Monday 19th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 6 ربيع الثاني


في مسألة المزاح,,وملاطفة الإخوان
لا تجعل السفهاء يتجرؤون عليك

عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت بشيء من الاستغراب ذلك الخبر المنشور في صفحة المجتمع من العدد 9788 والذي كان بعنوان ترك زوجته خارج المنزل: زوج يتسلق جدار منزله ليلة زواجه وفحوى الخبر ان احد الازواج في محافظة البكيرية فوجىء عند وصوله باب منزله مع زوجته ليلة زفافه بان قفل الباب قد كسر فيه مفتاح آخر، فما كان منه الا ان تسلق جدار المنزل ومن ثم فتح الباب في موقف لا يحسد عليه.
ايها الاحباب/ هذه حادثة ضمن عشرات الحوادث التي تتكرر في مثل هذه المناسبات، حيث نجد الكثير من الزملاء يستخدمون هذا النوع القاسي من المزاح، وانه ليسعدني ان اتناول هذا الموضوع الهام موضوع المزاح وما يتعلق به من خلال صفحة الجميع عزيزتي الجزيرة فاقول مستعيناً بالله تعالى:
لاشك ان المزاح وملاطفة الاخوان والخلان مما يضفي علىحياتنا الاجتماعية جواً من السعادة والمحبة والالفة، كما انه يساهم في توثيق الصلات وتقويتها بين الناس، ولذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يداعب صحابته - رضي الله عنهم- ويمازحهم, فعن انس بن مالك رضي الله عنه قال ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ياذا الاذنين رواه احمد وابو داود والترمذي وعن انس ايضاً ان رجلاً استحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: اني حاملك على ولد ناقة فقال: يارسول الله ما اصنع بولد الناقة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل تلد الابل الا النوق رواه ابو داود والترمذي واحمد والبخاري في الادب المفرد فنجد ان المصطفى صلى الله عليه وسلم اجاب الرجل الى طلبه ومزح معه في الجواب, وعن انس -رضي الله عنه- ان رجلاً من اهل البادية كان اسمه زاهراً وكان يهدي الى النبي صلى الله عليه وسلم الهدية من البادية، فيجهِّزه النبي صلى الله عليه وسلم اذا اراد ان يخرج فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان زاهراً باديتنا ونحن حاضرته وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه، وكان رجلاً دميماً فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يوماً وهو يبيع متاعه واحتضنه من خلفه وهو لا يبصره فقال من هذا؟ ارسلني ثم التفت فعرف النبي صلى الله عليه وسلم فجعل لا يألوما الصق ظهره بصدر النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من يشتري هذا العبد؟ فقال زاهر: يا رسول الله اذاً والله تجدني كاسداً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لكن عند الله لست بكاسد او قال انت عند الله غال رواه الترمذي, اذن فمما سبق يتبين لنا ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يداعب الصحابة ويمازحهم لتطبيب نفوسهم وادخال السرور عليها ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يكثر من المزاح ولم يكن يكذب في مزاحه فعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قالوا يا رسول الله انك تداعبنا, قال: نعم غير اني لا اقول الا حقا وتداعبنا يعني تمازحنا.
ومما سبق نعلم ان المزاح مطلوب لطرد الملل ولادخال السرور على النفوس, قال الخليل بن احمد: الناس في سجن مالم يتمازحوا، ومزح الشعبي يوماً فقيل له: اتمزح يا ابا عمرو؟ قال: ان لم يكن هذا متنا من الغم ولكن يجب ان يُعلم ان لهذا المزاح حدودا وضوابط وآدابا لا يشرع تجاوزها ومن اهم هذه الاداب ما يأتي:
1- عدم الاكثار منه والافراط فيه لما في ذلك من تضييع للاوقات واسقاط للمروءة والهيبة كما انه يؤدي الى تجرؤ السفهاء والصغار على الكبار ويذهب الجد والحزم من الشخص الذي يتصف بذلك، وهذا هو الذي ورد فيه النهي في حديث لا تمار اخاك ولا تمازحه وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من كثر ضحكه استخف به وذهب بهاؤه وقال الشاعر
الكبر ذل والتواضع رفعة
والمزح والضحك الكثير سقوط
وقال الآخر:
فاياك اياك المزاح فانه
يجري عليك الطفل والدنس النذلا
ويذهب ماء الوجه بعد بهائه
ويورثه من بعد عزته ذلا
2- عدم إلحاق الاذى والضرر بالاخرين والاساءة اليهم او ترويعهم او مجاوزة الحد في الضرب والمزح بما فيه ضرر كحمل السلاح والتخويف به او كأن يدفعه في الماء وهو لا يجيد السباحة او يتعرض له بسيارته بقصد اخافته، ويدخل في هذا الباب كل مزاح ادى الى ايقاع الآخرين في حرج كما في الحادثة المشار اليها آنفاً وما شابهها من الحوادث، ولعل هذا النوع من اشد انواع المزاح التي يجب الابتعاد عنها وعدم ممارستها اطلاقاً لما تؤدي اليه من الاضرار اللاحقة بالشخص كاتلاف ممتلكاته او التعدي على بدنه بل لربما ادى هذا المزاح الى فقد حياته كما حصل في بعض الحوادث من خلال المزاح بالسيارات او السلاح او نحوهما، وكثيراً ما ادى هذا النوع من المزاح الى الخصومة والهجران بين الاصدقاء لذا فعلينا ان نبتعد عن هذا النوع القاسي من الممازحة, كان خالد بن صنوان يكره المزاح ويقول عن هذا النوع منه: يسعط احدكم اخاه باحر من الخردل، ويفرغ عليه اشد من غلي المرجل ويقول: مازحته أ,ه وقال الشاعر:
مازح صديقك ما احب مزاحا
وتوق منه في المزاح مزاحاً
فلربما مزح الصديق بمزحة
كانت لباب عداوة مفتاحا
وقال الآخر:
لا تمزحن فاذا مزحت فلا يكن
مزحاً تضاف به الى سوء الادب
واحذر ممازحة تعود عداوة
ان المزاح على مقدمة الغضب
3- عدم الكذب والكلام الفاحش والبذيء, قال صلى الله عليه وسلم: ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب، ويل له ويل له رواه ابو داود واحمد والترمذي وقال صلى الله عليه وسلم انا زعيم ببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وان كان مازحاً رواه ابو داود, مما يجب على الشخص ان يخلص نيته في كل اعماله ومنها ممازحته لاخوانه وعليه ان يحترم الاخرين ويقدرهم وعليه ان يبتعد عن كل فعل يسيء اليه والى اخوانه والله اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
احمد بن محمد البدر
الزلفي

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الادارة والمجتمع
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
الطبية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved