عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عادة,, عرف,, نهج,, تقليد,, كلها عناصر تحدد شخصية المجتمع وتجعله يختلف عن غيره، لذلك من الطبيعي جدا والمنطقي جدا ان تختلف هذه العناصر من مجتمع الى آخر, ولكنها هذه العناصر تتفق جميعها في انها عبارة عن ترسبات لاجيال متعاقبة, فحدود المقبول والمرفوض او الصح والخطأ متفاوتة من مجتمع لآخر, فما هو مرفوض في مجتمع ما قد يكون مقبولاً في مجتمع آخر، وقد يرفض هذا المجتمع ما يقبله ذلك المجتمع، وعلى صعيد المجتمع نفسه فما هو مرفوض في مجتمع قبل عقد او عقدين من الزمن قد يكون ممكنا الان وهكذا,.
كذلك اي مجتمع في فترة زمنية معينة تكون عنده هذه الحدود مغايرة لفترة زمنية اخرى، وماذلك الا تفاعلا مع الدورة الزمنية ومعادلة التطور والتغير، ولحسن او سوء الحظ فان هذه التحولات في المجتمعات قد تخدم جيلاً بعينه دون الاجيال الاخرى، وقد تضره.
وتعقيبا على ما كتبته الاخت ليلى المقبل في هذه الصفحة يوم السبت الموافق 11/4/1420ه حول زواج السعودي من غير السعودية والقبلي من غير القبلية، وقبل ان اوضح وجهة نظري اريد ان أحيي الاخت ليلى على هذا الطرح لموضوع بهذا القدر من الاهمية والحساسية وكذلك اشكر جريدة الجزيرة.
وعودا للموضوع فأنا اتفق كليا مع الاخت ليلى على استغرابها من ان مجتمعنا قد يتغاضى عن الزواج بالاجنبية رغم كل المشاكل المصاحبة لذلك، وينكر زواج القبلي من غير القبلية او العكس، رغم انهما على دين واحد ومن مجتمع واحد، وهذه المفارقة تفند حجة البعض الذي يرغم ان سبب الرفض هو الحفاظ على تماسك القبيلة والخوف من خلط الانساب.
والقضية كما يبدو لي انها عادة اكثر من كونها مبدأ، لان مجتمعنا ولله الحمد يستمد مبادئه من الاسلام الذي لا يفرق بين الناس على اساس عرقي او مادي انما على اساس ان اكرمكم عند الله اتقاكم , فأي حجة شرعية اوتاريخية للذين يرفضون مثل هذا الامر.
وقد يكون سبب هذه العادة ان التكوين السكاني قبل عقود من الزمن كان عبارة عن مجتمع قبلي، وكما قلت في المقدمة فإن تغيير العادة في مجتمع ما يحتاج الى وقت طويل فقد يفكر بها جيل، ويرفضها جيل آخر، وبغيرها الجيل الذي يليه وهكذا.
وطبعا لا انا ولا الاخت ليلى ولا غيرنا يستطيع ان يغير ما تعود عليه مجتمع بيوم وليلة، فالقضية ليست قناعة شخصية فحسب بل هي متعلقة بمجتمع يتكون من قبائل وهذه القبائل تتكون من اسر، ومن حق هذه الاسر ان تقبل او ترفض من تشاء.
وقد سمعت من غيري وتحدثت بشكل شخصي مع عدد من الاشخاص حول هذه القضية حيث اجمع اكثرهم على ان سبب رفضهم تزويج من يختلف معهم بالحسب لا ينبني على قناعة تامة بالرفض، ولكنه نتيجة لاصرار الاسر الاخرى في القبيلة على الرفض والتلويح بالمقاطعة!! وقد حدث ان قاطعت بعض الاسر احد افرادها وضيقت عليه حتى انقذ نفسه بالطلاق وهو كاره، واتساءل اين هذا التلويح بالمقاطعة في حالة تزويج تارك الصلاة؟!!
فاذا كان الرفض لا ينبني على قناعة تامة، وعدد كبير من الاسر والافراد متضايقون من هذه القضية، وكثيرا من اولياء الامور يرفضون اشخاصاً اكفاء لا لسبب سوى الحذر من كلام فلان وعلان.
فمتى يأتي الوقت الذي نحدد فيه اولوياتنا ونتعامل مع بعضنا البعض وفق ما يمليه علينا ديننا لا ما تعودنا عليه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه الا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد كبير فأي حجة شرعية بعد هذا الحديث!
انا اعلم انني بهذا الرأي اخالف كثيرا من الناس وقد اتهم او اعذر، ولكنني انوه لشيء سوف يحدث عاجلا او اجلا وهو ان هذه العادة سوف تتغير لا محالة، فما هو دورنا في هذا التغيير؟