تقاسمهما الفقر,, والبرد,, والهجير.
وتقاسما الطفولة,, والقرية،, وموسم الجراد,, ورهجة العيد,, واحاديث المساءات الحالمة بين يدي تلك البصيرة الطيبة وقصصها المشبعة بالخوارق والاساطير والسعلوة سارقة الطفال.
ولحظات استقبال الراعي على مشارف القرية مع الكثيرين من صبيان وصبايا قبل ان يلف رداء الليل كونهما الصغير والبسيط,, وصوت الراديو وبحة (سميرة توفيق) وهي تنادي ,, خيال الزرقاء,, وشجن الربابة,, وهدايا الحجاج المتواضعة.
سامحني يا صويحبي ارجوك سامحني العيشة تبغى ظهر وانا ظهر محني اركض ورا لقمتي,, هاللي تجرحني لو نبتعد عن بعض,, انت وسط روحي |
يتذكران ركضهما في ليالي الصيف المقمرة خلف عظيم ساري , وكلما لاح لهما لون ابيض ظنا انه العظم الغنيمة,, ومفاجأتهما من ان يقذف بالعظم قد احتفظ به في جيبه,, وكيف تقاسما رجفة موت والد احدهما وانكسار نصف الفرح في القلبين الصغيرين وكأنهما قلب واحد,.
افراحي من فرحتك,, وجروحك جروحي والدمعة لي مرتك اقول لها روحي لو صاحبي ما فرح,, ما احد يفرحني |
وكمراهقة ابناء الريف عادة ينبت في وجدان احدهما عشق,, حيي,, خفي,, عذب,, يحتدم ما بين النبضة والنبضة,, والشهقة والزفرة,, والدمعة والدمعة,, يقتسمان سر واطار الاحلام الذي يلفه,.
تلعب يدك في يدي لعب البحر بالسيف واحشاي موقد عشق واحشاك زفة ريف لا تقول خفف ترى,, ما اقدر على التخفيف تقرا يدي,, في يدك,, اشواق ما تنعد |
وينتظر موسم التمور علّ نخلة حكيمة تنادي سيدة البنات او بنت السادة في نظر العاشق الصامت,, وتمر الايام والنخلة الحلم لا تستقبل الا مراهقا مثلهما يجني التمر في ضحى كل يوم والعاشق الصامت يتابعه بنظراته الزائغة وأحلامه العريضة,, ترى من سيستقبله على الباب؟؟ قطعا إنها هي وها هي تمد يدها لتأخذ تمرة حلوة تتشبه بحلاوة أناملها المخضبة,, وحمرة خديها,, ويقضي العمر لا يأكل من التمر الا ما يعرف ب(الشقراء).
يا زعفران الهوى يالازرق الضامي حبك سطا في الحشا واستوطن عظامي خلاني احيا الفرح لو الدهر ضامي تدري احبك كثر,, حب المطر للارض ولما تحس بمرض,, قبلك انا امرض لو انجبر وانكسر,, ولا انفجر وانرض بعد العمر في القبر,, بتحن لك عظامي |
تكبر سيدة البنات وتنضج وهو ما يزال ذلك المراهق العاجز عن النضج في نظر الجميع ويقتسم الخوف والوجل مع صديق العمر الذي لا يملك إلا كلمة,, مالك إلا الصبر ,!!
يتحاوران افرض زوجوها ,, ما يسوونها,, توها صغيرة ,, أي صغيرة يا شيخ,,؟! تدري ان عمرها الآن خمس طعش وتمر الأيام سريعة لتحقق تلك المخاوف وصدق الحدس وتحمل الريح اخبار جرح العاشق المتمثل في تحقق خوفه,.
وبرغم انه يدرك انها لا تعلم عن هذا الحب الكبير المخزون في قلبه الا انه يسخط عليها يعاتبها,, يلومها,, لم العجلة؟,, وماذا يفعل بهذا الحب المتمدد في جوفه وعلى جسد لياليه,, ومشاوير العصر او نصفه الاصدق,,؟؟
عيني يا بنت الفجر,, انت شعرة جوفي بين الوهن,, والوهن,, شلتك على كتوفي ولما بديتي العطر ضيعتك بخوفي انت السؤال الذي,, قبل اكتماله انخسف |
وتوجه الدعوة لحضور زواج سيدة البنات كعادة أهل القرى في المسجد بعد صلاة العصر,, تدور الدنيا بالعاشق الصامت ويهيم على وجهه حتى يقف امام ذلك البيت العتيق الذي كان يتقي المطر معها تحت جداره ذات يوم حين تبلل بالماء والعشق معا,, يحاور ابوابه يسأل زواياه يشكو اليه يحاوره بالصمت والدموع والانفاس المتهالكة,, أريت,,؟؟ ويرد البيت بحكمة الشيوخ بالصمت والصمت فقط وكأنه هو الآخر اصيب بالذهول لهول ما سمع,.
يقضي الساعات ربما رغبة بألا يشهد فرح الناس بمقتل قلبه,, ويعلم في صباح الغد ان صديق العمر قد صحب خاله حيث يقيم والذي كان زواجه ليلة البارحة من حبيبة العاشق الصامت,, يبتسم لعجائب القسم والنصيب ألم يجد خال صديقه إلا سيدة البنات لتكون زوجة له,, تدور هذه الاحاديث في مخيلته وهو يجلس امام كاتب عقود الانكحة ليزوج ابنه من ابنة حبيبة الأمس.
بعض الناس نتلاقى بهم مرة وننساهم وبعض الناس لو عشنا معاهم فترة ننساهم وبعض الناس لو ننسى اسامينا ما ننساهم نتذكر سوالفهم,, مثل ما تذكر النخلة فطايمها |
* اشعار ,, علي الشرقاوي من ديوان بر وبحر