Wednesday 30th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الاربعاء 16 ربيع الاول


رؤى وآفاق
العمل مطلب اجتماعي

مضت القرون تلو القرون والإنسان يطلب عيشه في البر والبحر، يطلبه في البر عن طريق الزراعة والرعي والصيد والنقل, فدراسة الزراعة ليست في مدرسة اوكلية الزراعة، وإنما هي دراسة في الحقل يباشرها الصبي مع والده فيعرف عنها كل شيء عن طريق الممارسة فلا يبلغ العشرين من عمره إلا وهو يعرف أنواع البذور والوقاية من الآفات الزراعية، فالوقت الذي يمضيه طالب المدرسة الزراعية في القراءات النظرية اختصره المزارع عن طريق التطبيق العملي، والمتجه الى كسب قوته عن طريق الرعي وتربية الماشيةو عرف ما يصلح ماشيته، ويبعد عنها الأمراض، فينشأ الصبي وقد عرف طريقا لكسب العيش، أما الذين درسوا في قسم الحيوان فإنهم يتصيدون الكرسي ويطلبون من الله ان يهديهم الى مكان الوظيفة المطلوبة فقد يجدونها وقد لا يعثرون عليها, واذا كان الصيد البري قد قيد في الزمن الحاضر، بسبب فتك الأسلحة الحديثة بالحيوان البري، فإنه كان مصدرا للعيش عند الموفقين إليه، والماهرين في القنص، والجمالة والنقل مهنة اعتمدت عليها فئة من البشر، وكسبت قوتها عن طريق خدمة الناس في تنقلهم ونقل بضائعهم، والعمل في البحر مجال آخر لكسب العيش، فصيد الأسماك مهة تحتاج الى تعلم وممارسة، فإذا اتقنها الناشىء عن طريق خبرة والده سلك طريقا ممهدا لكسب قوته، وإخراج اللؤلؤ من قاع البحر يحتاج الى مهارة وقدرة جسمية وقد عمل في هذا المجال من لم يدرس دراسة نظرية ترشده الى كيفية الحصول على اللؤلؤ، وإنما اكتفت تلك الفئة العاملة بالممارسة، والدراسة العملية, والنقل البحري مجال آخر اعتمدت عليه فئة من الناس في كسب قوتها، فسلكت الطرق عن طريق أخذ الخبرة عن الآخرين، والدراسة التطبيقية المباشرة, وهناك حرف خادمة للعمل البري اشتغل فيها كثير من الناس مثل النجارة والخرازة وعمل الحبال، وصناعة أدوات الصيد البري، وصناعة الهوادج والرحل بأنواعه، وبجانبها حرف خادمة للعمل البحري مثل صناعة السفن والأشرعة والقرب وكل ما يلزم للعاملين في البحر، وقد اشتغل في تلك الحرف فئات من الناس كسبوا قوتهم عن طريق أخذ الخبرة عن السابقين بدون دراسة نظرية.
لقد كان الآباء والأجداد يفصلون بين التعليم والعمل، فالتعليم يهدف الى الاطلاع على الأمور الشرعية التي تلزم المسلم، بالاضافة الى التعليم الذي يهدف الى حسن السلوك ويرون العمل للشاب بعد تجاوز مرحلة الصبا أمراً حتميا، وطالب المعيشة يسير إليها عبر قنوات متعارف عليها منذ القديم، وعندما توسعت الحكومة في فتح المؤسسات الخدمية كان المتعلمون قلة والتوظيف مفتوح بسبب ندرة المتقدم للوظيفة، فاتجه الجميع الى التعليم النظري رغبة في الوظيفة المفتوحة فكثر المتعلمون لأن جُل الناس انصرفوا الى التعليم ثم الوظيفة، فخلت المزارع من أبناء المزارعين والصحارى من ابناء الرعاة، والحرف من أبناء الحرفيين، بل خلا النقل من أبناء الجمالين فلم نعد نرى إلا وافدا في مزرعة أو صحراء او في حرفة ايا كانت في مصنع صغير أو كبير.
إننا نبحث عن أبناء العاملين فلا نعثر عليهم إلا في الوظائف لقد فتحت الكليات التقنية فبدأ خريجوها يشتكون من قلة العمل، وفتحت أقسام الحاسب الآلي وسنرى بعد سنوات كثرة الخريجين, أعود الى القول: بأن العمل مطلب والعمل هو التدريب في موقع الشغل.
د, عبدالعزيز بن محمد الفيصل

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
المحرر الأمني
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved