Thursday 29th July, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الخميس 16 ربيع الثاني


عوالم بورخيس الخيالية

تأليف: مجموعة من الكتاب
ترجمة: خليل كلفت
عرض: د, مصطفى رجب
الأديب الامريكي اللاتيني خورخه لويس بورخيس كاتب عظيم لم يؤلف سوى القليل من المقالات والقصص القصيرة, لكنها تكفي مع ذلك لان تجعلنا نصفه بانه كان عظيما بفضل ذكائه المذهل، وثروته من الابتكار، واسلوبه المحكم، الرياضي تقريبا.
ولد خورخه لويس بورخيس في 24 اغسطس 1899 في بوينوس أيرس ، من اصل اسباني، وانجليزي, وكان والداه من الطبقة الوسطى المثقفة وقد انحدرا من شخصيات عسكرية وسياسية بارزة في النضال من اجل الاستقلال الوطني الارجنتيني والوحدة الارجنتينية، وبعد ان أكمل تعليمه الثانوي في جنيف قضى حوالي ثلاث سنوات في اسبانيا متصلا بجماعة ألتراييستا Ultraismo الارجنتينية، التي تتميز عن نظيرتها الاسبانية بمزج خاص للشكل التعبيري الحديث والحنين النوستالجي الذي ينطوي على مفارقة تاريخية ازاء بعض القيم الوطنية - وهي قيم تتجسد اوضح ما تكون لدى أولئك الكتاب الذين في الاحياء الكريولية القديمة في بوينوس آيرس وفي ذلك الحين كانت تلك القيم تتلاشى وسط رواج ما بعد الحرب وتدفق الهجرة الاجنبية.
ولم يكن موقف بورخيس ورفاقه مختلفا عن ذلك الذي اتخذه بعض الكتاب الامريكيين الشماليين من نفس الجيل الذين عانوا تأثير الحرب، والتصنيع، والفن الاوروبي الحديث على ميراث هادىء في الغرب الاوسط او الجنوب, غير انه، انطلاقا من هذه الشروط العامة، التي يشترك فيها الكثيرون في زمننا، خلق بورخيس عملا ليس كأي عمل آخر، وربما كانت السمة المميزة اللافتة للنظر اكثر في كتاباته هي رد فعلها العقلي الصارم ضد كل فوضى ومصادفات الواقع المباشر، واصرارها الجذري على القطيعة مع المعالم المعطى وعلى المطالبة بعالم مختلف.
وكان بورخيس الذي ولد وسط تدفق وتقلب يصيبان بالدوار بمنطقة حدودية نائية للثقافة الغربية، استخدم عقله الغريب الموهبة، عقل ميتافيزيقي من القرن السابع عشر، عقل منظر للادب الخالص اقرب ما يكون الى بو، وليس لبورخيس اي وطن روحي، فهو يخلق، خارج الزمان والمكان، عوالم خيالية ورمزية، وتتمثل واحدة من أمارات اهميته في واقع لا يمكننا ان نتذكر - عندما نحاول تصنيفه - سوى أعمال غريبة وبالغة الاحكام، انه صنو لكافكا، وبو ، واحيانا لهنري جيمس، وويلز، ودائما لفاليري، بالاطلاق المفاجىء لمفارقاته فيما صار يعرف بالميتافيزيقا الخاصة به .
وعن هذا الاديب الفذ اصدرت مؤخرا (يوليو الحالي 1999) سلسلة آفاق الترجمة التي تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة كتابا عنوانه عوالم بورخيس الخيالية وهو مجموعة من المقالات الهامة بأقلام لامعة منهم اندريه موروا، جون كنج، جيمس إي, آيربي ، وايرين ييسيير، ويتكون الكتاب من مائة واربعين صفحة من القطع المتوسط.
ويبدأ الكتاب بمقال بقلم الكاتب الفرنسي الاشهر اندرية موروا (1885 - 1967) وهو مقال بروخيسي بامتياز كما يقولون، ففي صفحات قليلة جدا استطاع الكاتب ان يقدم، بحس مرهف، لوحة شاملة تعرض مصادر بورخيس وهمومه الجمالية والميتافيزيقة، وخياله وتقنياته، فنجدة يقول: مصادر بورخيس لا تعد ولا تحصى كما انها غير متوقعة، فقد قرأ بورخيس كل شيء، وخاصة ما لم يعد احد يقرؤه: القبلانيين، الاغريق السكندريين، فلاسفة القرون الوسطى, واطلاعه ليس عميقا لكنه هائل الاتساع، وعلى سبيل المثال: كتب باسكال الطبيعة كرة لا نهائية مركزها في كل مكان، ومحيطها ليس في أي مكان ويتشرع بورخيس في تعقب هذه الاستعارة عبر القرون، ويعثر عند جيوردانو يرونو على ما يلي يمكننا ان نؤكد بيقين على ان الكون كله مركز، او ان مركز الكون في كل مكان، ومحيطه ليس في في اي مان غير انه كان بوسع جيوردانو برونو ان يقرأ عند عالم لاهوت فرنسي في القرن الثاني عشر، آلان دو ليل، صياغة مقتبسة من Corpus Hermeticum (مجموعة السيمياء السحر الطبيعي ) (القرن الثالث): الموجود كرة مدركة بالعقل مركزها في كل مكان ومحيطها ليس في اي مكان ومثل هذه الاستقصاءات، التي نعهد اجراءها بين الصينيين وكذلك بين العرب او المصريين، تبهج بورخيس، وتقوده الى موضوعات قصصه.
وكثير من اساتذة بورخيس انجليزي, وهو يكن لويلز اعجابا لا حد له وهو ساخط لان اوسكار وايلد امكنه ان يصنفه على انه جول فيرن علمي ويبدي بورخيص ملاحظة فحواها ان قصص جول فيرن تتأمل الاحتمال المستقبلي (الغواصة، السفر الى القمر)، فيما تتأمل قصص ويلز الامكانية الخالصة (شخص غير مرئي، زهرة تفترس رجلا، آلة لاستكشاف الزمن)، او حتى تتأمل الاستحالة (رجل يعود من العالم الآخر حاملا زهرة مستقبلية), وفيما وراء ذلك، تصور روايات ويلز تصويرا رمزيا ملامح جوهرية في كافة المصائر البشرية، ويرى بورخيس ان اي كتاب عظيم وباق لابد من ان يبدو المؤلف غير مدرك لاهمية انتاجه - وهذا وصف ممتاز لفن بورخيس ذاته الكاتب لا ينبغي ان يحطم بالاستنتاجات البشرية الايمان الذي يتطلبه الفن منا .
وبعد ذلك نقرأ مقال جون كنج، الاستاذ البريطاني للتاريخ الثقافي لأمريكا اللاتينية، وصاحب كتب ودراسات عديدة عن ثقافتها وادبها، وصاحب كتابات عديدة عن بورخيس, ويقدم المقال عرضا عاما هاما يلقي اضواء قوية ليس فقط على الخلفية التاريخية والسياسية والشخصية لانتاج بورخيس بل كذلك على مراحل وخصائص واشكاليات هذا الانتاج.
لقد كان لبورخيس اسلاف بريطانيون، وكان يتكلم الانجليزية بمسحة من لكنة نورثهمبر لاند وكان يتكلم الانجليزية القديمة بطلاقة، وقد نشأ ثنائي اللغة وهناك توتر دائم في انتاجه بين اسلافه الهسبان والانجليز - التوتر بين البربرية والحضارة.
وانتاج بورخيس استفزاز متواصل، وفي مقالاته وقصصه، وقصائده، نلقاه جدليا - بهدوء - مقوضا اسس النزعة القومية، والرواية الواقعية، والصرامة الفلسفية، والاكاديمية، والانظمة والايديولوجيات التي تدعي تفسير العالم ككل واحد؛ وطارحا للمناقشة، بجدية ساخرة، تعاريف مسلما بصحتها ومبادىء ثقافية, وهو يستكشف اوسع الموضوعات، لكن دائما داخل الحدود الصارمة لصفحات قليلة.
والحقيقة ان صرامة براعته، ونقاء كتابته، واتساع نطاق قراءته - وقد اعلن دائما انه قارىء اكثر منه كاتب - ادت الى الاعتراف به على اوسع نطاق باعتباره اهم كاتب امريكي لاتيني في القرن العشرين, وقد عبر الكتاب الآخرون جميعا عن اعترافهم بانهم مدينون له، وفي عام 1969 اكد الكاتب المكسيكي كارلوس فيونتوس مايلي: الاثر النهائي لنثر بورخيس، والذي لولاه لما كانت هناك اصلا رواية امريكية اسبانية، هو انه يثبت، قبل كل شيء، ان امريكا اللاتينية تفتقر الى لغة وانها بالتالي ينبغي ان تخلق لغة, وليفعل هذا، يخلط بورخيس الانواع الادبية، وينقد كافة التقاليد، ويستأصل العادات الرديئة، ويخلق نسقا جديدا للدقة الصارمة, ولهذا فان تتبع تطور وتأثير كتابة بورخيس يعني تتبع الاتجاهات الرئيسية في القصة الامريكية اللاتينية في القرن العشرين.
ثم نلتقي بمقال ماريو بارجاس يوسا، الروائي البيروفي (من بيرو بأمريكا اللاتينية) الشهير, ولأمر ما اراد يوسا ان يكون هذا الحديث المعنون دعوة الى قصص بورخيس الفصل الاول من كتابه A Writer,s Reality (واقع كتاب)، قبل ان ينتقل ، في الفصول التالية، الى الحديث عن رواياته، رواية رواية، من حيث الواقع الذي تتصل به كل واحده منها, ونحن هنا ازاء شهادة ونفاذ روائي امريكي لاتيني كبير، وهو كاتب واقعي وليس كاتبا ميتافيزيقيا او فانتازيا، وببراعة واقتدار يصور يوسا الثورة التي احدثها بورخيس في ادب امريكا اللاتينية وفي النثر الاسباني بوجه عام، كما يروي لنا جانبا من تجربته الشخصية في فترة سابقة من حياته مع قصص سارتر والادب الملتزم بينما كان مسحورا بها سراً في الوقت ذاته.
يقول في مقالة وبالنسبة للكاتب الامريكي اللاتيني، بشر بورخيس بنهاية عقدة نقص من نوع ما منعتنا جميعا دون ان ندري من طرق بعض الموضوعات واحتفظت بنا اسرى نظرة محلية, وقبل بورخيس بدا نوع من الحمق او خداع النفس ان يتابع احدنا الثقافة العالمية كما يمكن لاوروبي او امريكي شمالي ان يفعل, وبطبيعة الحال فعل ذلك من قبل حفنة من شعراء امريكا اللاتينية الحداثيين، غير ان محاولاتهم، حتى في حالة الاكثر شهرة بينهم، روبين داريو، اتسمت بالمحاكاة البارودية، او غرابة الاطوار، بشيء اشبه ما يكون برحلة سطحية، عابثة بعض الشيء، عبر ارض اجنبية.
والواقع ان الكاتب الامريكي اللاتيني كان قد نسي ما لم يضعه الكتاب الكلاسيكيون، مثل الانكا جارثيلارنو او الاخت خوانا ابنيس دي لاكروث، موضع الشك مطلقا ، الا وهو واقع انه بحق اللغة والتاريخ جزء لا يتجزأ من الثقافة الغربية، وليس مجرد مقلد متوسط الموهبة او مواطن كولونيالي، بل هو جزء شرعي من ذلك التراث منذ ان قام الاسبان والبرتغاليون ، منذ اربعة قرون ونصف، بمد حدود الثقافة الغربية الى النصف الجنوبي للكرة الارضية.
وقد كان بورخيس دائما مسحورا بالميثولوجيا وبنمط قاطع الطريق في العشش المحيطة ببوينوس آيرس والمقاتل بالمدية في ريف الارجنتين, وهؤلاء الرجال القساة، بما لهم من جسدية بحتة، وبراءة حيوانية، غرائز مطلقة العنان، كانوا نقيضه المباشر, ومع ذلك جعل عددا من قصصه مأهولة بهم، مانحا اياهم كرامة بورخيسية بعينها، اي طابعا جماليا وفكريا، ومن الجلي ان هؤلاء السفاحين، والمقاتلين بالخناجر، والقتلة القساة والذين هم من ابتكاره، انما هم شخصيات ادبية وواقعية شأنها في ذلك شأن شخصياته الفانتازية الخالصة.
والحقيقة ان كل قصة من قصص بورخيس جوهرة فنية، ويمثل بعضها مثل تيلون، او كبار، اوربيس ثيرتيوس و الخرائب الدائرية و علماء اللاهوت و الالف بروائع في جنسها الادبي.
اما مقال جيمس آيربي - وهو مترجم رئيسي لانتاج بورخيس الى اللغة الانجليزية وصاحب عدة كتب عن ادبه - والذي يحمل هنا في هذا الكتاب عنوان عالم قصص بورخيس والذي كان في الاصل مقدمة لمجموعة كبيرة هامة من كتابات بورخيس، فانه يلم الماما سريعا بحياته ومراحل واجناس انتاجه لينتقل الى بحث عميق لاشكاليات واستراتيجيات قصص بورخيس.
فيقول ان قصص بورخيس الميتافيزيقية، اروع ابداعاته وهي مجمعة في مجلدين: قصص Ficciones (1944)، والالف Alaieph (1949)، تقوم جميعا بتطوير الامكانات المثالية المتنوعة الموجزة في مقال عن تيلون - وفي هذه السرود فان الوظيفتين التحليلية والسردية اللتين جرى الاحتفاظ بهما من قبل منفصلين في مقالاته وقصائده تندمجان بصورة لافتة للنظر بغرابتها، الامر الذي يؤدي الى ابتداع شكل معبر عن كل توتر وتعقيد الفكر الناضج عند بورخيس.
وربما بدت قصص بورخيس مجرد العاب شكلية، او تجارب رياضية خالية من اي حس بالمسئولية البشرية وغير مرتبطة حتى بحياة المؤلف نفسه، غير ان نقيض هذا تماما هو الصحيح، ذلك ان اصراره المثالي على المعرفة ونفاذ البصيرة وهو ما يعني ان نبحث عن نظام وان نصير جزءا منه، ينطوي على دلالة اخلاقية محددة، رغم ان هذه الدلالة لديه مزدوجة بحيث لا يمكن فصمها.
ثم تأتي صفحات من كتاب السرد الفانتازي بقلم ايرين ييسيير وهي مخصصة لانتاج بورخيس، وهي تحاول وضعه في مكانه المتميز من السرد الفانتازي من خلال التركيز على مناقشة عدد من قصصه مثل: الخرائب الدائرية، اليانصيب في بابل ، مكتبة بابل، الجنود.
فيقول تبين الخرائب الدائرية هذه القصة ذات العنوان المليء بالدلالة ان كل كائن، كل شيء، موضوع تحت نفس التأثير, يأوي شيخ ناسك وساحر وعالم في السحر والتنجيم الى الخرائب الدائرية لمعبد النار، التي جرى احراقها عدة مرات، في سبيل تحقيق هدف غريب كان يريد ان يحلم برجل به بكمال تفصيلي وان يفرضه على الواقع ولقاء عمل طويل ، وممارسات غريبة، وبقوة ارادته، ينجح في خلق رجل ينفخ فيه الحياة وهذا الرجل، رغم المظاهر، يأخذ مكانه في الواقع، وعندما يغادر هذا المخلوق الخرائب الدائرية الى خرائب اخرى مشابهة لكن بعيدة، يشب حريق جديد ويفكر الشيخ في انه يستحق ان ينعم بسلام الموت مادام قد انجز مهمته، وسار داخلا قطع اللهب، غير ان هذه لم تلسع لحمه، بل كانت تداعبه وتبتلعه دون حرارة او احراق وبارتياح، وبمذلة، وبفزع، ادرك انه هو ايضا كان مجرد مظهر، كان يحلم به شخص آخر وتأثير المفاجأة يقلب منطق السرد الفانتازي الذي يحتكم الى الواقع الموضوعي كمرجع رئيسي هنا رجل يكتشف صفته الحقيقية فوق الطبيعية وكان يعتقد ان اليومي وحده خلو من وهم المظهر.
ان العالم العادي طبيعي، وعدم التحقق هذا انما يوحي به التطبيق الصارم لمبدأ الهوية وكذلك الارتداد المنطقي (الانتقال من النتائج الى المقدمات) الرجل الذي يحلم برجل هو ذاته محلوم به، كل مافعله في آن معا سبب ونتيجة، وفي حالة عدم قبول كافة مقتضيات السببية ( اذا كانت السببية موجودة فانها واحدة بالضرورة) يحكم السبب على نفسه بغير متوقع الحدوث وبتجربة شخص غريب لم يستطع ان يرى فيها الحتمي,وحتى يكتمل هذا البحث - كما يقول المترجم - باقلام متعددة، كان لا مناص من استعارة الفصل الخامس من كتاب بياتريس سارلو خ, ل, بورخيس: كاتب على الحافة بعنوان: عوالم بورخيس الخيالية وبياتريس سارلو - الكاتبة الارجنينية اللامعة 0 هي استاذة الادب الارجنتيني في جامعة بوينوس آيرس وفي جامعات عديدة بالولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا.
ومنذ 1978 تدير بياتريس سارلو المجلة الثقافية punto de vista (وجهة نظر) وهي اليوم اهم مجلة للنظرية الاشتراكية في الارجنتين ، ولها كتب عديدة عن الثقافية الارجنتينية والادب الارجنتيني وفي سياق بحثها عن ابعاد اشكالية صلة قصص بورخيس بالواقع ، تركز بياتريس سارلو في هذا الفصل على ثلاث قصص ميتافيزيقية وفانتازية لبورخيس.
وكانت هذه الصفحات الرائعة لسارلو، التي يتضافر فيها الجمالي مع الفكري مع الفلسفي مع السياسي، لالقاء اضواء ساطعة على افكار بورخيس وتقنياته وجمالياته من خلال العرض التفصيلي المعمق لقصصه بذاتها.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
شعر
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved