتها الأوامر الملكية الكريمة بإنشاء وزارة للخدمة المدنية قد جاءت لتؤكد الاهتمام الكبير الذي توليه قيادة هذا الوطن وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين بشؤون الوظيفة العامة، وهو اهتمام يدعم التوجه بتفعيل جهود التنظيم الإداري وتوسيع البرامج الاصلاحية والتدريبية الموجهة لرفع كفاءة الموظفين والارتقاء بعطاء الوظيفة العامة, وسيكون لإحداث هذه الوزارة دور هام في إحداث نقلة نوعية كبيرة في التنمية الإدارية بالمملكة، وبالأخص وأن حقيبتها قد أوكلت لمعالي الاستاذ محمد بن علي الفايز الذي يعد بكل معنى الكلمة خبيرا في شؤون الوظيفة العامة والخدمة المدنية حيث عاصر معاليه مراحل بدء وتطور أنظمة الخدمة المدنية في المملكة وشارك في صياغة الكثير من أنظمتها.
وهكذا فإن التغيير الوزاري الجديد الذي جاء جزئيا انما هو محور مكمل للتشكيل الوزاري الجذري الذي حدث قبل اربع سنوات, ليساهم في استمرارية عمل مؤسسات الدولة ويدعم انتاجيتها.
قضية للمناقشة
قضية للمناقشة
متى نلتفت ل(الإدارة)؟
تتطلع الدول المتقدمة بوعي ودراية في هذا العصر السريع المتلاطم الأمواج الى ضمان استمرار تفوقها وتحقيق الحياة الأفضل لشعوبها ومقدراتها,, جاعلة نصب اعينها في جعل الإدارة منهجا والتخطيط العلمي أسلوبا في كافة مجالات النمو والإعمار والتقدم.
إن الإدارة لدى هذه الدول تمثل بحق حجر الزاوية او الركن الشديد لتحقيق النماء والرفاهية بمختلف صورها وما يؤلم النفس ان تبقى الإدارة لدينا إقليميا وعربيا حبيسة الطوق البيروقراطي المثبط للاصلاح والتحديث الإداري دون إرادة قوية من سلطة صنع القرار نحو الالتفات الجاد للإدارة كميدان عمل كفيل بالنهوض بمقدرات المجتمع والارتفاع بمعدلات الأداء وتحقيق أعلى درجات الكفاءة والفاعلية في مختلف القطاعات الوطنية الانتاجية الخدمية العاملة على المستويين الحكومي والأهلي.
لقد بلغ بي الذهول مداه أمام هذه القضية المحيرة,, وبالذات حين تصفحت ملفات (الانترنت) ذات العلاقة,, ووجدت كيف بدأت الدول الواعية المتقدمة بالفعل ترسم وتخطط لبرامج عملها الوطنية القادمة وفق أطر تكتلية شاملة, وابلغ الدلائل على ذلك اعتماد (البرنامج الإداري الأوروبي الشامل للقرن الحادي والعشرين).
ان هذا البرنامج الاداري السياسي الاقصتادي الاجتماعي الثقافي الشامل تبنته دول القارة الأوروبية وعددها 40 دولة منذ عام ونيف في ختام قمة زعمائها في مدينة ستراسبورغ الفرنسية,, بهدف تهيئة هذه الدول لدخول القرن (21), ويؤكد البرنامج على التحرك في ميادين العمل الوطني المختلفة وبالذات الإداري والسياسي والاقتصادي منها, وأقرت هذه الدول في برنامجها تحسين حياة الأقليات الدينية والاثنية والثقافية في القارة، وتنسيق ضوابط الهجرة والتجنس، اضافة الى حشد قواها لمكافحة الإرهاب الذي وصفته بانه أحد الكوارث التي حلت بالبشرية.
وتشتمل النقاط البارزة في البرنامج الإداري الأوروبي الشامل على ما يلي:
* إنشاء محكمة جديدة لحقوق الانسان، على ان تكون دائمة، ومقرها ستراسبورغ، لتتولى النظر في الدعاوى المرفوعة اليها من سائر دول اوروبا، ويتعين على الدول الأعضاء تشريع قوانين خاصة تجعل قرارات هذه المحكمة ملزمة.
* إنطلاق حملة اوروبية لتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان داخل حدود القارة، أولا، ثم بعد ذلك في أرجاء العالم.
* إلغاء عقوبة الإعدام في الدول الأوروبية الأربعين (هناك 28 دولة اوروبية تعمل بهذه العقوبة حاليا).
* بذل جهد أوروبي شامل في ميدان التكنولوجيا المتطورة لتمكين القارة من منافسة الولايات المتحدة واليابان، واقتصاديات آسيا الصاعدة.
* بلورة وتطبيق نهج أخلاقي في مجال التطورات التكنولوجية وفي مجالات البحث العلمي, وكخطورة أولى تحظر جميع الدول الأوروبية البحث في مجال استنساخ البشر والتكنولوجيا المتصلة بذلك.
* إعطاء الأولوية لمكافحة البطالة باستخدام الصندوق الاجتماعي الأوروبي الموسع الرامي الى المساعدة في توفير فرص عمل جديدة في أكثر بلدان القارة ركودا.
* بذل الجهود لمكافحة الجريمة المنظمة، وتجارة المخدرات، وتهريب العملات او غسلها وغير ذلك من النشاطات الإجرامية الحديثة وذلك من خلال تنسيق جهود أجهزة الشرطة في الدول الاربعين.
* تشجيع الاتصالات بين الشعوب لتمكين المواطنين، وبخاصة الشباب في الدول الأعضاء من تبادل الزيارات وإنماء روح أوروبية.
* تنسيق القوانين حول المصارف والاستثمارات والبطالة والعمل، ورفع القيود تدريجيا عن التجارة الحرة داخل القارة.
* المصادقة على معاهدة حماية الحقوق السياسية والثقافية والدينية (الموقعة أصلا من 12 دولة) وتعتبر هذه المعاهدة وسيلة هامة لالزام سائر الدول الأوروبية بالديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان.
د, ثامر المطيري