Thursday 22nd July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الخميس 9 ربيع الثاني


إصدارات

الرواية الاخيرة ل(كارلوس فوينتس) تدخل في اطار التركيز على هوية وطنه المتعددة المنابع ويعتبرها النقاد خطوة جديدة باتجاه التأكيد على الهوية الوطنية ودور هوية الجامعات الهندية الاصلية في تشكيل تلك الهوية الخاصة التي تحاول قوى سياسية معينة في المكسيك تجاهلها وكما يطرح الدكتور طلعت شاهين فان هذه الرواية تعتبر اعادة كتابة لتاريخ المكسيك خلال القرن العشرين وشخصياتها تمثل مراحل تطور هذا التاريخ ويعتبر الكاتب الراوي هنا شاهدا على هذا التاريخ وراويا له لان الرواية ترتكز على وقائع حقيقية وشخصيات تعتبر علامات في هذا التاريخ ويرى شاهين ان رواية سنوات مع لاورادياث ليست قصة المرأة التي تحمل الرواية اسمها ولكنها تقدم من خلال قصة مراحل الحياة الخاصة لهذه المرأة وقصص حبها وكراهيتها ومراحل تطور عواطفها وما واجهته من صعوبات وما حصلت عليه من لذة وما عانته من آلام الى ان استطاعت ان تحصل على حريتها الفردية وتفرضها على المجتمع المحيط بها وتشكيل شخصيتها في وقت كان فيه الوطن المكسيك ينهار تحت واقع الفساد السياسي.
تبدأ رواية سنوات مع لاورادياث بسرد احداث وقعت عام 1968 في مدينة فيراكروث ولا تنتهي الا بعد مرور قرن من الزمان على الحدود مع ولاية كاليفورنيا الامريكية من خلال مرور هذا القرن من الزمان يقول شاهين يكشف كارلوس فوينتس مراحل صعود وهبوط العلاقة ما بين اسبانيا والمكسيك التي يعتبرها صداما ما بين حضارتين مختلفتين صداماً ما بين التقدم والبدائي وهي علاقة تقلق هذا الكاتب منذ زمن بعيد وتكاد تكون حاضرة في كل كتاباته لانه يعتقد ان الفرد صورة للمجتمع والمجتمع صورة للوطن.
في هذه الرواية بحسب طلعت شاهين يبذل الكاتب كارلوس فوينتس جهودا كبيرة من اجل ان يعيد تركيب الاحداث التي افلتت من بين يديه عند كتابة روايته الاولى موت ارتيميو كروث الصادرة عام 1962 التي وصفها الكاتب نفسه بأنها رواية تحابي الرجل على حساب المرأة ومن هنا كانت المرأة هذه المرة بطلة الرواية الجديدة سنوات مع لاورادياث فاذا كانت شخصية ارتيميو كروث قد جسدت الثورة وفسادها والتحول الى البحث عن السلطة والثروة في وقت كان فيه الوطن يبني نفسه فان شخصية لاورادياث هي شخصية امرأة مكسيكية تحاول ان تؤكد وجودها في هذا العالم الذي لا يعترف بانسانيتها ولا بوجودها تبني نفسها كفرد بينما الوطن ينهار ويضيع ويبرز هذا المعنى كما يقول شاهين بوضوح عندما تصل الرواية الى مذبحة ميدان الحضارات الثلاث عام 1968 التي راح ضحيتها طلاب الجامعات والمدارس الذين تظاهروا مطالبين بحقوقهم كافراد وكانوا امتدادا لربيع 68 الذي بدأ في باريس بمظاهرات جامعة السوربون.
علاقات بطلة الرواية متشابكة ومن خلال هذا التشابك يحاول الكاتب ان يضع اكبر قدر ممكن من الشخصيات التاريخية التي عرفتها بلاده خلال القرن العشرين تلك المرأة كانت طبقا للرواية على علاقة بسياسيين وفنانين وكتاب ومثقفين لكن لكل علاقة بين لاورا دياث واي من تلك الشخصيات لها هدف معين يحاول الكاتب التأكيد عليه خاصة العلاقة التي يصفها ما بين البطلة والفنان المكسيكي دبيجول يفيرا فانه يحاول بحسب شاهين بيان الكتب الصادرة عن صحيفة البيان ان يبرز تطور الوجه الثقافي والسياسي للمكسيك خلال تلك الفترة مما يدفع القارىء الى التفكير وتحليل الاوضاع الفنية والثقافية للمكسيكيين خلال الفترة التي تتحدث عنها الرواية او تروي احداثها وهذا يعكس ايضا الى اي مدى تقلق هذه المسألة الكاتب كارلوس فوينتس وتكاد تمثل هاجسه الاول, العلاقات العاطفية التي ترتبط بها لاورا دياث خلال الرواية تضعنا، الكلام لشاهين، امام شخصيات تنتمي الى الحرب الاهلية الاسبانية والذين رحلوا الى المكسيك بعد هزيمة الجمهورية على ايدي قوات الجنرال فرانكو عام 1939 فالرواية كما تذكر المراجع تحتوي على ذكريات مهمة وطريفة عن تلك الحرب وبشكل خاص تلك التي تتحدث عن قوات المتطوعين الدولية التي شاركت في القتال الى جانب الكثير من الكتاب والمثقفين المعروفين عالميا مثل الكاتب الامريكي ارنست همينجواي واندريه مالرو وبريتون وغيرهم من مشاهير تلك الفترة,, هناك ايضا شخصيات واقعية اخرى تظهر في الرواية مثل الشاعر الاسباني رفائيل البرتي وزوجته الراحلة ماريا تيرساليون وكذلك الكاتب المكسيكي الحائز على جائزة نوبل للادب او كتافيو باث والذي كانت علاقة الكاتب به خلال السنوات الاخيرة شبه عدائية كما يذكر شاهين بسبب الموقف من الحركة الثاباتية التي يؤيدها الكاتب بينما يقف ضدها او كتافيوباث منذ اللحظات الاولى لحدوثها والشاعر التشيكي بابلوا نيرودا والبيرواني ثيسار باييخو او الفنان التشكيلي المكسيكي دافيد الفارو سيكيروس يظهرون جميعا في مشاهد مكتوبة بشكل ممتاز.
واخيرا يرى شاهين ان هذه الرواية تمثل قمة ابداع فوينتس خلال القرن العشرين وبذلك يمكن ان تكون ايضا طريقة عملية للاجابة على العديد من الاسئلة المطروحة ادبيا وسياسيا عن بعض الاحداث التي وقعت في بلاده ولم يجرؤ اي كاتب آخر ان يتناولها.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved