بادىء ذي بدء دعوني استهل هذه المقالة بشرح حيثيات وكنه الأسباب التي دعتني الى عنونتها (رقمياً!) حيث نشرت جريدة محلية منذ ايام تصريحاً - لعميد كلية طب جامعة الملك سعود الدكتور عبد العزيز المشاري - أبان فيه اتمام عملية قبول 230 طالباً وطالبة في كلية الطب بجامعة الملك سعود وذلك من اصل 1500 ممن تقدموا من اجل الالتحاق بالكلية المذكورة - تلك العملية (القيصرية!) - وحسب الخبر المنشور! - اسفرت عن (تعسر!) قبول 1270 طالباً من المتفوقين والذين لا يعلم احد سوى الله عما سوف تتمخض عنه مسيرتهم التعليمية، بعد سنين من كفاحهم واجتهادهم وتطلعهم الى انهاء ما حلموا بانهائه!.
هذا وفي معرض حديثه او تبريره لعدم قبول اكبر عدد من الطلبة اشار الدكتور المشاري الى ان كلية طب واحدة في امريكا لا تقبل سوى 80 - 150 طالباً في الوقت الذي يتقدم للقبول فيها ما يقارب من 5000 الى 8000, تلك المقارنة غير عادلة بتاتاً، فأمريكا وكما يعلم الدكتور المشاري تزخر بما يزيد عن 3000 جامعة! والاهم من ذلك ان الجامعات الامريكية لم تلجأ الى الحد من القبول في كلياتها الطبية الا بعد ان اكتفت امريكا ذاتياً من الأطباء واستفادت كذلك ايما استفادة من العقول المهاجرة المتميزة والتي انهت دراساتها في بلدانها الأصلية ومن ثم هاجرت الى هناك! ولذا لجأت American Medical Association او جمعية الطب الامريكية (استجابة منها لعوامل العرض والطلب المتمثلة بالخشية من ان (إغراق) السوق بالأطباء سوف يؤثر على مستوياتهم المعيشية!) الى محاولة الحد من اعداد المقبولين في كليات الطب الامريكية احتكاراً للمهنة!, وعليه الا يحق لنا التساؤل عما اذا كان لدينا اكتفاء ذاتي من الاطباء لتبرير عدم التوسع في قبول الراغب من أبنائنا في الالتحاق بتلك المهنة؟! وهل ترون ان قبول 230 طالباً وطالبة فقط!- وكما أفادنا الدكتور المشاري! - سوف يغنينا مستقبلياً عن (دكاترة اي كلام!) وخصوصاً اولئك الذين تعج بهم مستشفيات الأقاليم والمستوصفات الخاصة؟! ماذا عن تلك الحقيقة المكرورة في كل جامعات العالم - ومن ضمنها جامعاتنا - والمتمثلة بظاهرة (التسرب) الطلابي وتركهم للدراسة وكما هو شائع في كليات الطب خصوصاً؟! بل ماذا عن عوامل التقاعد او الوفاة او حتى الانصراف عن مزاولة المهنة والعمل بمراكز ادارية من قبل الأطباء؟!,, الا يتحتم علينا اذن (تعويضهم!) وذلك بقبول اكبر عدد ممكن من طلبتنا الواعدين؟! الا يعلم الدكتور المشاري ان معدلات الزيادة السكانية في مجتمعنا تعتبر من اعلى المعدلات في العالم الأمر الذي يفرض علينا تخريج اكبر عدد ممكن من الأطباء؟! بل اليس عدد الاطباء بالنسبة الى عدد السكان يعتبر (علمياً) من اهم المؤشرات التنموية الدالة على تقدم المجتمعات او تخلفها؟!,
اخيراً هل حقاً يرى الدكتور المشاري ان في تخريج كلية طب جامعة الملك سعود ل2500 طبيب وطبيبة خلال 30 سنة (الله المستعان!) انجاز يفتخر به؟!,, (اقبلوهم كلهم!) يرحمكم الله واشترطوا عليهم (ان عليهم!) تدبير أمور معيشتهم بعد تخرجهم.