يتخرج الطالب لدينا من الجامعة وهو بالكاد يستطيع كتابة اسمه صحيحا دون اخطاء املائية,, بالاضافة إلى انه لا يستطيع الحديث عن نفسه (كتابة) فكيف بالحال إذا كان (شفاهية) وأمام الملأ!!
نتساءل بمرارة دائماً: من المسؤول عن هذا التدني اللغوي والثقافي لدى ابنائنا؟!
الجواب يكمن في (التعليم),, فالطالب منذ أن يضع اقدامه على عتبة المدرسة وحتى لحظة تخرجه من الجامعة يظل يدور في دوامة لا تنتهي من الضياع والتشتت اللغوي والثقافي,, وتذهب ال(16) عاماً الدراسية هباءً منثوراً.
سأختصر عليكم الحديث,, وحتى لا أطيل,, فسأعرض أمامكم نماذج لكتابات تعبيرية لطلاب التوجيهي (ثالث ثانوي) وقد استعرتها من صديقي الذي يعمل مدرسا وكان موضوع التعبير المقترح: (صف ليلة من ليالي الشتاء القارص) وقد جاءت النماذج على الشكل الآتي:
النموذج الاول للطالب (و,ع) وسأعرضه لكم بأخطائه الاملائية: في ليلة من ليالي الشتاء في منتصف اليل فكانت الأمطار تغزر بشدة قويه وكانت الرياح قويه فقد حطمت الأشجار بقوتها وكان الرعد صوته مخيفاً جداً فالنائم يفزع من صوته القوي والبرق كان يسطع في السماء، فكان الانسان لا يستطيع الخروج من شدة هذه الاشياء !!أما النموذج الثاني للطالب (ع,ق): في ليلة من ليالي الشتاء القارص والهواء البارد وفي ليلة مطيره الثلج يتساقط رأيت ذلك المنزل والدخان يتصاعد منه وطرقت باب ذلك المنزل فوجدت رجلا بخيلا فتح الباب وقال ماذا تريد قلت له هل هذا بيت فلان فأجابني لا لانه يخشى أنني اريد منه شيئا فقلت له عندي لك نقود من شخص فاجابني حياك الله انه بيته ولكنني كنت أعرف ذلك الرجل واعطيته وتمنيت أنني لم اذهب إليه !!
والنموذج الثالث للطالب (م,خ): كنت ذات يوم جالساً أمام النافذة كنت اراقب نزول المطر وصوت البرق ومشعل نار الموقد، والثلج يتساقط في الخارج والرياح قوية وكانت ليلة قارصة البرد والغيوم ملبدة في السماء والمكان كان مظلماً، وكنت سعيداً، لي قوتي، وكنت أتذكر أيام الصف !!
والنموج الرابع للطالب (ي,ن): في ليلة من ليالي الشتاء القارص أشتد البرد إلى حوالي (-5) درجات تحت الصفر والمطر ينزل بشده ومعه زخات من البرد وبينما نحن نرتجف من البرد ونتدفا بالحطب المشتعل ناراً وأصوات الهواء البارد نسمعها وهي تقول: أوه ه,, أوه !!
والنموذج الخامس للطالب (و,م): ذاك يوماً خرجت ليلة الشتاء والثلج ولمطر يهدر ولرياح تهز الأشجار وكنت أرتجف من كثرة البرد وملأبسي متتبلبلة من مياه الامطار ولم يكن أحد متواجد ذالك اليله وعادة الاشجار تتساقط من قوة هبوب الرياح ومنضر الطرق مروع !!
والنموذج السادس للطالب (ع,ب): كنت في ليلة من الليالي في الشتاء فاكنت أمشي في بعض الشوارع في مدينة الرياض فلما بادرت في المشي فوجدت طفلة في هذا البرد تترجف من البرد القارص فلما وجدتها اشفقت عليها فاعطيتها الجاكيت الذي كنت ارتديه فنخذته منى بلا ان تتردد فرحت إلى المكان الذي تريده فقالت لي شكراً فرجعت إلى البيت !!
أما النموذج السابع والأخير فهو للطالب (ف,ع): في ليلة في ليالي الشتاء وأنا أمشي في الشارع والسماء مسوده في الغيوم والامطار تتساقط وجدت رجلً مسنى يترجف من البرد وكان بيته بعيد عن المكان الذي رئيته فيه وكانت ثيابه مبلله في المطر وكنت لابس ردأ ثقيل فأشفقت عليه وأعطيته الردأ ولبسه وأوصلته إلى بيته فشكرني !!
وبعد أن قرأتم هذه النماذج التي قد يكون هناك ما هو أسوأ منها ألا تتساءلون معي: من المسؤول عن هذا التردي التعليمي لطلابنا؟! إذا تجاوزنا عن الاخطاء الاملائية -(وهي غير قابلة للتجاوز)- فإن هؤلاء الطلاب لا يستطيعون امتلاك أدوات الكتابة البسيطة التي تجعلهم قادرين على الكتابة في أي مواضيع يعرفونها حق المعرفة، ويفترض أن مادة التعبير في مدارسنا تستوعب هذه المشكلة! ولكن يبدو أن مادة التعبير بحاجة إلى خطة النجاح للطالب البليد يؤدي بها إلى ان تفرز نماذج كتابية رديئة جداً!!
وحتى أكون منصفا، فإن الخطأ لا يقع على الطالب وحده، فهو يستقبل كل ما يُرسل إليه من المعلم سواء كان صحيحاً أم خاطئاً، وإذا كان المعلم بحاجة إلى تعليم فإن الطالب بحاجة إلى إعادة التعليم مرات عديدة، أقول ذلك عندما اطلعت على دفتر التعبير لأخي الذي تجاوز مرحلة التوجيهي فقرأت احد المواضيع التي كتبها وكان به بعض الاخطاء الاملائية والاسلوبية ولم يقم المدرس (الفاضل) بتعديل الاخطاء رغم أنه وضع علامة (صح) على الصفحة، ولم يكتف - لافض فوه - بذلك بل قام بكتابة هذه الجملة التي سأوردها كما كتبت: (وفقك الله، وأحسن إلليك)!!!أترون,,؟! إذا كانت المدخلات خطأ فهل نتوقع أن تكون المخرجات صحيحة؟! وإذا كان هذا مستوى التعليم فهل نلوم جيلا بأكمله على ضياعه التعليمي والثقافي؟!!