Thursday 8th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الخميس 24 ربيع الاول


فواتير الانتخابات مستحقة الدفع على باراك
5 مهام أمام رئيس وزراء إسرائيل,, أهمها الوفاء بالسلام
الديمقراطية الإسرائيلية ترسب في الامتحان العربي

* القدس - رويترز- من هاوارد جولر
أمضى ايهود باراك رئيس وزراء اسرائيل الجديد وزعيم حزب العمل شهورا يطلق فيها الوعود,, والان حان وقت الوفاء بها.
وبعد خوض حروب ومعارك مع ثوار يواجه القائد العسكري السابق اصعب معارك حياته في تحقيق السلام مع جيرانه العرب.
وبعد ان شكل ائتلافا برلمانيا عريضا من 75 نائبا يمثلون سبعة احزاب في البرلمان (الكنيست) الذي يضم 120 مقعدا يتحتم على باراك السير على حبل سياسي مشدود للوفاء بخمسة تعهدات وعد بها في حملته الانتخابية.
السلام في الداخل
تولى باراك رئاسة الوزارة بعد اطاحته ببنيامين نتنياهو اليميني بوعد انه سيكون رئيس وزراء للجميع ولكن واضح انه لن يستطيع ارضاء الجميع.
ويتراوح شركاؤه في الائتلاف بين علمانيين متشددين الى حاخامين متطرفين ومن يساريين ملتزمين بقيام دولة فلسطينية الى يمينيين دعاة لبناء مستوطنات يهودية في الاراضي المحتلة.
ويتكون نحو نصف ائتلاف باراك من احزاب ساعدت نتنياهو على البقاء في السلطة قبل هزيمته في الانتخابات.
وتعهد باراك بتغيير الاولويات ومنها تحويل اموال مخصصة للمستوطنات والمعاهد الدينية اليهودية الى التعليم والصحة للجميع.
ولكن يجب الانتظار لمعرفة رد فعل متحمسين للمستوطنات في الحكومة الجديدة لقيام باراك بتسليم الدفعة التالية من اراضي الضفة الغربية لسلطة الحكم الذاتي الفلسطيني او كيف يقابل متشددون يهود تقليل مخصصات المستوطنات.
تنشيط الاقتصاد
قام باراك باستقدام استراتيجيين امريكيين في حملته الانتخابية قالوا انه فاز فيها بتركيزه على اصلاح الاقتصاد في تحد لقضية اسرائيل التقليدية الا وهي الامن والتي كانت تحدد نجاح او فشل اي مرشح للحكم.
تعهد باراك بتوفير فرص عمل وتأمين التعليم من الصغر حتى الجامعة ولكن الايام ستثبت ما اذا كان يستطيع الوفاء بوعوده.
ويذكر ان الاسواق توترت بعد تعيين ابراهام شوحاط وزيرا للمالية وكان قد نجح في تحقيق نمو قوي عندما كان يتولى المنصب نفسه في الفترة من 1992 الى 1996 ولكنه ترك عجزا كبيرا في الميزانية.
السلام مع الفلسطينيين
يتنبأ محللون بأن يقوم باراك بتنفيذ اتفاق واي ريفر مع الفلسطينيين والذي عمد نتنياهو الى تجميده.
ولكن اذا حاول اعادة التفاوض حول الاتفاق الذي تم التوصل اليه في اكتوبر تشرين الاول الماضي كما المحت وسائل الاعلام الاسرائيلية فانه سيصطدم مع الفلسطينيين الذين يصرون على الانتهاء من كل القضايا التي تم الاتفاق عليها قبل مفاوضات المرحلة النهائية.
ويتنبأ محللون بان باراك في نهاية الامر سيعترف بقيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح ولكنهم يعتقدون انه سيتنازل عن نحو 50 في المائة فقط من الضفة الغربية وقطاع غزة مما يخالف توقعات الفلسطينيين.
وهناك قضايا شائكة اخرى تنتظر الحل مثل مصير القدس الشرقية العربية وموضوع عودة اللاجئين الفلسطينيين الذي آثار خلافا قصير الاجل في الاسبوع الماضي بين باراك والولايات المتحدة اقوى حليف لاسرائيل.
السلام مع سوريا
رغم تبادل المجاملات بين باراك والرئيس السوري حافظ الاسد على صفحات جريدة عربية في لندن في الشهر الماضي فان محللين اسرائيليين يتوقعون قيام حرب اعصاب عندما يستأنف الجانبان مفاوضات سلام توقفت قبل ثلاث سنوات.
ويتوقع اينامار رايينوفيتش كبير المفاوضين الاسرائيليين مع سوريا سابقا ان تكون المحادثات التي ستدور حول اعادة اسرائيل لمرتفعات الجولان لسوريا وآفاق السلام بين البلدين طويلة وتتراوح بين التأخر والتقدم.
انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان
تعهد باراك في حملته الانتخابية بأن يعيد خلال عام من توليه الحكم قوات اسرائيل التي تحتل شريطا حدوديا بجنوب لبنان اسمته منطقة امنية لتجنب هجمات على التجمعات السكانية المتاخمة يشنها حزب الله الذي يقود المقاومة الاسلامية الوطنية والذي قتل محاربوه طيلة سنوات عشرات الجنود الاسرائيليين.
وكان اسرائيليون قد طالبوا بتسوية تفاوضية ولكن نظرا لما تتمتع به سوريا من نفوذ في لبنان فانه يجب على باراك التحادث معها.
موقف الناخبين والنواب العرب
وخلافا لكل وعوده الانتخابية اعلن ايهود باراك عن تشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة (التي جاءت في صورة ائتلاف موسع) دون ان تضم عربيا واحدا,, فيما قررت الاحزاب العربية في اسرائيل عدم منح الثقة لحكومة باراك خلال التصويت عليها ليلة امس بالكنيست.
وفي الوقت الذي اتهم فيه النواب العرب العشرة في الكنيست ايهود باراك رئيس الحكومة الاسرائيلية الجديدة بالتراجع عن وعوده واهمال وتجاهل المواطنين العرب الذين منحوه اصواتهم في الانتخابات الاخيرة تتوالى التساؤلات حول اسباب احجام باراك عن الوفاء بتعهداته لنحو مليون عربي يحملون جوازات سفر اسرائيلية ويشكلون خمس عدد سكان اسرائيل.
ويصبح التساؤل ملحا بالنظر الى تصويت نسبة تصل الى نحو 95 في المائة من الناخبين العرب داخل اسرائيل في الانتخابات الاخيرة لايهود باراك الذي اكد على انه يريد ان يكون رئيس حكومة للجميع ولكنه فاجأ العرب بهذا الائتلاف الموسع الخالي من اي تمثيل عربي, وينتقد جدعون ليفي احد نشطاء حقوق الانسان في اسرائيل في طرح له بصحيفة (هاآرتس) ايهود باراك بشدة لانه تجاهل الوسط العربي في اسرائيل متسائلا عن كيفية اسدال ستار من التناسي لكتلة انتخابية تضم 500 الف صوت ولها عشرة مقاعد في الكنيست الجديد.
ويقول انه قبل الانتخابات كانت هناك تكهنات بانه اذا اصبح باراك رئيسا للوزراء سيعمل على كسر (التابو) او الحظر التاريخي المفروض على مشاركة الاحزاب العربية داخل اسرائيل في اية حكومة من حكومات الدولة العبرية فيما اعرب المتفائلون عن املهم في ان باراك سيعين وزيرا عربيا في حكومته ولكن ها هو التابو مستمرا وها هو الجنرال باراك يحنث بوعوده ,, فماذا حدث؟.
فضل الناخبين العرب على باراك
ويعترف مصدر مقرب من رئيس الوزراء الاسرائيلي المنتخب بان باراك مدين بالكثير للناخبين العرب داخل اسرائيل ويقول انه ايا كانت دوافع التصويت العربي لصالح باراك في الانتخابات التي اجريت يوم السابع عشر من مايو الماضي,, فان الثابت ان الناخبين العرب منحوا اصواتهم لصالح باراك اكثر مما كان متوقعا, وفي استقراء للصحافة الاسرائيلية وقراءة لعقل المجتمع العبري يجد المراقب ان صحيفة مثل (الجروزاليم بوست) تتحدث عن شعور العرب في اسرائيل بالغضب والاهانة من جراء احجام ايهود باراك عن الاجتماع بممثليهم اثناء مشاوراته لتشكيل حكومته الجديدة في الوقت الذي التقى فيه بممثلي كافة الاحزاب والكتل السياسية الاخرى بما فيها الاحزاب المناهضة له مثل الليكود والحزب القومي الديني وحزب شاس.
وترى الصحيفة ان بارك لم يعين اي ممثل لحزب من الاحزاب العربية الثلاثة في اسرائيل كوزير في حكومته الجديدة لان هذه الاحزاب وهي القائمة العربية الموحدة والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والتجمع الوحدوي تتفق معا على ضرورة عودة اسرائيل لحدود الرابع من يونيو عام 1967 وازالة كافة المستوطنات اليهودية فضلا عن تقاسم القدس كعاصمة لاسرائيل والدولة الفلسطينية معا.
كما تؤيد الاحزاب العربية في اسرائيل موقف عزمي بشارة زعيم التجمع الوحدوي الديموقراطي الداعي لنزع الطابع اليهودي عن اسرائيل بحيث تكون اسرائيل دولة لكل مواطنيها وليس لليهود فحسب.
وتنقل الصحيفة عن سالم سلامة وهو صحفي عربي يحمل الجنسية الاسرائيلية قوله لقد سمعت باراك يقول انه يعتبر حزب ميريتس شريكا طبيعيا في حكومته الائتلافية لان نسبة تصل الى تسعين في المائة قد صوتوا لصالحه في الانتخابات,, فما الذي يمكن ان يقوله باراك عن الناخبين العرب الذين منحوه خمسة وتسعين في المائة من اصواتهم في تلك الانتخابات.
تبدد أوهام العرب
وبعد ان تبددت الاوهام بين العرب وهم اكثر الكتل الانتخابية تماسكا في دعم باراك خلال الانتخابات تتردد الآن الصيحات الغاضبة والمحبطة من تصرفات باراك وتنقل صحيفة (الجيروزاليم بوست) عن احد سكان بلدة كفر قاسم العربية قوله إن باراك يتودد للمستوطنين فيما اعرض عنا وعن مطالبنا,, وفي نفس الاتجاه تقول كارولين عيسى التي تعمل في احد المتاجر كان احجام باراك عن ضم اي عربي كوزير في حكومته يمثل خيانة لنا.
من هنا يذهب مراقبون الى ان الشكوك التي اعترت العرب داخل اسرائيل قبل الانتخابات الاخيرة حيال باراك قد تأكدت الآن معيدين للاذهان ان باراك كان قد عمد في خضم السباق الانتخابي الى ايفاد يوسي بيلين الى تجمعات الناخبين العرب للتأكيد على التزامه بتحقيق المساواة بين العرب واليهود داخل الدولة العبرية فضلا عن دفع عملية السلام للأمام.
والحقيقة ان مزاج المجتمع العربي داخل اسرائيل لم يكن يخلو من التشاؤم بعد نتائج الانتخابات العامة الاخيرة في اسرائيل بل والحملات الانتخابية التي سبقت انتخابات السابع عشر من مايو الماضي.
وفي هذا السياق يقول جوزيف الجازي في تقرير بصحيفة (هاأرتس ) كانت هناك الكثير من المؤشرات الواضحة التي افادت ان قطاعا من المجتمع العربي في الدولة العبرية لا يعلق اهمية كبيرة على المشاركة في العملية الانتخابية,, وهكذا انخفض معدل المشاركة العربية في الانتخابات الاسرائيلية او معدل التصويت من 77 في المائة الى 75 في المائة رغم كل النداءات الملحة التي طالبت العرب بالتوجه الى مراكز الانتخابات للادلاء بأصواتهم.
ويرى مراقبون ان هذا الاحجام العربي عن المشاركة في الانتخابات الاخيرة كان صورة من صور التعبير عن الاحتجاج على سياسات الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة ولا سيما حكومة بنيامين نتنياهو حيال العرب الذين كتب عليهم ان يعيشوا داخل اسرائيل ويحملوا جوازات سفر صادرة عن الدولة العبرية.
وحتى بعد انتصار باراك في الانتخابات الاخيرة فان هناك شكوكا عميقة واسبابا للتشاؤم تطغى على نفوسهم ازاء قدرة حكومة باراك على تغيير السياسات الجائرة للدولة العبرية في حق العرب الذين يفترض انهم مواطنون في هذه الدولة.
ويحمل هذا الشكل من اشكال الاحتجاج في ثناياه نوعا من الشعور بالاحباط او خيبة الامل حيال قادة المجتمع العربي في اسرائيل الذين لم يقدموا سوى القليل من الانجازات من خلال مشاركتهم في الكنيست السابق.
فك التحالف مع اليسار الإسرائيلي
ويقول ماجد الحاج وهو استاذ جامعي بجامعة حيفا ان العرب في اسرائيل قد يفكون تحالفهم مع اليسار الاسرائيلي,, معتبرا ان هذا التحالف بات عبئا اكثر منه ميزة,, ومن اجل زيادة قدرتهم على المناورة السياسية فان الكتلة الانتخابية العربية يمكن الدخول في تحالف جديد مع تيار الوسط الاسرائيلي.
واذا كان الناخبون العرب في اسرائيل قد اختاروا (أخف الضررين) وهو ايهود باراك في الانتخابات الاخيرة فما الذي يمنعهم ,, كما يتساءل ماجد الحاج,, من المضي قدما في التصويت لمرشح عربي لمنصب رئيس الوزراء الاسرائيلي في الانتخابات القادمة ولعل هذا السؤال يعكس نوعا من الهروب للأمام في ظل الشعور العام للعرب داخل الدولة العبرية بأنهم يتجهون نحو مزيد من التهميش.
وفي هذا السياق تقول حسنية جبارة النائبة العربية الوحيدة في الكنيست ان نحو نصف العرب في المجتمع الاسرائيلي يعيشون تحت خط الفقر فيما توضح هذه السيدة التي دخلت الكنيست على قائمة حزب ميريتس ان المجتمع العربي في الدولة العبرية يعاني من اشكاليات اقتصادية وتعليمية حادة ومتعاظمة.
ويبدو ان حالة التهميش المتصاعدة للسكان العرب داخل اسرائيل كانت ضمن دوافع ما اعلنه عبدالوهاب دراوشة عضو الكنيست ورئيس القائمة العربية الموحدة مؤخرا حول اعتزامه مطالبة جامعة الدول العربية بمنح العرب الذين يحملون جوازات سفر اسرائيلية صفة (مراقب) لدى الجامعة وهو المطلب الذي لا يمكن تحقيقه في ظل نظام الجامعة العربية من الناحية الاجرائية.
اما محمد بركة رئيس قائمة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة حداش الذي كان قد اعلن عن ترشيح نفسه لرئاسة الكنيست فانه قصد بذلك فرض تحد جديد على مقولات الديموقراطية الاسرائيلية جنبا الى جنب مع التأكيد على اهمية الوجود العربي على الساحة السياسية الاسرائيلية في مواجهة حالة التهميش للعرب داخل اسرائيل.
وتحقيقا لنفس الهدف قرر احمد الطيبي عضو الكنيست عن التجمع الوطني الوحدوي ترشيح نفسه لعضوية لجنة العلاقات الخارجية والامن في الكنيست رغم انه يعرف سلفا ان هذه الخطوة مرفوضة تماما من جانب الاغلبية الساحقة للاعضاء اليهود في الكنيست الذين لن يسمحوا لعربي بدخول هذه اللجنة البرلمانية البالغة الحساسية.
واذا كان باراك قد وصفه بعض نواب حزب العمل الذي يتزعمه بأنه رجل لا يتورع عن استغلالك ثم لفظك فان الامر يبقى كما يقول احد المحللين السياسيين مجرد اختبار للديموقراطية الاسرائيلية التي يبدو انها سترسب من جديد في هذا الامتحان العربي.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved