Wednesday 30th June, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الاربعاء 16 ربيع الاول


على مائدة الوفاء

في يوم الخميس الموافق 12/2/1420ه جلست اتصفح الجزيرة ولما وصلت الى الصفحات الثقافية وما راعني الا صور الشيخ الطنطاوي منتشرة في كل مكان منها! سرت في جسدي قشعريرة وحزمت ان الشيخ مات! ومما زاد يقيني كلمة ملحق خاص عن الشيخ علي,, فالمعروف اننا لا نكرم احداً الا بعد موته! خاصة اذا كان اديباً,, ولكن,, اين (يرحمه الله) سبحان الله ايعقّونه حتى بعد الممات؟!.
امسكت سماعة الهاتف لأتأكد من صديقتي واكذب الجزيرة لان ملاذنا في هذه اللحظات هو الكذب,, الكذب وحده! وما ان ضغطت على اول الأرقام حتى وقعت عيني على كلمة (وهو بيننا) وكلمة (حفظه الله)! ترى ماذا يقولون؟ هل اذهلتهم الصدمة فصاروا بدل الترحم عليه يدعون له بالحفظ والبقاء؟.
اعدت سماعة الهاتف وقرأت الصفحات الثلاث حرفياً,, ثم رفعت رأسي منها,, بل عدت الى الدنيا من تلك الجولة الرائعة في عالم ذلك الرائع,, عدت الى الدنيا واخذت ابحث عن كلمات اسجل بها هذه البادرة للجزيرة,, وللاستاذة ناهد باشطح، التي كان لها الفضل في اصدار هذا الملحق.
ان التجاهل الذي مني به الشيخ علي - بقصد او بلا قصد - يعد وصمة عار في جبين كل من له بالكلمة صلة فضلاً على انه معلم خرج آلاف التلاميذ,, فأين تلاميذه الآن؟.
وهو مرب علم آلاف الأبناء,, فأين ابناؤه؟,, وهو اديب فذ,, اين من تربوا على كتبه؟ وبهرهم بيانه؟ واسرهم سحر كلماته؟ اين من يصل رحم الأدب؟ زبير لذات العلم من دونما معرفة ولا قرابة؟.
ايفني ريق شبابه وعنفوان صباه ويعصر زهرة عمره,, ويقدمها لنا في كتب ومقالات وبرامج واحاديث,, ثم لا يكون جزاؤه منا الا الصدود والحرمان؟, لقد ارتبط الشيخ في اذهاننا - قبل ارتباطه بالكتب والتأليف - بالتلفاز والاذاعة,, فأين هما منه الآن؟.
لا ادري,, بودي لو اعرف طريقة تليق بمقام الشيخ ليكرم بها فاقترحها الآن! لكن بماذا نكرمه وقد زهد في دنيا الناس كلها؟ وماذا نكتب عنه,, ان كل اساليبنا لتتقازم امام اساليبه وبلاغته وسحر بيانه؟؟.
اني لأنظر الى مؤلفاته في مكتبتي فيداخلني الشك: اهذه مؤلفات شخص ما يزال يعيش بيننا الى الآن,, هل تلافيف (جدة) كثيرة تلك التي اخفت عنا صوت الشيخ وصورته؟.
هل ازقتها اضيق من ان تتيح لنا رؤيته او تزف الينا صوته عبر مذياع او هاتف؟.
هل (جدة) انانية الى هذه الدرجة القاتمة,, فاحتوته بين اضلعها,, ومنعته من الناس ومنعت الناس عنه؟ ام انه لا شيء سوى سوء الحظ الذي يواجه العباقرة والمتميزين المتفردين في كل آن ومكان,, لست ادري.
ولعل لدى شخينا الخبر اليقين لو كانت صحته تساعده على الكتابة او الحديث,, اسأل الله ان يلبسه ثوب الصحة والعافية، وان يعيننا على بره حياً وميتاً.
وللاخوان في الجزيرة,, وللوفية,, ناهد,.
ولكل من كتب,.
لقد اسعدتمونا,, اسعدكم الله!.
وشكراً,, الف شكر على واجب اديتموه.
* * *
** هذا ما كتبته في لحظة ابتهاج,, وهممت بارساله اليكم,, لكني لم اكن اعلم ان الموت اسرع,, فضعوا بدل (البسة الله ثوب الصحة والعافية) رحمه الله رحمة واسعة! ثم انظري ان كان المقال يصلح للنشر الآن ام لا؟؟.
رسمية بنت فهد العيباني

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
المحرر الأمني
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved