سعادة الاستاذ عبد العزيز بن محمد المنصور,, المحترم
رئيس تحرير صحيفة الجزيرة بالانابة,.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
اشكر لكم جهودكم الاعلامية ومساهماتكم التوعوية وزملائكم في صحيفة الجزيرة الموقرة، واقدر بصفة خاصة وزملائي العاملون في مجال علوم الوراثة، الجهود التوعوية والتثقيفية التي تضطلع بهاصحيفة الجزيرة في مجال التعريف بمخاطر الأمراض الوراثية بصفة خاصة.
وقد اطلعت على تحقيق عذراء الحسيني المنشور في الصحيفة يوم الاحد 5/5/1420ه بالعدد رقم 9818 بعنوان اطباء وباحثون اختصاصيون يؤكدون لالجزيرة : امراض وراثية خطيرة سببها زواج الأقارب ، حيث تناول مجموعة من الطبيبات المتخصصات في هذا المجال الموضوع ضمن معلومات طبية وعلمية.
وقد شد انتباهي العنوان العريض الذي يدل على ان زواج الأقارب سبب للأمراض الوراثية الخطيرة، وبالنظر الى اهمية وحساسية هذا الجانب وبخاصة في مجتمعاتنا التي تسود فيها ظاهرة زواج الأقارب ولما قد يكون لهذا من انعكاسات اجتماعية ونفسية فقد وددت ان اضيف الى الموضوع بعض المعلومات التي قد تساعد في توضيح بعض الجوانب الوراثية ومدلولاتها,, ومن ذلك ان الامراض الوراثية ليست حصراً على المجتمعات التي تكثر فيها نسبة زواج الاقارب بل تنتشر في المجتمعات الأخرى كذلك،فأنيميا فقر الدم الوراثي تنتشر في المجتمعات الايطالية واليونانية بسبب ارتفاع حدوثها في تلك المنطقة الجغرافية وعلاقتها بعوامل بيئية قديمة, ومن المعروف ان التزاوج في هذه المجتمعات لا يتم بين الاقارب كما ان الأمراض الوراثية (عدا احادية المورثة ذات الصفة المتنحية كصبغة الدم المنجلية) تنتج عن تفاعل عوامل عدة وراثية ومكتسبة (كالتعرض للأشعة الكونية وتأثير بعض العقارات والاصابة بالامراض الفيروسية وغيرها).
ومن المعروف كذلك ان الامراض الوراثية المتنحية وبعض الاعتلالات قد تكون سائدة في مجتمع ما ويتم توارثها بين افراد المجتمع في تلك المنطقة نظراً لارتفاع نسبة حدوثها بين افراد تلك الجماعة وليس بسبب زواج الاقارب بحد ذاته,, فمثلاً تكثر نسبة المصابين بفقر الدم المنجلي في المنطقة الجنوبية والشرقية ولذلك فان نسبة احتمال الإصابة فيها تكون في هاتين المنطقتين عالية سواء تم الزواج بين اقارب او غيرهم من نفس البيئة المحيطة, ويختلف الأمر في المنطقة الوسطى مثلاً حيث يندر المرض ولذا فان احتمالات نسبة الاصابة متدنية حتى لو تم الزواج بين الاقارب في هذه المنطقة ولذلك فان الطريقة الاسلم لتجنب او الاقلال من احتمالات نسبة الاصابة هي الفحص قبل الزواج للكشف عن فقر الدم المنجلي والاعتلالات المتنحية الاخرى لدى الرجل والمرأة في المناطق التي تكثر بها هذه الاعتلالات الوراثية, ومن الجدير بالذكر ان هناك صفات عقلية او جسدية متميزة سائدة في فئة من الناس يتوارثها الأبناء والبنات وفي هذه الحالات فإن زواج الاقارب يصبح محبوباً ومرغوباً للمحافظة على نسبة ذكاء مثلاً او بناء عضلي قوي وهذه الصفات تصب في الجوانب الايجابية لزواج الاقارب ولعل من المناسب التذكير بأن الحسن والحسين رضي الله عنهما سيدي شباب اهل الجنة ثمرة زواج ابناء عمومة من الدرجة الأولى الامام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه وفاطمة الزهراء رضي الله عنهما .
لذا فإنني آمل التكرم خدمة للصالح العام بالاشارة - في مكان مناسب بالصحيفة - الى الحقيقة العلمية القائلة بأن زواج الأقارب ليس كله شراً وليس في حد ذاته وبمعزل عن العناصر الأخرى مسؤولاً عن الأمراض الوراثية الخطيرة.
وتقبلوا فائقت حياتي وتقديري.
أ,د,محسن بن علي فارس الحازمي
استاذ واستشاري الكيمياء الحيوية الطبية مدير المركز التعاوني لمنظمة الصحة العالمية لأمراض الدم الوراثية كلية الطب - جامعة الملك سعود