Monday 19th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 6 ربيع الثاني


ظواهر فنية في لغة الشعر العربي الحديث

*دراسة : علاء الدين السيد
*عرض : جاك صبري شماس
يدرس المؤلف في فصول هذا الكتاب الظواهر الفنية في لغة الشعر العربي الحديث، وذلك عبر تحليل ابعاده، وظواهره من خلال اسلوب فيه الكثير من الاحاطة والشمولية، وجهد التقصي والمتابعة والتشويق، وينم عن مقدرة واضحة للمؤلف.
يقول شاعر فرنسي معاصر وهو سيرج بييه: لن يتطور الشعر العربي من خلال تماهيه مع الشعر الغربي، وتمثل تجاربه واكتساب ملامحه، ان عليه ان يعود إلى الثروة الهائلة الموجودة في الشعر الجاهلي برؤيا تفجر المدى بين المكتوب والمروي .
شاعت كلمة الحداثة خلال النصف الاخير من هذا القرن في الادب العربي بأنواعه، ولكنها ارتبطت في الاذهان بالتطور الجذري الذي لحق بالشعر حتى اصبحت جزءاً من الاسم الذي اطلق على هذا النمط المتطور من الشعر العربي الذي عرف بالشعر الحديث.
ان مفهوم الحداثة في اعمق تصور له هو موقف من الماضي، فالحداثة لغويا هي ايجاد ما لم يكن موجوداً من قبل، وقديما كان يقال: القديم والجديد، والتقليد والابتكار، ابناء اليوم وابناء الماضي.
كما استخدمت الحداثة في معظم الدراسات الادبية والنقدية فيما بعد مقترنة بمصطلحات أخرى منها: الاصالة، المعاصرة، الجدة، المماثلة، التشكيل النثري، الاستحداث المضموني.
يقول جون كوين:
1- قصيدة النثر : ويمكن ان نسميه قصيدة معنوية لانه نمط يهمل الجانب الصوتي ويكتفي بالاعتماد على وجه واحد من وجهي اللغة الشعرية.
2- القصيدة الصوتية: وهي تقابل ما نسميه الشعر المنظوم الذي لا يستغل إلا الرافد الصوتي للغة الشعرية فقط، اي هي النظم العادي عن اي قضية مضمونة ومثله ما شاع من شعر العلماء والفقهاء .
3- الشعر الصوتي - المعنوي أو الشعر المكتمل وهو تلك القصائد التي تجمع في بنائها بين الجانبين: الصوتي الوزن، والمعنوي القيمة المضمونية.
لقد اقترنت الحداثة الشعرية عند روادها باللغة، فقد اعتبر ادونيس ان الحداثة الشعرية: تساؤل جذري يستكشف اللغة الشعرية ويستقصيها وافتتاح آفاق تجريبية جديدة في الممارسة الكتابية، وابتكار طرق للتعبير تكون في مستوى هذا التساؤل، وشرط هذا كله الصدور عن نظرة شخصية فريدة للإنسان والكون، ويتشابك هذا المفهوم مع أربعة عناصر اساسية في تحديد المفهوم الكلي للحداثة الشعرية وهي الشعر، والشكل الشعري، واللغة والشاعر.
وقد ساهمت مجلة شعر في إيجاد تيار لغوي جيد حيث فسحت هذه المجلة ضمن صفحاتها رقعة لا يستهان بها لنشر تجارب الاصوات الجديدة التي تحاكي تجارب شارل بودلير ومالا رميه، ورامبو، وسان جون برس وغيرهم وليس غريبا في غياب الوزن ان تتحمل الجملة الشعرية في قصيدة النثر عبء هذا الدور فيستغل الشاعر كل امكانات الالفاظ الموسيقية ليعوض هذا النقص.
للشعر لغة لا تعبر عن فكر مجرد، وإنما عن وجدان مؤثر من خلال مجموعة من الافكار المتسقة على نحو خاص، هذه اللغة هي تلك التي وصف ابن سينا (428ه) كلامها بأنه الكلام الذي تذعن له النفس فتنبسط عن امور وتنقبض عن امور من غير روية او فكر واختيار، وبالجملة: تنفعل له انفعالا نفسيا غير فكري، فلغة الشعر تعنى بالظلال النفسية والدلالات الوجدانية كما تعنى بتجسيد الاحاسيس والمشاعر الانسانية، لذلك كان اهتمام الفلاسفة والبلغاء وأهل اللغة بها كبيراً في الماضي والحاضر على السواء.
اثار القرآن الكريم منذ اللحظات الاولى لنزوله حركة فكرية عند العرب ودعاهم الى الالتفات إليه، لما جاء به من جديد في اساليب التعبير والبيان وعُلقت افئدتهم وأسماعهم بهذا الكلام الرائع، فلم يسعهم ازاءه إلا التسليم بروعة اثره في النفوس وفي العقول، واعترف بلغاؤهم وأولو الفطن منهم بذلك الاثر، وتحيروا فيه.
وتتجلى لنا صورة ناصعة من صور اللجوء التعبيري إلى القرآن الكريم في ديوان شفا حفرة من البوح منذ عنوانه الذي لجأت فيه الشاعرة الدكتورة زكية مال الله إلى القرآن الكريم، ثم في تضاعيفه حيث يتسنى لنا رصد مواطن عديدة استفادت فيها الشاعرة من القرآن العظيم استفادة لغوية مباشرة.
لقد احتفظت لغة الشعر - على مر العصور - بمقومات فنية مازالت تنمو بفضل عباقرة الشعراء والنقاد في مختلف الاداب وانتهت إلى العصر الحديث فأثرت في ادبه من حيث صياغته ومعانيه، ولا ينال هذا التأثر - في شيء - من اللغة ألفاظها وقواعدها، فهذا ما لم يقل به احد من المجددين الذين يعتد بهم في ادبنا العربي او في الاداب العالمية الاخرى، ولم يدر في خلد هؤلاء المجددين ان ينالوا من اللغة او يهونوا من شأن المعرفة الدقيقة لاساليبها ومعانيها.
صدرت هذه الدراسة عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق عام 1996م وضمت ما بين دفتيها 160 صفحة.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الادارة والمجتمع
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
الطبية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved