Saturday 21st August, 1999 G No. 9823جريدة الجزيرة السبت 10 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9823


يارا
بعد الإجازة
عبد الله بن بخيت

الإجازة هي أن تغير العالم الذي حولك أن تغير الجو والناس والشوارع والعادات, أن تدخل في نمط حياة مختلف عما ألفته, الإجازة ليست مجرد ترك العمل والاستراحة, فالعمل وحده لايسبب الإرهاق حتى وإن كان تكسير حصى, فمصدر الإرهاق، كما خبرت، هو الروتين والألفة حتى ألفة من أحببت.
في الماضي أيام العزوبية لم أكن أعرف قيمة الإجازة, لأن ظروفي وما أتمتع به من حرية تجعلني أحوّل أيامي إلى إجازات, فقد كنت اقسم إجازتي السنوية الى قسمين وأستغل إجازتي رمضان والحج ليصبح عندي اربع إجازات في السنة، فما أن أعود للمملكة حتى أبدأ التخطيط للإجازة القادمة, وبسبب هذه الجدولة والسفر المستمر لم أكن أشعر حينها ان الإنسان في حاجة للإجازة، كنت أظن أن الإجازة هي مجرد لهو شباب خصوصا أني ألاحظ التراكم الغريب للإجازات عند كثير من موظفي الدولة, فهناك بعض الموظفين يصل رصيده من الإجازات المؤجلة أكثر من ثمانية أشهر أي أنه لم يتمتع بإجازة منذ ثماني سنوات, ورغم أنه لايوجد إحصائيات دقيقة لكني أعتقد أن انتشار أمراض مثل ارتفاع ضغط الدم والسكر الى ضغوط العمل والحياة غير المرئية, فهذه الإجازات المؤجلة والموفرة ربما تفيد في التعويض عند التقاعد, ولكنها تخزن في الجسد في صورة سكر وضغط دم وقولون عصبي وانهيار معنويات,, و,,, الخ ومن ثم انخفاض في قيمة العمل وكراهية للإبداع والإنتاج الخلاق، ليصيح المرء في النهاية رهينة لتتابع للأيام التي تفاجئه بالشيخوخة المبكرة والخروج النهائي من خط القدرة الحقيقية غير الإجازة الابدية مع بقية من ينتظرون.
الحياة الحقيقية غير منظورة وغير محسوبة بأرقام ولايمكن تلقيها من الآخرين ولا تمنحنا إياها كما يريد هو لاكما يراد له أن يعيشها الآخرون, لايمكن أن نتعلم الحياة عندما نكون كثور الطاحونة (مع احترامي) يقضي كل عمره المقتدر وهو يلف حول مكان واحد، حول أناس محددين، ووفقا لتعاليم وتوجيهات مكتوبة له, فإذا كانت ظروف العيش وطبيعة الحياة تفرضان علينا أن ننخرط في روتين إلا أن العالم الحديث أمدنا بفرصة الخروج من هذا الروتين وتكسير هذه النمطية بما يعرف بالإجازة.
قبل شهر من الآن كنت أعاني من مجموعة من العلل، وجع في الرأس ووجع في اسفل الظهر وصعوبة في التعامل مع الناس وهبوط في المعنويات, كنت أعتقد أن دوائي عند الأطباء ولكني الآن أكتشف أن دوائي كان في سفرة تخرجني نهائيا من كل ما هو مألوف, ونمطي لم أسمع بموت ملك المغرب، إلا بالصدفة، لم أسمع بنتائج دورة القارات التي تشارك فيها المملكة إلا بالصدفة، لم أسمع بوفاة عبدالوهاب البياتي إلا بعد عودتي, تركت كل شيء ورائي ومارست الحياة التي أريدها بكل ما استطيع وأعود الآن بشكل مختلف وبروح مختلفة وأرجو أن ينعكس هذا على حياتي وخصوصا يارا التي أحبها كزاوية في جريدة وكفتاة صغيرة وجميلة في بيتي.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
لقاء
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved