عزيزتي الجزيرة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشير الى المقال الذي تناولته الكاتبة مها المنشور على صفحة عزيزتي الجزيرة في العدد 9811 في تاريخ 27/4/1420ه والمعنون ب تظلموننا كثيراً ايها الآباء المطلقون والذي تطرقت فيه الى ضحايا الطلاق وانفصال الزوجين بصفتها احدى ضحايا هذا الطلاق، حيث تحدثت عن حياتها التي قضتها بين الاسى والحزن وبين الهموم والحرمان والى غير ذلك، وقد سطرت هذه الاحرف وهذه الكلمات بمداد من دم من واقع تجربة مؤلمة وحقيقة مرة عاشتها بنفسها ويعيشها بعض من ابناء المطلقين ممن ابتعد عنهم والده وهجرهم بل نسيهم اوتناساهم, اقول لقد نكأت الكاتبة بهذه الاسطر وهذه الكلمات جرحاً يقض مضاجع كثير من ضحايا هذا الانفصال، واذا كان هناك من تناول بقلمه مثل هذا الموضوع ولكن لم يوفه حقه فلا عجب ولا استغراب في ذلك فليست النائحة الثكلى كالمستأجرة، حيث لا يستطيع احد ان يضع يده على مكان مثل هذا الجرح الا من اكتوى بنار الحرمان، وفي اعتقادي ان مثل هذه القضية، حتى وان كان الاب هو المسئول الاول والاخير عن تطور وتنامي احداثها الا ان هناك اطرافاً اخرى ربما يكون لها دور مساند ومساعد في هذا التطور, وان كان لي بعض التحفظات على بعض ما ورد في هذا المقال فليس كل ابناء المطلقين يعيشون هذا البؤس وهذا الحرمان بل ان الكثيرين منهم ينعمون ويحظون بكل الحنان والعطف، بل بكل العدل والاهتمام من والدهم ولم يكونوا يوماً من الايام عالة على المجتمع, ولكون مثل هذا الموضوع جديراً بالتناول والمشاركة، واذا كان لي من مشاركة او مساهمة اتناوله بها، فلعلها تكون عبارة عن توجيهات، بل رسائل مختصرة اوجهها لاطراف مثل هذه القضية الذين هم كل من الزوج، زوجة الاب، الام، الابناء ، فأقول في رسالتي الاولى والموجهة للاب: اتق الله في اولادك فاذا كان الطلاق هو الخيار الاول والاخير متى سدت جميع السبل والطرق وأغلقت جميع الابواب وفشلت كل الوسائل والاسباب في استمرارية هذه العلاقة الزوجية والتي تنتهي به علاقتك بهذه الزوجة, فلا تنس بأن علاقة الابوة لا تنتهي بل ماتزال قائمة، وعليك ان تتذكر ما يحدثه هذا الانفصال بل هذا الهجر والبعد والحرمان من آثار نفسية وصحية ومعنوية وسلوكية وغير ذلك، ثم اني اذكرك بقوله صلى الله عليه وسلم كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته , فأدِّ الامانة, اما رسالتي الثانية فهي لزوجة الاب فأقول لها: كوني مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر، كوني عوناً لزوجك على فعل الخير, فالابناء يبقون ابناءه حتى وان لم تكوني امهم فلا تكوني سبباً في البعد والقطيعة ولا تكوني معول هدم وتدمير للعلاقة بين الاب وابنائه والاخوة مع اخوانهم فما هو الذنب الذي جنوه وكيف ترضين ان يتصف زوجك بهذه الصفة غير الانسانية، ولك ان تتصوري بان هؤلاء الاولاد هم اولادك فماذا سوف يكون شعورك نحوهم؟ اما رسالة الام فأقول فيها: لا تكوني سببا في اتساع الفجوة بين الاب وابنائه وبين الابناء واخوانهم وزوجة ابيهم ولا تكوني سببا في القطيعة والعقوق, اما رسالتي الاخيرة والتي اوجهها للاولاد فهي: مهما يكن موقف والدكم السلبي وغير الانساني فانه يظل والدكم، فعليكم بتقديره واحترامه وصاحبوه في الدنيا معروفا، ثم ان عليكم اولاً واخيراً الرضاء بقضاء الله وقدره، فهو العلاج الناجع والبلسم الشافي لجميع الامراض والعلل والمذيب لكل الهموم باذن الله تعالى والباعث على التفاؤل والآمال الخضراء، ثم ان عليكم بالصبر والاحتساب، فالصبر مفتاح الفرج, واعلموا أنكم لستم وحدكم الذين تعيشون مثل هذه الظروف، بل ان هناك الكثيرين غيركم ممن عاشوا يتامى فاقدين لحنان الوالدين وعطفهما ورعايتهما منذ الصغر فمارسوا حياتهم عادية وطبيعية ولم يثنهم ذلك عن المواصلة، فتغلبوا على جميع الصعاب والعقبات وحققوا مالم يحققه غيرهم من تفوق ونجاح وفاعلية اجتماعية, واني في هذه المناسبة اوجه دعوتي للاسرة والمجتمع القريب بأن يكون لهما دور فاعل وايجابي من خلال المشاركة والمساهمة في كل مامن شأنه تقليص وتضييق حجم مثل هذه القضايا من خلال التعاون والتكاتف، فهو الاساس بعد توفيق الله في نجاح كل عمل والقضاء على اي ظاهرة او مشكلة والا يكون دورهما وموقفهما موقف السلبي والمتفرج فقط!!,, والله نسأل التوفيق للجميع فهو الموفق والهادي الى سواء السبيل, وشكرا.
علي المغيولي
عنيزة