Monday 19th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 6 ربيع الثاني


وجهة نظر
منظمة التجارة العالمية
د, محمد يحيى اليماني *

طلبت المملكة العربية السعودية الانضمام الى ما كان يعرف سابقاً باتفاقية الجات والتي شكلت فيما بعد هيكل منظمة التجارة العالمية في عام 1993م وقد دخلت في مفاوضات شاقة وطويلة للانضمام الى الاتفاقية وللمنظمة فيما بعد, وتعد المنظمة احدى الركائز التي يقوم عليها النظام العالمي المعاصر، ويرجع تاريخها الى الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية, فبعد انتهاء الحرب وجدت الدول الكبرى آنذاك وبخاصة الولايات المتحدة الامريكية ان هناك حاجة ملحة الى وجود هيئات دولية سياسية واقتصادية تكون مهمتها الحفاظ على السلام ودعم مسيرة الإعمار والتنمية الاقتصادية والعمل على ايجاد وتشجيع الاستقرار الاقتصادي فوجدت هيئة الأمم والتي تركز اهتمامها على محاولة رعاية السلام ونشره وحل المشاكل السياسية بالطرق السلمية, وفي الجانب الاقتصادي كان هناك صندوق النقد الدولي والذي يهتم بمساعدة الدول في التغلب على مشاكلها الاقتصادية والحفاظ على استقرارها اقتصادياً, كما وجد البنك الدولي والذي يسعى الى مساعدة الدول المتضررة من الحرب في عملية اعادة الاعمار ثم اصبح يهتم بمساعدة الدول النامية في عملية التنمية الاقتصادية وتقديم القروض والمساعدات المالية والخبرات والاستشارات اللازمة, وكانت الهيئة الدولية الرابعة هي منظمة التجارة الدولية والتي اوكل اليها امر وضع وتنظيم اسس وقواعد التجارة العالمية, ولكن لم يكتب لهذه المنظمة الخروج الى ارض الواقع وذلك لمعارضة الولايات المتحدة الامريكية بالدرجة الاولى للمبادىء التي ارتكزت عليها المنظمة وذلك لما احتوته من قواعد وقيود تحد من قدرة الحكومات على اتخاذ الكثير من السياسات والاجراءات المرتبطة بالتجارة العالمية.
ولما كانت التجارة العالمية مهمة لجميع الاقطار فقد صادقت ثلاث وعشرون دولة منها الولايات المتحدة الامريكية على صيغة مخففة من الأسس والقواعد التي ارتكزت عليها منظمة التجارة الدولية عرفت فيما بعد بالاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة او ما يعرف اختصاراً بالجات, وتهدف الاتفاقية الى وضع مجموعة من الضوابط والقواعد التي تضمن انسياب حركة التجارة العالمية والتخفيف من القيود المفروضة عليها, وبعبارة اخرى تعمل الجات على تحرير التجارة العالمية من القيود بكافة اشكالها انطلاقاً من مبدأ اقتصادي مفاده ان التجارة العالمية الحرة تؤدي الى استخدام افضل للموارد الاقتصادية المتاحة للعالم وذلك عن طريق تخصص كل دولة في انتاج السلع والخدمات التي تستطيع انتاجها بتكلفة اقل من الدول الاخرى واستيراد السلع والخدمات التي ينتجها الآخرون بتكلفة اقل واذا كانت هذه الفرضية دقيقة فان المتوقع تحسن مستويات المعيشة لدول العالم كلها.
وقد مرت اتفاقية الجات منذ دخولها حيز التنفيذ عام 1948م بالعديد من التعديلات والتغيرات وكان آخرها يعرف بجولة الأرجواي والتي بدأت في عام 1986م واستمرت المفاوضات حتى نهاية عام 1993م وشكلت الصيغة الأخيرة لاتفاقية الجات هيكل منظمة التجارة العالمية، ففي ابريل عام 1994م وقعت مائة وعشرون دولة على هذه الصيغة في مدينة مراكش بالمغرب والتي ظهرت بناء عليها منظمة التجارة العالمية الى الوجود وبدأت مزاولة اعمالها في بداية يناير 1995م.
وعلى الرغم من ان المبادئ التي ارتكزت عليها المنظمة الجديدة لم تكن بنفس درجة الطموح التي كان يفترض ان تكون عليها المنظمة القديمة الا انها تعد مرحلة متقدمة نحو تحرير التجارة الدولية من القيود والعراقيل, ولا شك ان الانضمام للمنظمة يعد مطلباً ضرورياً لكافة الدول ذات العلاقات الاقتصادية الدولية الفاعلة لا سيما وان الغالبية العظمى من دول العالم اعضاء في هذه المنظمة, الا ان الانضمام له تكاليفه واعباؤه مثلما ان له مكاسبه ومن الطبيعي جداً ان تتأثر بعض القطاعات الاقتصادية المحلية سلباً نتيجة لانضمام المملكة بينما ستستفيد قطاعات اخرى والمطلوب هو التقليل قدر الامكان من الآثار السلبية وزيادة المكاسب وتوزيعها توزيعاً عادلاً على كافة القطاعات.
* قسم الاقتصاد الإسلامي - جامعة الإمام محمد بن سعود

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الادارة والمجتمع
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
الطبية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved