Thursday 29th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الخميس 16 ربيع الثاني


همشوه إعلامياً فأثبت وجوده
بعض رؤساء أقسام الفنون في الصحافة يضعون الفن التشكيلي آخر اهتماماتهم
الجزيرة من أوائل من خدم هذا الفن محلياً وعربياً والحياة التشكيلية السورية مازالت صامدة

*تقرير- محمد المنيف
قبل سنوات لم يكن للفن التشكيلي في الصحف أو المجلات أي مساحة ثابتة اسبوعية كانت أم يومية رغم أن نشاطه يغطي البرامج السنوية التي تعدها الجهات المسؤولة عن الأنشطة الثقافية كالرئاسة العامة لرعاية الشباب أو جمعية الثقافة والفنون وأصبحت الكتابة عن هذا الفن لا تتعدى الخبر الذي ينشر ثاني أيام افتتاح المعرض ولم يكن هناك أي تغطية مسبقة أو الحاقية إلا ما ندر وفي مساحات قليلة مقابل ما يحظى به الفن الغنائي أو المسرحي أو التلفزيوني أو الإذاعي أو ما يمكن أن نطلق عليها الفنون السبعة,, وحتى لا نغفل حق الآخرين ممن كانوا يشرفون على الأقسام الفنية في بعض الصحف فقد اعطوا هذا الفن مساحات ولو باستحياء وتحمل لردود فعل الفنانين الآخرين التابعين لما سبق تسميته من الفنون وهؤلاء ساهموا بحق في ايجاد جزء من صفحاتهم لمتابعة النشاطات التشكيلية وطرح بعض القضايا أو قراءات في أعمال فنانين بشكل متقطع غير ثابت في وقت لم يكن غيرهم يأبه بها أو يعطيها حقها.
ولكنه جهد محمود لهم مع أن ذلك الجهد قد يجد من بعض رؤساء الأقسام مواقف غير مناسبة من شطب وتحجيم أو الغاء على حساب الفنون الأخرى.
الفن التشكيلي والإصدارات
أستعرضنا باختصار ما كان عليه الفن التشكيلي في الصحف فقط وما يجده من صعوبة التعامل واتاحة الفرصة مع وجود المنافسة نتيجة لنقص الوعي بهذا الفن على المستوى الجماهيري ورغم أن تلك الصحف المحلية وخصوصاً الصحف العربية عموماً لم تكن لتعطي هذا الفن أكثر مما أعطته رغم أن تلك المساحات لم تكن تؤدي الهدف منها وهو ايصال ما يطرح إلى أكثر مساحة وبشكل متواصل وثابت إما يومي عبر زاوية أو اسبوعي من خلال صفحة كاملة.
ولهذا حاولت الكثير من المؤسسات الإعلامية التجارية منها والحكومية ايجاد اصدارات متخصصة في هذا الفن تخرج الينا العديد من أسماء تلك الاصدارات منها مجلة فنون عربية تصدر من لندن وتوقفت ومجلة الحياة التشكيلية السورية وهي إصدار حكومي عن وزارة الثقافة ومجلة النقطة اللبنانية تصدر فترات متقطعة ومجلة التشكيل القطري تصدر عن جمعية الفنون التشكيلية القطرية ومجلة الفنون التشكيلية وتصدر عن الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون ظهر منها عدد واحد ولم يتبعه أي عدد آخر وهناك تحرك جاد لإعادة اصدارها بشكل أكثر شمولية وتنوع كما جاء في حديث سابق مع رئيس مجلس إدارة الجمعية الأستاذ محمد الشدي كما أن هناك مجلة صدر منها ايضاً عدد واحد وتوقفت تحمل اسم عين من مصر الشقيقة انشأها الفنان عادل السيوي والذي قال عنها في لقاء أجري معه في مجلة الأهرام العربي: كنت أتصور أن الواقع يحتاج إلى مجلة متخصصة نتيجة عدم مواكبة جهد نقدي للحركة التشكيلية فالنقد الفني التشكيلي بدأ على يد الأدباء الكبار في مصر ,, ويضيف السيوي: وكنا نتصور اننا نحتاج إلى وعاء خاص لتقييم الحركة ومراقبتها ورصد الأفكار الموجودة خلف الأعمال الفنية,, ولكن المشكلة التي واجهتنا لم تكن في التمويل وإنما على عكس ما توقعنا تمثلت في عدم توفر نصوص حقيقية مكتوبة ولهذا عملنا تراجم وحوارات لتغطية هذا العجز دون جدوى -انتهى حديث السيوي- عن مجلة عين والواقع أن هناك الكثير من الإصدارات لا يتسع المجال لذكرها منها ما توقف ومنها مازال يعطي خصوصاً المدعومة رسمياً وفي مقدمتها مجلة الحياة التشكيلية السورية التي لازالت صامدة رغم تأخر صدورها -ولكنها تؤدي دورها كاملاً-.
اندفاع إعلامي كبير للفن التشكيلي
ومن الممكن أن يكون اعتماد الاصدارات التشكيلية التي توقفت جاء نتيجة لاعتمادها على الدعم التجاري من خلال الإعلان وهذا أمر صعب جداً الاعتماد عليه باعتبارها مجلات متخصصة ونخبوية تلك هي حقيقة الاصدارات ذات العلاقة ولكن ماهي حقيقة الاندفاع الكبير للفن التشكيلي إعلامياً عبر المجلات الشعبية والأدبية والفنية المتنوعة ونحن نجيب على مثل هذا التساؤل بكل اعتزاز انه المنافسة والنجاح والتواجد والكثافة العددية للفنانين والفنانات على المستوى المحلي والعربي ويضاف إلى هذا أيضاً تقدير المجتمع والجمهور لهذا الفن البصري الذي أصبح جزءاً من ثقافة المجتمع ومظهراً حضارياً يبرز في كيفية ونوع اللوحة التي تغزو المنازل ويتقبلها كل الفئات في المجمع وأخذت موقعها في كل المرافق الحكومية على أعلى مستوى,, ومن هنا ظهرت المنافسة مقابل الفنون الأخرى وخصوصاً المسرح الذي مازال محدود التواجد فقد برز الفن التشكيلي مزهواً بفنانيه ومعتزاً بما يقدم فيه من إبداعات وصل من خلالها إلى وظيفة سفير الإبداع البصري عالمياً,, هذا النجاح والتميز دفع بالصحف والمجلات على وجه الخصوص باعطاء صفحات خاصة وحرصت على أن تشتمل على أكبر عدد من اللوحات وبحث محرورها عن هذا الفن وفنانيه وقناعة منهم بأنه مادة صحفية هامة ومن المؤسف أن من يقوم بتلك المهمة اشخاص بعيدين جداً عن اسرار وأبعاد ومبدعي الفنون التشكيلية ورغم ذلك نقدر تواجدهم لعل وعسى أن تجد المتخصص العارف بها.
تهميش من المسؤولين في الصحف
أم جهل من رؤساء الأقسام
وإذا عدنا للبحث عن أسباب انعدام وجود الصفحات أو المساحات التشكيلية في السابق فإن الواقع يكشف لنا جوانب هامة جداً كانت خلف هذا الغياب ومنها جهل الكثير من مسؤولي اقسام الفنون بأهمية هذا الإبداع الإنساني وجهل بأهمية التخصص والتنوع في الطرح مما جعل المواد الأخرى توجد نوعا من الضبابية إضافة إلى أن اولئك المسؤولين عن الاقسام يرون أن هذا الفن هامشي وقد لا يفيد توجههم الشخصي وهو البحث عن الفرص للسفر وحضور المهرجانات والحفلات الغنائية والمسرحية مما دفعهم للتقليل من مساحة الفن التشكيلي علماً بأن هذا الفن أخذ موقعه الهام في مسيرة الثقافة وحقق حضوراً عالمياً فكسب فنانوه الجوائز في منافسات كبرى لم تعط حقها من التعريف أو الاشادة بها بينما نجد الركض خلف شريط جديد أو أغنية مازال تداولها في حدود الوطن فيما اللوحة تجد مكانتها في المتاحف والمعارض الدولية في أمريكا وفرنسا وبريطانيا وغيرها.
لماذا الإعلام التشكيلي؟
يلعب الإعلام التشكيلي دوراً هاماً على المستوى العالمي واصبحت أساليب الإدارة فيه لعبة تجارية وثقافية هامة لها تأثيرها الكبير ودورها الفاعل فالحديث عن لوحة أو عن فنان تشكيلي عبر مجلة أو صحيفة عامة أو إصدار خاص دعائي تعني الدفع بهذا الفنان وتلك اللوحة إلى الوصول عالمياً وترويج اقتنائها عند تجار اللوحات أو الأفراد أما الجانب الأهم فهو أن اللوحة جزء لا ينفصل عن وسائل التعبير الأدبية كالقصة أو الرواية أو القصيدة فهي مرآة بصرية مباشرة تعكس الواقع الحضاري لأي مجتمع باعتبارها امتداداً للأثر الإبداعي الذي تمتلىء به المتاحف المتخصصة في التراث ولهذا أصبح للوحة متاحف عالمية في أكبر دول العالم تقدماً صناعياً اعترافاً بها وبتمثيلها للإنسان المعاصر.
إذاً فوجود الفنون التشكيلية في مجال الإعلام وتخصيص المساحات المناسبة له يأتي توازياً مع ما يعطى للفنون الإنسانية الأخرى كالعمارة والهندسة والأدب بفروعه.
جهود محلية بارزة
قبل الختام يجب أن تذكر الجهود الرائعة التي تبذلها الصحف المحلية في الوقوف مع هذا الفن والتعريف به وعلى سبيل المثال نذكر جريدة اليوم وجريدة عكاظ وجريدة المدينة وأخيراً جريدة الندوة وما يقدمه الزملاء من خلالها من دراسات أو لقاءات أو تقارير عن معارض تشكيلية فأصبحت مراجع وموعداً يلتقي فيه الفنانون والدارسون في جامعاتنا وفي اقسام التربية الفنية فيها النسائية منها والرجالية فكل موسم يتخرج العديد من هؤلاء المؤهلين جمالياً وإبداعياً أكاديمياً ينتقلون إلى مدارسنا وأبنائنا من خلالها,, فهل وجود مثل هذه الصفحات أو الزوايا كثير عليهم.
أخيراً: يأتي هذا الاستعراض عن الإعلام التشكيلي في الوقت الذي قدم فيه رئيس تحرير جريدة الجزيرة المكلف هديته لهذا الفن وفنانيه صادرة عن قناعته بهذا الإبداع ووقوفاً مع ما حققه من نجاح وما حظي به من دعم على مستوى الدولة.
فكانت هاتان الصفحتان بعد مشوار عشرين عاماً عن صفحة واحدة ساهمت بها الجزيرة في خدمة الفن التشكيلي السعودي.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
شعر
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved