Friday 9th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الجمعة 25 ربيع الاول


همهمات جرح

اذنب ارتكبته لكيلا يغتفر,؟ ام جرح جنيته وانا المجني عليه فمالي من جرمي مفر,,وقلمي في يدي سكين انحت بها على جدران قلبي حروفاً وذكرى لجرح العمر,, وحروفي خانتني هجرتني,, احاصرها تتهرب مني,, تعلن صمتها,, تضرب عن فهمي عن الحديث عن العذر.
وتفر عباراتي مني,, تتساقط المعاني,, ويرفض اي معنى لجرحي اليوم يحتضن ودموعي تسبق صبري,, وعلى ورقي تشوه حرفي تطمس كلماتي وطوفان دمعي فيه كل حرف ينتحر,.
في صدري عواطف ضجت بها اضلعي فغدت ترتل انشودة الحب العتيق في وهم، في مهجتي اصداء شوقٍ ترددت واغانٍ لحب منهدم,, من بين طبقات صدري تتصاعد صرخة: أأنا بشر من لحم ودم؟! فمن منصفي يا لهؤلاء البشر,, ومن لجرحٍ بطول زمانه عز عليه ان يلتئم,, قد يكون الحب ذنباً ودموعاً وندماً,, لكنك يا قيسي المغوار جرح وألم,, ونيران حب في الفؤاد يعلو لهيبها ويضطرم,, ووجع احمله في تجاويف قلبي لحلم منهدم,.
من على اطلال زماننا لست ابكي فراق قيسي,, ولا جرح ليلاه,, انما ابكي زيف قيس في حب ليلاه,, ابكي لهمهمات جرح استنطق الصمت واستبد بكل الكلام فيا من كنت قيسي المستبد بالفؤاد ونبضه,, ذكرني ذكرني بانه قد كان لي قلب اقترف ذات يوم حبك,, ذكرني يا من كنت لي زاداً وماء,, ونبضاً للعمر,, ذكرني بأنه قد كان لي قلب احب يوماً وانطفأ,, ذكرني فاني قد نسيت ان لي قلباً ذات يوم كان لحبك حاوياً,.
فهذا الزمان قد غدا لما اردت معادياً,, اجننت ام اني استجدي في صدق المشاعر في عالم الزيف؟!,, فيه كل شعاع للحب والوفاء قد خبا,, ام لعلي ارنو جراحاً رتقته بأيدي احبة كانوا بلسما للوجد وآلامه دواءً شافياً,, لا,, ان كل ما ارجوه عودة لضفاف حب قد انتهى,, فقل لي بربك انك وهم كيما انقضي,, انك زيف كيما انتهي,, قل لي بربك كيما سحابة حزني تنجلي,, فقد غدوت لي متنفساً وفي حلمي اراك وفي يقظتي وغفوتي,, تعانق شموخ جرحي,, تنسج شباك أطيافك في مخيلتي التي احتوتك يوماً طيفاً لأنبل الآمال,, وتحاصر قلبي قلبي الذي رفعتك يوماً الى هامته,, لكنك اسقطته,, جعلتك يوماً نصراً لحبي وجعلتني انت هزيمة لنفسي,, احتضنتك وردة حب حمراء فكنت شوكة ألم انغرست في فؤادي,, احتضنتك معاني كثيرة ونبيلة,, حب وشوق,, امل وحياة,, معاني اصعب من ان تعيها او تنهجها عواطفك الجاهلة,.
آه يا قيسي المزيف قد انتهت ليلي في زمن الجراح,, زمن غدا فيه قيسها زيفاً وخداعاً,, فما قيس بذاك الذي ترتعد فرائصه امام رياح تضحية قوية,, وما هو من قيس في شيء عندما يفر ولا يكون في الحب مقدام,, فأنت يا قيسي لست سوى جراح وألم,, وآهة من اضلع يسكنها الندم,, فعند زيفك,, ستصمت حروفي وتعتذر عن الكلام,, وسيخبو نورها,, ويزرع دروباً للضياع,, عندك سترحل الاماني والآمال مودعة للابد,, وسيسكن همسي في حنجرتي,, ويتربع الالم في جوفي متسيدا المكان متعبة انا اليوم مهمومة والدمع مزروع في مقلتي وتحت اهدابي,, مزروعة انا اليوم في مستنقعات الخديعة,, وانواري قد انطفأت,, وآمالي قد ارتحلت,, وازهاري قد ذبلت,, واشجاري قد قطعت,, أنا اليوم اعيش مراسيم توديع لفتاة ساذجة مرهفة وادعة حملتها يوماً بين اضلعي,, واتهيأ لاستقبال امرأة قوية,, بلا قلب,, لانها قد اعدمته وخنقت عواطفه,, وقتلت نبضه,, لانه اقترف ذات يوم حبك,, امرأة لا تعرف معنى للحياة او للجمال,, للحب وللعطاء,, للتضحية او للنقاء,, امرأة ستجيد آلية الهجوم,, ومهارة زرع الجراح في قلوب الآخرين,, ستبدع في الكذب وفنونه في الزيف وقوانينه,, ستزيف المشاعر وستخدع في اليوم الف قلب وقلب,, وستشوه وجه الحقيقة بألوان الكذب,, ستكذب وتخدع وتجرح,, وفي ثنايا الليل,, واذا ما اطفأت الانوار ستحتضن وسادتها في ألم,, وستبكي ما مضى,, ستبكي احاسيسها المرهقة التي قتلت,, ستبكي عواطفها التي سفكت دماءها,, ستبكي مشاعرها التي انتحرت في قسوة,, ستبكي احساسها الصادق الذي اعتلى احاسيس البشر,, ودنا ليقترب من قطر المطر,, وارتعاش اغصان الشجر,, وحملها يوماً الى طريقك كيما كل ذلك ينتحر.
فيا قسوة هذا الزمان الذي زرعك في طريقي لتنهيني,, وما قسوته عندما جعلك المرفأ لقلبي المعذب لتغرقه,, ويا قسوته عندما جعلك شمعة امل تنير عمري فاطفأته,, زمن لا ادري فيه من الملام,, اهوانا,, ام انت,, ام هم,, ولكن في كل الأحوال لن الوم سوى قلبي الذي في يوما ما احبك,.
كلماتي هذه ساحفرها على جدران قلبي قبل ان انقشها على وجه الصفحات البيضاء وساحملها في قلبي وجعاً يدمي خاطري,, وجعاً يشهق في داخلي,, يدخل الى صدري كل الآلام والهموم,, وحزناً يجري في اوردتي يذبل الارواح والقلوب ويسكنني الصمت يستهويني,, فيه اتفرد بأوجاعي وآلامي,, بأحزاني وجراحي,, حتى بحبي المنطفىء,, فمصابيح الحياة عندي انطفأت,, ومعنى الذبول غزا روحي واستوطن وجداني,, فما عادت المعاني الزاجلة تستدعيني للركض خلفها,, ولا الآمال الوارفة,, ولا الأماني الواعدة,, كل شيء قد مات بداخلي,, فقلبي متعب منهك ما عاد يقوى الحياة,, وعيوني ضريره ما عادت ترى الوان الحياة,, وسمعي اصم ما عادت ترهقه الكلمات العالمة وشفاهي ما عادت تعرف معنى الابتسام,, احساس مميت يغتالني,, يشعرني ألا شيء في هذه الحياة يستحق وأول تلك الاشياء وآخرها هو انت في نقشي هذا لا استجديك العودة فالهوى من قلبي قد رحل,, انما اسألك الرحيل عن عالمي الذي شوهته بزيفك وغدرك,, وسأغادر هذه الحياة التافهة وسأموت في كل يوم الف مرة لانني اعيش في هذا العالم المخادع,, ولأنني ما زلت املك الاحساس وما زالت الحياة تحتضن امثالك من الذين لا يقدرون هذه الأحاسيس,, ساموت مع كل اشراقة شمس وغروبها.
زهرة البنفسج

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
أفاق اسلامية
لقاء
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
شرفات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved