* اسم الكتاب: أوراق الورد، رسائلها ورسائله.
* اسم المؤلف: مصطفى صادق الرافعي,
* الطبعة: دار الكتاب العربي، بيروت، ط 9 لعام 1393ه.
* يقع الكتاب في (260) ورقة من القطع الكبير.
كتاب : اوراق الورد - هو طائفة من الخواطر، يكتبها مصطفى صادق الرافعي في فلسفة الحب وجماله، وهو كتاب يصور فيه الرافعي نفسه وخواطره، في لغة سلسة، وبيان عذب وعاطفة صادقة، يصور فيه كبرياء المحب وذله، وانصرافه وإقباله، وسعادته وألمه، يطرق فيه بابا لم يطرقه احد قبله في العربية، وهو كتاب رسائل الحب بالطريقة النثرية، فلا يوجد في اللغة العربية من هذا القبيل الا كلمات متفرقة، وحكم منثورة، ساقتها الكتب الادبية القديمة هنا وهناك، والرافعي في كتابه هذا (اوراق الورد) وفي كتابيه الآخرين (السحاب الأحمر)، و(رسائل الاحزان) يطرق بابا، جُهل في اللغة العربية، وعُرف في اللغات الاخرى, ومن اراد الكتاب على انه قصة حب لم يجد شيئا، ومن اراده على انه رسالة ولها جواب لم يجد شيئا، ومن اراده على انه فلسفة جمال، وحكمة محب، وعقلانية مغرم، ووجدانية متيم وجد كل شيء.
وقد كان الرافعي رحمه الله تعالى يعتز بكتابه هذا، وفي ذلك يقول الاستاذ الفاضل محمد سعيد العريان في مقدمته للكتاب: (وكان الرافعي (رحمه الله) يعتز بأوراق الورد اعتزازه بأنفس ما انتج في أدب الإنشاء، ويباهي ويفتخر، وما أحسبه تعزى عن صاحبته بقليل، إذ تعزى بما لقي من النجاح والتوفيق في انشاء أوراق الورد) وقد صدّر الرافعي لكتابه هذا بنبذة تاريخية جامعة شاملة ويقول في مستهلها: (هذا الديوان من الرسائل تكملة على كتابين خرجا من قبل، وهما: (رسائل الاحزان) و(السحاب الاحمر) فجملة آرائنا في فلسفة الجمال والحب واوصافهما هي في هذه الكتب الثلاثة).
ثم يُعرفنا المؤلف بالكتاب فيقول: (رسائل أوراق الورد هذه تطارحها شاعر فيلسوف روحاني، وشاعرة فيلسوفة روحانية، كلاهما يحب صاحبه كما يقول الفيلسوف ابن سينا: (باعتبار عقلي)، وقد جرت الرسائل بينهما على أغراضهما في احوال مختلفة، يكتب اليها بما عنده منها،و ما عند نفسه من نفسه، وما يكون من الوجود المحصور بينهما في حدود الحب).
ثم يستعرض المؤلف اسماء الشعراءالذين اشتهروا بالعشق في تاريح أدبنا العربي، فقد سردها على نسق جميل، ومن اشهرهم في هذا الباب: مجنون بني عامر وصاحبته ليلى، وقيس بن ذريح ولبنى، وتوبة وليلى الأخيلية، وكثير وعزة، وجميل وبثينة، ومرقش وأسماء، وعروة وعفراء، وذو الرمة ومية وقابوس ومنية، وابن ابي ربيعة والثريا (وثريات كثيرات) وابو الشيص وأمامة، وابن زيدون وولاده، وكثيرون وكثيرات، ثم استعرض المؤلف أهم الكتب التي تناولت الحب ومعانيه ويقول في هذا المقام: (وجاء في آدابنا العربية من المؤلفات المعجبة التي أفردت للحب ومعانيه وأهله، واخبارهم ونوادرهم واشعارهم كتباً مجردة: منها كتاب الزهرة الذي ألفه الإمام محمد بن داود الظاهري، ثم مصارع العشاق الذي وضعه ابوبكر البغدادي السراج، وجعله اثنين وعشرين جزءاً، وهو أصل لكل ما وضع بعده من الكتب، كأسواق العشاق، وديوان الصبابة، وتزين الأسواق، ومنازل الأحباب وغيرها).
ثم يقرر الرافعي خاصية انفراده بالتأليف في هذا المجال، حيث يقول: (ومع كل ما رأيت فقد انفرد الشعر وحده بالنسيب والغزل وأوصاف الجمال،وليس لنا كتاب واحد في رسائل الحب، ولا نعرف احدا من البلغاء كتب فيها، ولعل هذا راجع الى ان تلك الطريقة استقل بها الشعر في الصدر الاول، فقلد الباقون، واخذوا في مدرجتهم من بعد، وكأن هذا الباب عندهم مما يرون للشعر به اختصاصاً فهو سبيله دون الكتابة والخطابة، لمكان الوزن في الشعر،,, ثم لأنه تقرر عندهم انه تحسين في الشعر من فنون الكذب والمبالغة ما لا يطرد في النثر، حتى ان أكثر الرذائل كالهجاء ووصف الخمر والمجون كان ظرفها في الشعر، وهي فيه سائغة وفي غيره منكرة، ولا يأتي منها في المنثور إلا قليل).
ثم مثّل على بعض الرسائل التي كُتِبَت في الحب، ومنها: رسالة الجاحظ في العشق والنساء، ووصفها بقوله: (فكان والله كالذي يلبس ملكة الجمال في هذا العصر مرقعة قذرة، واجتلب من هنا وهناك لمعانيه، وشق لها المداخل والمخارج، على طريقته، واتسع بذلك في العبارة، فجاءت أبرد رسائله واسقطها، وكان هذا الإمام فيها كالذي يتحسس بيده مجلدا ضخما من الكتب، ثم يذهب يستوحي من جلدته أوصاف ملمس جسم الحبيبة، التي كأنها طاقة نرجس، أو كأنها ياسمينة، أو كأنها خرطت من ياقوتة).
ثم اشار الى فن الإخوانيات، فقد كتب فيه بلغاء الكتاب في كل عصر، وأجروا فيه رسائل المودة والشوق والصداقة والاستعطاف والعتاب والاعتذار والاستزادة لمجالس اللذات والانس بها، وهذه الرسائل من امس المعاني بالحب، وأقربها شبها به، وهي منشورة في كتب الادب، ومن ابدعها قول سعيد بن حميد، حبيب فضل الشاعرة: (اني صادقت معك جوهر نفسي، فأنا غير محمود على الانقياد لك بغير زمام، لأن النفس يقود بعضها بعضا)، وكان الكتاب يشترطون في هذا الفن من الرسائل الإيجاز والاختصار، والا يتجاوزوا به نكتة المعنى, هذا ويبين الرافعي منحى كتابه، حيث يقول: (ولذلك نحونا في أوراق الورد اسلوبا خاصا، تدور به المعاني الحية في الفاظها بألين مس، وألطفه على وضع مستحكم كما يمس الدم الحي عروقه التي يدور فيها),ومن الرسائل الغرامية التي كتبت في هذا المقام رسالة لابن سناء الملك، يخاطب فيها محبوبه بكاف الخطاب المفتوح، ورسالة لبديع الزمان، واخرى لابن الأثير، ولكنها، اي هذه الرسائل - كما يقول الرافعي: كلام غث سمج، وحب قد يكنسه في الطريق الكناسون,, ثم يختم هذه المقدمة التاريخية بقوله: (فأنت ترى ان الأدب العربي قد انطوى على محجوبة من هذا الفن بقيت في الغيب الى عهدنا هذا، ونرجو من فضل الله ان تكون كتبنا الثلاثة، قد أظهرتها، واستعلنت بها، وأن تقول للعربية إذا تواصفوا كتب هذا الباب في بيان اللغات الاخرى: هاؤم اقرؤوا كتابيه .
وبعد هذه المقدمة الجامعة، شرع الرافعي في مقدمة الكتاب، وقد بيّن فيها سبب تسمية الكتاب بهذا الاسم، فيقول: كانت معها ذات يوم وردة لا ادري ايتهما تستنشي الاخرى، فجعلت لها ساعة من حفاوتها تلمسها مرة صدرها ومرة شفتيها، والوردة بين ذلك كأنما تنمو في شعاع وندى، إذا رأيتها وقد تفتحت وتهدلت حتى لحسبت أنها قد حالت اوراقها شفاهاً ظمأى، ثم تأملتها شيئا، ثم نحت بصرها وقالت: ما ارى هذا الحب إلا كورق الورد في حياته ورقته وعطره وجماله)، ثم يفلسف الرافعي لمعنى الحب، حيث يقول: (وتاريخ الحب عند صاحب هذه الرسائل كان كله نظرة أخذت تنمو، وبقيت تنمو، وهو حب قد كان من نمائه وجماله وطهره، كأنما أزهرت به روضة من الرياض، لا امرأة من النساء، وكان من مساغه وحلاوته ولذاته البريئة، كأنما أثمرت به شجرة خضراء تعتصر الحلاوة في اثمارها اصابع النور، فأنت لا تجد في هذه الرسائل معاني النساء متمثلة في امرأة تتصبى رجلا، ولكن معاني الحب والجمال متألهة في انسانية تستوحى من إنسانية، او توحي لها), هذا وقد نحا الكتاب منحى الغزل العذري، الذي يعبر فيه الشاعر عن حبه، ومشاعره وأحاسيسه، بأسلوب يسمو على وصف الجسد العادي، والشهوة الجامحة، فيقول في وصف منحاه هذا: (فرسائله كذلك على هامش كل رسائل الحب، يتجافى بها عن ألفاظ الشهوات ومعانيها، مما يتعمده بعض فحول الكتاب في أوروبا، ولا طلاوة لرسائلهم وقصصهم بغيره، إذ هو يشبه أن يكون روح اللحم والدم في اللغة، ويتوخون التاثير من اقرب الطرق اليه، فيسمون شهوات القراء بالحادثة والوصف والعبارة، كما يدر لعاب الجائع على ألفاظ الطعام أوصافه ورائحته، وإنما نحن نرى ان لحياة الحب، حتى يكون حبا صحيحا، واقعا غير الواقع في هذه الحياة، وأوهاما غير أوهامها، وحقائق غير حقائقها، فلابد لها من كلام يلائمها في هذا المعنى الطائف بين القلب والروح، يكون اشبه بكلام النية الصادقة لو نطقت في لسان، وبكتابة الضمير المخلص لو كتب في قلم), كما ان الرافعي في هذه المقدمة الجملية لكتابه، لا يفوته ان يصف حب هذا الشاعر، وتلك الشاعرة، إلا أنه تأليف من الاقدار لهذه الرسائل بمعانيها، حتى إذا كسيت المعاني الفاظها انبثقت كالنور، وصدحت كالنغم، وجاءت كإشراق الضحى، لتناسم الارواح بعبارات صافية من روح قوية، فرض عليها ان تحب، فلما أحبت فرض عليها ان تتألم، فلما تألمت فرض عليها ان تعبر، فلما عبرت فرض عليها ان تسلو، فهي وحدها التي أذاقته نشوة الظمأ إلى الاسرار القلبية وأرته جمال الشعر في خيالاته العطشى الجاثمة على نهر النور من جسمها، وعلى ذلك النبع الأحمر الصغير، نبع الياقوت المتفجر دائما بابتسام شفتيها، وجعلته من وحي جمالها المتنزل على قلبه يشعر ان هذا الجمال السماوي أُنشىء في صفة ملائكية ترفعه فوق انسانيته.
وهذا الحب الذي يكنه لها، تفيض مشاعره به نحوها، هو الذي يلد حقيقة الحياة بشعرها، ومجازها، ومعانيها الخيالية الجميلة، ومن ثم لم يكن الحب رحما، وهو اشد منها صلة واوقع في القلب، ولم يكن نسبا وهو فوق النسب، ولم يكن دما من دم، وهو أشد ما عُرف من حنين الدم للدم، ثم يقرر حقيقة واقعة وهي انه ربما يكون في الدنيا ما نعني الواحد من الناس عن اهل الارض كافة، ولكن الدنيا بما وسعت لا يمكن ابدا ان تغني محبا عن الواحد الذي يحبه، فهذا الواحد له حساب عجيب غير حساب العقل، فإن الواحد في الحساب العقلي اول العدد، اما في الحساب القلبي فهو أول العدد وآخره، ليس بعده آخر، إذ ليس معه آخر,وأما حوادث الحب فواهاً لها، كأنما هي تقع لتغير من الحياة في ايام قليلة ما يغير العمر الممتد في سنوات متطاولة، فسل الشيخ الفاني الذي اوفى على المائة، فأصبح عمره في الإنسانية صفرين الى عود، سله: من أنت؟ يقل لك: انا الذي كنت أنا من اربعين، بل خمسين بل ستين سنة، وسل المحب الذي اضناه الحب، من أنت؟ يقل لك: انا الذي كان هو من شهر أو شهرين أو ثلاثة.
وحس الرافعي في هذا الكتاب حس الشاعر الذي يضيف الى الحياة والطبيعة زوائده وفنونه، وحس الطفولة التي يضيف اليها الحياة والطبيعة دائما مثل تلك الزوائد والفنون، فهو ما يراها الا وكأنه يرى فيها اول انثى، وكأنما الحب هو بدء الدنيا مرة ثانية من أولها، اي ولادة خيالية، إن لم تولد بها الاشياء في اشكال جديدة، فبألوان جديدة، أي: زخرفة الوجود كله ونقشه لعين العاشق بجمال المعشوق، كأن الوجود بيت قد طلي وزخرف ونقش لأنه ستدخله عروس الحب، فقد وقف يوما على شاطئ البحر، فخيل إليه أنه عين تبكي بها الكرة الارضية بكاء على قدرها، وتأمل الجبال فحسبها هموما ثقيلة مطبقة على صدر الارض، وفكر في البراكين فقال: لوعة احزانها تثور وتهمد، ثم رجع بهذا النظر في الإنسان، فإذا قدره بحر وجبال وبراكين، فعند الطبيعة لا ألم ولكنه نظام، وعند الانسان لا نظام ولكنه ألم، وألم الحب هو الذي يحطم الصخر في زلزلة من ضربات المعاول، وهو الألم المدمر الذي لا يكابده إلا إنسان يراد خلقه مرة ثانية، فيهدم ويبنى، ويزاد تنقيحه فيغير ويحول، واعظم هذا الالم لاعاظم الحكام والشعراء، فهم وحدهم الخارجون دائما عن هندسة الحياة المنسجمة، وهم وحدهم الذين يتحول كل شيء في انفسهم الى حقيقة عاملة فلا يبرحون في تغيير، ومن ثم فلا بد فيهم من هدم، ولا بد لهم من آلام على قياس العظمة، تكون لكل منهم كالبراهين عن نفسه، انه غير إله، وأنه حين يكون بين حكمتين إنما يكون بين ضربتين.
فيا آلام الحب، أنت ثقيلة ثقيلة ، لانك نظام التراب في روحانية الرافعي.
ويا آلام الحب، انت جميلة جملية، لأنك إشراق السر الأعلى في نفسه.
ويا آلام الحب، أنت حبيبة إليه ولو انك آلام، بل حبيبة إليه لأنك آلام.
ونفس الرافعي متأرجحة بين سماء وارض، فتنزع احيانا الى ان تكون بين سماوين رجاء ان يكمل إشراقها، فلا يخلق لها هذا الخلق المعجز غير الحب، وهذا الحب نفسه الذي أورده الموارد يتأوه منه، فيقول: آه من تباريح الحب، إنها لوحوش من الاحزان ثائرة، فكل راجفة من رواجف الصدر، كأنها من حر الشوق ضربة مخلب على القلب، انت ممزوجة بآلامي، وآلامي منك هي اشواقي، واشواقي إليك هي افكاري، وافكاري فيك هي معانيك في نفسي، ومعانيك هي الحب، ولكن ما هو الحب، إلا أن يكون آلامي واشواقي وافكاري ومعانيك في نفسي.
آه ما هذه الافكار الحزينة التي جاءت تبحث عن دموعي.
وما هذا المعنى النادي الذي يطير في دمي.
وما هذا الرعد القلبي الراجف يتردد صوته, آه, آه, آه.
وكلام الرافعي في رسائله رائق وشائق، وفي رسالته - فلسفة المرض - يقول: هي ثلاث وسائل للجمع بين الإنسان وحقيقته العليا: العبادة القوية، وقد عجزت إلا في افراد قلائل، والحكمة الصحيحة العالية، وهي أشد عجزا إلا في الأقل، ثم لم تكن الوسيلة العامة التي تتناول الناس جميعا، ولا يستعصي عليها أحد ممن أطاع أو عصى إلا المرض.
وفي رسالته أما قبل يقول: لم يقولوا في لغتنا أما قبل كما اقول أنا يا حبيبتي، ولم تخطر لأحد قط، ولا يصححها وجه ولا تعليل، ولكني أضعها من أجلك، وما أشك انها ستكون عبارة معشوقة من اثرك، واثر الحب عليها، وأقولها لك ولا أرتاب في ان ألسنة المحبين سترمي بها، في كل زمن مراميها عند كل حبيبة، إنها كلمة حنانة، فيها الحب والذكرى، وفيها من نفسي ومن اللغة ومنك، وهي غريبة بالغة الغرابة لأني صنعتها صنعة قلب، لا صنعة لسان، ففيها الفن، أي سر الحسن، أي حروف التصوير، اي المجلس الذي كان أمس,وللرافعي في كتابه هذا شعر، يتفاوت جودة ورداءة، ومن شعره الحسن قوله:
يا ليل ، هيجت أشواقاً أداريها فسل بها البدر، إن البدر يدريها رأى حقيقة هذا الحس غامضة فجاء يظهرها للناس تشبيها في صورة من جمال البدر ننظرها وننظر البدر يبدو صورة فيها يأتي بملء سماء في محاسنه لمهجتي، وأراه ليس يكفيها وراحة الخلد تأتي في أشعته تبغى على الأرض، من في الأرض يبغيها وكم رسائل تلقيها السماء به للعاشقين فيأتيهم ويلقيها |
وقوله:
ألا يا نسيم الفجر سلم على فجري فقد غاب في الليل الطويل من الهجر تضيء الليالي بالنجوم وبدرها وليل الجفا من غير نجم ولا بدر وقفت وماذا استطيع بوقفتي حسيرا، وأقدار الغرام بنا تجري؟ أدور بعيني نحو كل شعاعة على الأفق نجم، أو الارض في زهر فيا ويح قلبي، ما له حسن كلما تراءى له شبه ابتسام على ثغر؟ متى يا حبيب القلب هجرك ينتهي ومن أول الأيام فيه انتهى (صبري)؟ |
وأخيرا ختم الرافعي كتابه هذا برسالة والسلام عليها فقد احبها جميلة ليوجد بها الجمال في معانيه وذوقه، ورقيقة ليسيل منها بالرقة في عواطفه ونزعاته، وظريفة ليزيد بها في نفسه طبيعة المرح والابتهاج، ومتوازنة ليدخل في طباعه الانسجام والوزن وصحة التقدير، وناعمة لتخلص روحه من خشونة الضرورات القاسية في الحياة، ورشيقة لتهب خياله التوثب والحركة، وجذابة ليجد بها المغناطيس الذي يجذبه في الانسانية الى مصدره الأعلى، فهي بجملتها فن وجمال ووحي.