Thursday 2nd September, 1999 G No. 9835جريدة الجزيرة الخميس 22 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9835


رحمك الله يا أمير الشباب

كان خبر وفاة امير الانسانية اميرنا المحبوب - صاحب السمو الملكي الامير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب مفجعا بحق فإن القلب ليحزن وان العين لتدمع، وإنا على فراقك يا فيصل لمحزونون لقد كدر هذا الخبر عامة المسلمين فرحيل فيصل بن فهد يعد بكل المقاييس خسارة عظمى لشباب الامة العربية خاصة والاسلامية عامة، ولا يختلف على ذلك اثنان، ولعل ذلك شهادة لسموه الكريم وقد ابلى طيلة حياته بلاء حسنا تجاوز حدود مسئولياته الرسمية الى ما هو ابعد واشمل.
ونحن هنا في المملكة العربية السعودية من الصعب حقا وصف مشاعرنا الحزينة والاليمة بتلقي هذا الخبر المفجع، ومع إيماننا بالموت حقا على الجميع الا اننا لا نملك امام هذا الحدث الجلل، الا ان نبتهل الى الله العلي العظيم، ان يسكن فقيدنا الغالي فسيح جناته وان يلهم الجميع الصبر والسلوان، وذلك هو نبض كل انسان على هذا الثرى المبارك، او كثير ممن يتابعون جهود ومعطيات صاحب السمو الملكي الامير فيصل بن فهد خارج حدود الوطن فهو يرحمه الله كان كما يعلم الجميع علامة مضيئة في سماء هذا الوطن، ونحن اعجز من ان نسرد مناقبه وسجاياه ولكن من باب اسناد الفضل لاهله وذكر حسنات امواتنا يرحمهم الله، اذ كان صاحب السمو الملكي الامير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز الرئيس العام لرعاية الشباب يرحمه الله رحمة الابرار، من الرموز الوطنية الحية، التي يتشرف بها الوطن، ويعتز بها المواطن، بل يعد بالاضافة الى ذلك من اقطاب المسيرة الشبابية العالمية المثالية، اذ اصبح علما من اعلام عالمنا العربي قاطبة، بل ومن الشخصيات العالمية التي لها سجل حافل لما لسموه من نظرة ثاقبة وبعد اشمل، فكان لسموه مع الاتحاد العربي لكرة القدم ومع بقية الاتحادات العربية والعالمية لجميع اللعبات والمحافل، مساحة من العطاء المبهر حقا والمترجم من خلال الانجازات المتواصلة التي يشيد بها كل معايش، تجاوزت مجالات تطور الرياضة في عالمنا العربي بصفة خاصة والقارة الاسيوية بصفة عامة، الى كافة المجالات التي تخدم الشباب بشكل شمولي، ولعل اشادة رئيس الاتحاد الدولي الجديد لكرة القدم بلاتر مؤخرا بجهود صاحب السمو الملكي الامير فيصل بن فهد ومن قبله سلفه هافيلانج يأتي كنتاج طبيعي لتلك الجهود الموفقة، وهم الاعرف والاعلم بجهوده وثقله في الساحة الدولية، ويأتي على رأس جهوده المتواصلة (بطولة القارات) التي تعد البطولة الثانية بعد كاس العالم، لتميزها بكونها تضم النخبة على مختلف القارات، وسط اشادة عالمية ويأتي الاعتزاز والاشادة بمساحة ذلك العطاء وتلك المعطيات، وسجل سموه يرحمه الله مليء الإنجازات الحافلة لخير شباب الاسلام عامة، وتثبت الايام بان الشباب اكثر حظا بتبني مستقبله، برعاية وجهود فيصل بن فهد الذي لم يأل ولن يألو جهدا في سبيل رفعة الشباب، وتوخي خطوات مستقبلهم، بتوفيق من الله ثم بالتخطيط السليم والتوجيه المبني على الايمان بأن رعاية الشباب، من اسمى الرسالات التي تبنى من خلالها الامم وتمجد المنجزات.
ورعاية الشباب وتوخي التنشئة الاجتماعية السوية، وتذليل كل الصعاب والعراقيل التي قد تعترض طريق الشباب وتثني طموحهم، والعمل على تهيئة كل السبل المساعدة على تهيئة النشء، واحساسهم بمسئوليات المستقبل الذي ينتظرهم، تلك مسلمات أولاها سموه جل اهتمامه، وما كان ليكون ذلك التوجه سليما ما لم يراع في الحسبان، نمو النواحي البدنية والخلقية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية، وكل ما يتواءم مع تعاليم الدين الحنيف وتقاليدنا الاصيلة، وحرص سموه يرحمه الله على تلك الثوابت، ثم تتبع كافة المشاكل التي قد يعاني منها الشباب، والسيطرة عليها من خلال الابحاث والدراسات الشمولية التي تراعي كافة النواحي كما اسلفت وتساعد على انجع الحلول الجذرية وشغل الفراغ لدى الشباب بكل ما يعود عليه بالنفع وبالتالي ينعكس ايجابا على المجتمع، كذلك التعرف على المواهب والابداعات وكذلك الهوايات وتطويرها والاخذ بيد المواهب والمبدعين، والعمل على مواصلة تدريبهم بما يكفل لهم مستقبلا اكثر اشراقا ونبوغاً، وذلك في مختلف المجالات الابداعية من ثقافة ورياضة وعلوم وتقنية وخلافها, وسجل سموه يرحمه الله حافل بكل ما يسهم في ابراز الوجه الحضاري للمملكة، من خلال ما سطرته الرياضة السعودية من انجازات اجد انني عاجز عن حصرها هنا، سواء على المستوى الفردي او الجماعي، ولعل آخرها وليس بآخرها، مشاركة المملكة في نهائيات كاس العالم في باريس والتي اطلق عليها (مونديال القرن) لتكون السعودية للمرة الثانية وعلى التوالي تشارك في هذه التظاهرة العالمية الفريدة لا للمشاركة فحسب بل للمنافسة على مواقع متقدمة فكان لها ما ارادت بفضل الله، ويمثل شباب المملكة بكل فخر واقتدار امتهم العربية وعالمهم الاسلامي وقارتهم الاسيوية خير تمثيل فاحرزوا السبق في كثير من المراكز وتحطيم الارقام في فترة وجيزة وكان للرياضة السعودية شأو كبير متمثل في احراز كأس العالم للناشئين بالاضافة الى منجزات كثيرة ومراكز متقدمة في مجال الفروسية وتنس الطاولة، والطائرة واليد والسلة وفي ألعاب القوى، وسموه خلف سجلا حافلاً تشهد به كثير من المحافل الدولية، نذكر منها سنغافورا والدوحة وامريكا واسكتلندا والامارات وباريس وغيرها كثير، وكان لتوجيهات سموه يرحمه الله النيرة والمتواصلة اعطت الإعلام الرياضي بعدا آخر، تمثل في التوعية التي تمقت التعصب، وتغرس في النفوس السلوكيات الفاضلة، التي تتواضع عند النصر وتبتسم عند الهزيمة، لتتجاوز آثار المبالغة في الفرح او في الاستياء، وتدعو المنتصر للمحافظة والمزيد والمنهزم للتأني ودراسة الاخطاء، واستشعار المبادىء والقيم وفق تعاليم الدين الحنيف وسجل سموه الحافل يترجم من خلال اكثر من اثني عشر ناديا ادبيا واكثر من خمسة عشر جمعية ثقافية، كان لها دور فعال في نشاط الحركة الثقافية، واسهمت كثيرا في احتضان الادباء والمبدعين، والارتقاء بابداعاتهم، ومساعدة الناشئين،وتبني المواهب من خلال تلمس حاجياتها وتمهيد طريقها، وكشف النبوغ وتوأمة كل ذلك مع العادات والتقاليد وتعاليم الدين الحنيف، والتنقيب والبحث عن التراث من مورثات، شعبية من عادات وتقاليد وادوات وثقافة وفنون، من مسرح وشعر ورسم وادب عام وفلكور ومقتنيات وخلافها والعمل على المشاركات الخارجية، وتفاعلها مع الثقافات الاخرى القارية والعالمية، وكان من اثر ذلك التعريف بالاديب السعودي وانتشار نتاجه وعلو شأنه والحرص على استقطابه في كثير من المحافل الخارجية، وكان للرئاسة العامة لرعاية الشباب دوما مشاركة فعالة في كافة المحافل الدولية، التي تشارك فيها المملكة عن طريق جهات اخرى، كمشاركة الرئاسة في معرض المملكة بين الامس واليوم في كثير من الدول، وفي مشاركة وزارة التجارة في كثير من المعارض الدولية، وكذلك في معرض (اكسبو) وخلافه من المنتديات العالمية، والمناسبات الخاصة التي تحييها السفارات السعودية,, وكان سموه شخصيا يسعى جادا الى مساعدة الأدباء وتبني اصدار وجمع نتاجهم الادبي والمواقف هنا ايضا اكثر من ان تحصى، ولعل آخرها بالامس، حينما نشرت البلاد خبر مبادرة سموه في لفتة انسانية وادبية رائعة، وذلك بجمع وطباعة مؤلفات وكتب الراحل الاستاذ عزيز ضياء يرحمه الله، ولعل ذلك دليل على اهتمام سموه بكل ما يعود على المجتمع بالخير والصلاح، ثم هو تقدير من سموه معهود لضياء خاصة ولكافة الادباء عامة، وهذا واقع معايش على مستوى العالم العربي، الذي يكن لسموه كل الحب والتقدير.
هكذا كان سمو الامير فيصل بن فهد يرحمه الله، رمزا من رموز الخير المسخرة لمساعدة الانسانية بكل ما تحتويه هذه الكلمة من معنى، فكان دوره رياديا في محاربة المخدرات التي تعتبر اليوم الغول الذي يهدد المجتمعات سيما في اعز ما تملك وهو الشباب، فكان للرئاسة العامة لرعاية الشباب دور مؤثر في محاربة المخدرات والتعريف بمخاطرها, وكان دور سموه فعالا ونشيطاً وانسانيا في خدمة الاسلام وقضايا المسلمين ومساعدتهم في كافة انحاء العالم واستقطاع مبالغ كبيرة من دخل المباريات لصالح الجمعيات الانسانية، لدرء الكوارث والتخفيف من آثارها, والامثلة هنا اكثر من ان تحصى، كذلك لا ننسى دور سموه الكريم مع المعاقين والعمل على رعايتهم وتأهيلهم تأهيلا يتواءم مع حالاتهم الانسانية، ويخرجهم من عزلتهم، ليتفاعلوا مع المجتمع، ويكونوا اعضاء عاملين، وإكساب الحالات المتقدمة بعض المهارات التي تساعدهم ولو على اقل تقدير في خدمة انفسهم كمراحل تتابع فيما بعد,, كذلك في مجال الانسانية البحتة نجد ان سموه الكريم كان بتوفيق الله سحابة، تمطر رعاية وعطفاً وانسانية، حرصت على ان تمتد يد سموه الى كل اسرة او شخص تمر به ظروف قاسية، وما اكثر اياديه البيضاء وهي اكثر من ان تحصى، فكم من مريض وقف سموه بجواره ماديا ومعنويا وكم من ثكلى مسح سموه دموعها بمواقف خالصة لوجه الله، وكم من مكلوم كان لموقف سموه الاثر الكبير في التخفيف من مصابه و كم من محتاج تكفل سموه بحياته المعيشية بتوفيق الله، وكم من عزيز ذل فكان فيصل بتوفيق الله خير من يعيد له كرامته، وتأتي مواقف سموه المعنوية والمادية كامتداد طبيعي لما حبا الله به هذه البلا الطاهرة من قيادة حكيمة تحرص دوما على توفير كافة اقصى درجات الراحة والامن والطمأنينة لكل من على هذا الثرى المبارك، فمنذ وحد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه هذه البلاد، ثم من بعده ابناؤه البررة والخير يتدفق من كل صوب، ليعيش الجميع في امن وطمأنينة مميزة, وكان سموه الكريم يضرب كل يوم امثلة رائعة ومؤثرة من خلال تلك المواقف الانسانية الشفافة، فشاهدناه بالامس في عمان وهو في نفس الوقت الذي يتنافس فيه شباب العرب في مختلف الانشطة الرياضية كان سموه يرحمه الله في الجانب الآخر يتفقد احوال الاطفال المعاقين والايتام، كعادة ألفها الجميع من سموه الكريم، والتي تعد بإذن الله من العمل الصالح الذي يرضي الله فيحبب الله الخلق في عبده الخير.
وقد وجدت في سموه الكريم يرحمه الله شخصيا مواقف عدة، اسهمت في رفع كثير من المعاناة مع كثير ممن عرضت حالاتهم عليه، وبالمناسبة احببت ان أشير الى مثل تلك المواقف الانسانية البحتة، في عصر الماديات الذي طغت فيه المادة وحب الذات والنظرة الاحادية والتي اهتزت معها المعايير الا في هذه البقعة المباركة، فكان سموه يرحمه الله مثالاً عصرياً وحياً لكل ما هو خير ومفيد، يعمل بروح الجماعة ونفس الامة، والاشارة لمثل ذلك اعتقد انه عنصر هام، وما اظن سموه الا من اولئك الذين وهبهم الله قلوبا لا تعترف بمساحات محددة ولا بوجوه معهودة، في سبيل فعل الخير، فحق علينا ان نبتهل الى رب العزة والجلال، ان يرحمه رحمة الابرار وان يجعل ذلك في ميزان حسناته، يرحمه الله، وان يلهم كل محبيه الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون، ومرة اخرى جزاه الله خير الجزاء انه سميع مجيب هذا وبالله التوفيق.
صالح المعيض

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
الفنيـــة
الاقتصـــادية
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved