Monday 19th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 6 ربيع الثاني


مقترحات لسد العجز في الكوادر الرقابية
الدكتور/ مفرج بن سعد الحقباني *

شهد الاقتصاد السعودي تقلبات سريعة تبعاً للتغيرات الاقتصادية المحلية والاقليمية والدولية, فبعد ان كان الاقتصاد السعودي يتسم بالبدائية في معظم جوانبه، جاءت الطفرة الاقتصادية التي صاحبت الارتفاع الكبير في اسعار النفط في بداية السبعينيات ليتبدل معها شكل ونمط معظم المتغيرات والانشطة الاقتصادية وليتشكل معها الاقتصاد السعودي بشكل جديد ومتطور فاق تصور اكثر المتفائلين, ومما لاشك فيه فقد كان لهذا الواقع الجديد اثر كبير في تنمية الاقتصاد السعودي شكلاً ومضموناً حتى اصبح المواطن السعودي يعيش حالة من الرفاهية غير المسبوقة وحتى اصبح الاقتصاد السعودي مهوى لافئدة الكثير من ابناء الدول الاخرى التي رأت في الحصول على فرصة عمل على الارض السعودية ضماناً وتأميناً لمستقبلها, مما لاشك فيه أيضا فقد كان التحول الى الوضع الجديد سريعا وبشكل لم تستطع معه الاجهزة المعنية سن الانظمة المناسبة لتنظيم حركة الكثير من المتغيرات الاقتصادية مما ساهم في الحد من الاستفادة من الموارد المالية الهائلة ومما ساهم في خلق بيئة اقتصادية سيطرت فيها العشوائية على حركة هذه المتغيرات الاقتصادية.
وفي حالات اخرى لم تكن العشوائية ناتجة عن عدم وجود النظام المناسب ولكن ناتجة عن عدم وجود التطبيق الجيد والمناسب للنظام مما اضعف من الهيبة التنظيمية وساهم في تحفيز المخالفين على التوسع في المخالفة, ولعل جولة سريعة على بعض الانظمة تعطينا دليلاً ناصعاً على اننا قد تأخرنا او تباطأنا في سن او تطبيق او تعديل الانظمة مما ادى الى واقع حالي صعب المراس, نظام العمل والعمال، نظام الخدمة المدنية، نظام التأمينات الاجتماعية ، نظام خدمة الضباط والافراد، نظام الاستيراد والتصدير، نظام الاستثمار الاجنبي، نظام حماية المستهلك، نظام الرقابة الصحية، وغيرها من الانظمة التي ظلت حبيسة الصياغة الاولى مما جعلها غير قادرة على مواكبة التغيرات الهيكلية في الاقتصاد السعودي.
لعل ماقادني الى سرد هذه المقدمة الطويلة ما نلاحظه من قصور واضح في تطبيق الكثير من الانظمة التي لها اثر كبير على الاقتصاد السعودي بشكل عام وعلى المواطن السعودي بشكل خاص سواء كمستهلك او كمستثمر, ولعل اقوى الحجج التي يتذرع بها المسؤولون في العديد من الجهات المعنية عن مراقبة تطبيق الانظمة هي نقص الكوادر اللازمة لمتابعة التطبيق, وهنا نقول إن من الممكن ان يكون نقص الكوادر البشرية عاملا رئيسيا من العوامل التي تقف حائلا دون تطبيق الانظمة، ولكن نشير الى ان اي نظام يكتسب قوته من الامور التالية:
1- قوة النظام وقابليته للتطبيق مما يزيد من قوة الردع النظامية ويقلل من الرغبة في المخالفة.
2-قوة الجهاز المعني بتطبيقه.
3-الرقابة القوية والمستمرة مما يضعف قدرة المخالفين على المخالفة.
4-المساواة في التطبيق على كافة العناصر المخالفة.
5-عدم وجود منافذ نظامية للمخالفين.
6-الرغبة الصادقة في تطبيق النظام.
وفي اعتقادي ان اهم عنصر من العناصر السابقة يكمن في الرقابة القوية والمستمرة لكونها تقلل من فرص نجاح المخالفين للانظمة وتبقي على الاحترام اللازم والدائم للنظام, وعليه فإنني ارى طرح الاقتراح التالي كوسيلة لدعم الجهات المعنية التي تشتكي من نقص الكوادر البشرية اللازمة لتحقيق الرقابة الدائمة والمستمرة وذلك على النحو التالي:
نعلم جميعاً أن التوسع الافقي للمدن السعودية والانتشار الكبير للمحلات التجارية قد ساهم في زيادة الاعباء على الجهات المعنية بتطبيق النظام خاصة في ظل الحجة القوية التي تتمثل في نقص الكوادر البشرية، كما نعلم جميعا ان الشباب السعودي يواجه ظروفا صعبة في سوق العمل السعودي نتيجة للحرب الشرسة التي تشنها عليه العمالة الاجنبية مما ابقاه عاطلا عن العمل وعرضة للآثار السلبية التي عادة ما ترتبط بالبطالة, وهنا اقترح:
اولاً: ان يتم الاستعانة بخريجي الجامعات الذين لم يجدوا فرصة عمل للعمل كمراقبين مؤقتين لدى الجهات المكلفة بتطبيق الانظمة كالبلديات والجوازات والدفاع المدني ووزارة التجارة وغيرها من الاجهزة الحكومية.
ثانيا: يستمر عمل الخريج كمراقب ما لم يرتكب مخالفة نظامية تقتضي فصله او يحصل على فرصة عمل دائمة ورسمية.
ثالثاً: تصرف مستحقات المراقبين المؤقتين على شكل نسبة معينة من المبالغ المالية التي يدفعها المخالفون نظير مخالفتهم للانظمة.
رابعاً: يلتحق خريجو الجامعات بدورات تخصصية في مجال العمل الرقابي الذي سيكلف به وتتولى الجهات المعنية تدريبهم التدريب اللازم لتنفيذ المهمة.
خامساً: يعطى كل متخرج يرغب العمل كمراقب بطاقة خاصة تصدرها الجهة المعنية لابرازها عند الحاجة.
سادساً: يعطى كل متخرج يرغب العمل كمراقب كتيبا ارشاديا يحتوي على النظام الخاص بمجال الرقابة وعلى الضوابط النظامية التي يجب عليه التأكد من توفرها وعلى بعض صور المخالفات السائدة التي يجب عليه التأكد من عدم وجودها.
سابعاً: يوقع الخريج على وثيقة توظيف مؤقت يلتزم بموجبها بأداء العمل بكل شرف وامانة وعند ارتكابه لمخالفة نظامية يحرم من التوظيف المؤقت والدائم في القطاعين العام والخاص ولفترة زمنية معينة.
ومن اهم مزايا هذا الاقتراح:
1-دعم الجهات المعنية بالكوادر اللازمة لمراقبة تطبيق الانظمة.
2-الحد من المخالفات النظامية التي شاعت وبكثرة في اسواقنا المحلية.
3-توفير فرص عمل لخريجي الجامعات الذين لم يستطيعوا الحصول على فرص عمل رسمية ودائمة.
4-تأمين مصدر دخل اضافي لخزينة الدولة عن طريق الغرامات التي سيتم تقاضيها من المخالفين للانظمة.
5-خلق بيئة جديدة تتسم باحترام النظام واحترام الجهات الحكومية المعنية بتطبيق النظام.
6-ان هذا الاقتراح لايكلف خزينة الدولة مبالغ مالية مقارنة بالوظائف الرسمية التي يجب توفيرها في حالة الرغبة في زيادة عدد المراقبين وفي حالة الرغبة الصادقة في الحد من المخالفات غير النظامية.
إشارة:
قد يقول قائل ان هذا الاقتراح سيسبب الفوضى نتيجة لما قد يرتكبه المراقبون من اخطاء فادحة قد تصل الى حد التجني على الغير بقوة النظام, والى هؤلاء نقول ان خريجي الجامعات على درجة عالية من الوعي الفكري والثقافي والذي سيحول دون ارتكابهم للمخالفات المقصودة كما يجب في نفس الوقت وضع التدابير اللازمة لتنفيذ هذا الاقتراح ولو بشكل تدريجي اذ يمكن تطبيقه في احد احياء مدينة الرياض كتجربة يمكن تعميمها في حالة نجاحها على بقية احياء المدينة والمدن السعودية,
المهم ان نعمل مايفيد بدلا من ان نترك المخالفات غير النظامية تنهش جسد اقتصادنا الوطني خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي قللت من درجة المناعة والمقاومة لدى اقتصادنا المحلي.
* أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الادارة والمجتمع
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
الطبية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved